الحلقة الرابعة
-دستور... دستورررر يا سيادنا .. دستوررر
قالها رجل في عقده الرابع بتمدد مبالغ به في النطق، حين أوهج لهيب النيران بإحدى الإناءات الفخارية أمامه بالكثير من المواد المبخرة والمساعدة على الاشتعال .. مما أدى إلى ملئ محيط الغرفة المغلقة بالكثير من الدخان المتصاعد وتقليص الرؤيا بها بوضحٍ تام ..
ليعقبهما ذعر " جميلة " وارتجاف اوصالها دون أدراك، مما جعلها تلتصق بوالدتها لصقًا أثناء همسها المذبذب لها:
-أمه هو الراجل ده بيعمل كده ليه، أنا حسه أن خلفي أنقطع من قبل ما أتجوز، وروحي هتطلع من جسدي ..جزت " عنايات " على أسنانها هامسة لها بحنق :
-ما تجمدي كده يا بت أمال، هو في حلاوة من غير نار ..بادلتها " جميلة" الحديث بريبة خافته وعينيها تسترق النظرات لهيئة ذلك الرجل المرعبة:
-حلاوة أيه يامه عن طريق الراجل ده، أنتي مش شايفه شاكله يخوف أزاي، ولا معلق كام عُقد في رقبته غير كلامه ووشوشته لنفسه بكلام مش عارفين أصله من فصله ولا هو بيكلم بيه مين حولينا ..وكزتها " عنايات " بأحد ذراعيها في جانب جسدها، لتبتر جملتها قبل أن يسمعها أحد قائلة بخفوت من بين أنيابها الحادة:
-أكتمي ليسمعوكي ، ويؤذونا في نهارنا ده ..-سمحوها .. سمحوها .. دستوررررررررر ..
قالها ذلك الرجل مرة أخرى عند اشباع الفحم المشتعلة بقطعٍ من البخور العشبي قاطعا حديثهما الجانبي بنظرات لؤم حادة، جعلت " عنايات " تهلع من ثباتها عند استقبالها، لتدنوا في الحال على ابنتها ترسل مثيلها لها بشررٍ يتصاعد من بين أسنانها المضغوطة:
-شوفتي يا هبلة يابنت الهبلة حسوا بيكي وكنت هتودينا في داهية ازاي ..ما أن أنتهت حتى تطلعت له مرة أخرى قائلة برجاءً حذر:
-أيوه يا سيدنا الشيخ الله لا يسيئك قولهم يسامحوها وميؤذوهاش، دي بنتي الوحيدة ولسه صغيرة وهبلة ومتعرفش حاجة ..صاح بنظرات مسترقه ماكرة لابنتها المذعورة بجوارها، متفحصًا اياها بمساحيق وجهها الصارخة وثيابها الملتصقة والمغريتان في آن واحد قائلاً باقتضاب:
-طلباتك يا ست " عنايات " ..تجرعت ريقها بهلع لتنطق في الحال بنبرتها الملجلجة:
-تـ..تـ.. تسلم يا أخويا من كل سوء .. هـ ..هو طلب واحد ويبقى كتر خيرك عاوزين عمل للمحبة والزواج من إللي أنت وأبوك الشيخ الله يرحمه كنتم بتعملوهم ليا ومش هوصيك ..رمق "جميلة" مرة أخرى بنصف عين أثناء قوله الماكر:
-هي مع مين ؟!حينها انتفضت " جميلة " ووالدتها من ثابتهما بهلعٍ اصابهما، ملتفتين برأسيهما حولهما برعشة متزايدة بعد أن وعيا لما قاله دون أن يخبرانه به، ليقابلهما سكون الغرفة بإنارتها الخافتة والخالية إلا من ثلاثتهما...
أنت تقرأ
يا أنا يا خالتي
Romanceكبرنا على أقوال من ولعهم عشق الهوى .. بأن للحب سحرٍ خفي يصاب به القلوب حتى وأن كانت محصنة .. هكذا دون تريَّث يطرق قلوب الغافلين .. ويحارب أقفالهم الموصدة .. ليجمع أروحًا متشابهة .. ولاسيّمًا لو كان جمعهما هذا ترعرع بالحلال خشية غضب الاله.. ولكننا ب...