الحلقة العاشرة

5.9K 242 17
                                    

الحلقة العاشرة

ما أن أنهت صلاتها مثلما تعلمت في الأواني الأخيرة من زوجة أمام المسجد، حتى تفاجأت بطرق بابها بتوالي، ينذرها بوصل زائرٍ ما عليه .. أو بالأحرى واحدًا من ثلاثةٍ لا رابعًا لهم ..
صديقتها الحنون، أو والدتها، أو عاقد قرانها "جابر" الذي يأتي بصفة دورية لتسليمها إيرادات المقهى، بعد أن تولى مشكورًا مهامها بالنيابةٍ عنها وعن صبيها السابق "جعبور"، الذي صدر بحقه حكم قضائي بثلاث سنوات بينما زوجة أبيها وابنتها حُكما عليهما بخمسة عشر عامًا مع الأشغال الشاقة .. بعدما أكُتشف أمام الجميع كل مخططاتهم الخبيثة ..

وعلى ذكر ما فعلان تنهدت بعمق مرير .. فعلى ما يبدوا أنها لم تنسى .. ثلاث أشهر مضت ظنت بهم أنها ستنسى، ولكن أضحى أمام "علياء الداخلية" أو أكثر تدقيقًا "علياء العاشقة" بأن أوجاعها كما هي، بل تزايدت كلما استنشق أنفها عبقه في الهواء الطلق !

كثيرًا من العلماء قبل سائر البشر بوجهة نظرهم الواقعية المستندة على البحث والأدلة قد لا تصدقها أو حتمًا ستكذبها !

فكيف كلاهما في طابق مختلف وبينهما الكثير من الأمتار التي قد لا تساعد أي أحدٍ على تميز روائح المكانين، والأكثر تأكيدًا بأنهما لم يتقابلان إلا مرة واحده أو مرتان في تلك المدة الماضية، ويُميز أحدهما رائحة الأخر في الهواء حوله كأن صاحبه محاطٍ به !!

ولكن عفوًا أيها العلماء بقوانينكم ونظرياتكم الموثقة فقد عصت تلك القاعدة خطاكم، واثبتت ببراهينها المثبتة أحقيتها في الوجود مثل أبحاثكم !!

"قاعدة عشق الروح" تلك القاعدة الاستثنائية التي لم يستطيع أحد فك شفراتها ليعلم اسرارها إلا من غرس بخبايا العشق حتى النخاع .. رغم تعرج طرقه، وأشواك خفاياه ..

انتصبت من جلستها تطوي مصلاها لتشاهد من ببابها بعد انسحابها من مرارة الماضي، ثواني معدودة حتى وصلت إليه ليضحى أمام عينيها الذابلتان صديقتها كما توقعت ..
فقالت بهدوء خافت وهي تعيد تثبيت وشاحها المنزلق بتوالي من على رأسها :
-تعالى يا "منى" أدخلي ..

ما أن ولجت خلفها بصفحة وجه مشفقة حتى هتفت باستياء:
-مش كفياكي بقى يا عليا .. لحد أمتى هتفضلي حبسه نفسك كده في الشقة ..

تطلعت لها "علياء" بابتسامة مخادعة قائلة من بينها :
-اللي يسمعك كده يقول حبسة نفسي فعلا ومبشوفش الشارع ..

ثم استرسلت بمراوغة :
-امال مين ياختي اللي نزلت تتعلم الصلاة عند مرات شيخ جامعنا ؟!

برزت مقلتي "منى" أثر جملتها قائلة باندهاش :
-هو أنتي بتسمي المرة ولا المرتين دو نزول يا "عليا" لا وكمان في ٣ شهور حابسة نفسك فيهم؟!

نكست "علياء" رأسها في خزي مربك، رافق فرك يديها بارتباك مما دفع "منى" حين لاحظت حالتها لتردد بحزن :
-حساكي لسه بتحبيه يا "عليا" وبتكدبي على نفسك قبلنا ؟!!

يا أنا يا خالتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن