تأثرت فنّي بلطفها وهي تمسك بيدها البارده عندما توجهتا إلى الفندق بعد عقد القِران وكانت تؤكد لها أنها محظوظة برجل محبّ كهذا. اعتادت فنّي على الوحده، فلم يكن لها من يعتني بها او يحبها وصارا شعورها بالوحده جزءاً من حياتها، ولكنها لم تكن جاهزة لمواجهة حقد واحتقار هراكليون عندما شدها من يدها وقادها من المطعم إلى السيارة التي كانت في انتظارهما لتقلهما إلى مسرح أولدويتش .
كانا صامتين وهما في طريقهما إلى المسرح وعندما نزلت فنّي من السيارة ووجدت نفسها في الأضواء المشعّه لمع معطفها مثل قشر السمك وبدت كأنها اوفيليا حبيبة هاملت التي جنت وغرقت... فيما كان زوجها بطوله المديد وسحره القاتل يقودها إلى مقصورتهما.
سمع حفيف المعطف وهي تجلس...ولفت ذلك أنظار الناس الذين رأوا ف يوجهها وجه أية امرأة عادية لا وجه عروس... ومال زوجها نحوها فأحست بأنفاسه الحارة وهو يهمس في أذنها عبارة هاملت أمير الدنمارك:
(( انا رفيع النفس ومنتقم وطموح)) .
لم تنظر فنّي إليه خوفاً من انهيار أعصابها . أخذت أنوار القاعة تعتم تدريجياً وستائر المسرح تنفتح ، وهناك على خشبة المسرح رأت قصر الأمير.. والمشهد الذي سيرتفع فيه عالياً صوت وغضب شكسبير بفم ممثليه.
أتت فترة الاستراحة الثانية وفيها أصاب فنّي نوع من الجنون قد يكون بتأثير من اوفيليا التي عملت المستحيل لتكسب حب هاملت. أرادت أن تخرج لحاجة ضرورية فاعتذرت من هراكليون وخرجت ، وبدلا من ان تذهب إلى المكان الذي عنته لزوجها اختلطت بجموع الناس الذين كانوا خارج القاعة يدخنون ويناقشون المسرحية ، وشقت طريقها خارجاً.
فأصبحت الآن في الشارع لفت معطفها حول جسمها وهي مسرعة الخطى متجهة نحو شارع ستراند . كان وجهها في ضوء السيارات الساطع بلون الجليد . كانت تهرب من هراكليون ولكن دون أمل في التخلص منه ، ولكنها كانت حرةً في هذه اللحظة على الأقل وبعيدا عن إهانته .
عبرت فنّي الشارع إلى الجهة المقابلة حيث نزلت بضع درجات أدت بها إلى شاطئ النهر . ووصلت إلى أنفها رائحة النهر الذي اجتذبها مثلما اجتذب اوفيليا من قبلها. ووصلت إلى حافة الماء المعتم فاتكأت على إفريز الجسر .
ادخل هدوء الليل والأضواء الناعمة شعوراً بسلام مؤقت إلى قلبها ، وأحست ببهجة داخلية وهي في وسط جمال لندن القديمة الصامدة . وأرادت أن تستسلم لهذا الهدوء . ولكن عندما نظرت إلى الماء رأت فيه عينين تلمعان وسمعت صوتاً هادراً يختلط بصوت ضجيج حركة السير البعيدة . وأحست بيد تلمسها ابرد من حجر الجسرالبارد .
بكت فنّي على الفور....لان جزءاً من شقائها كان بسبب بينلا التي هربت بجلدها وتركت هراكليون يستعمل السوط على جلدها هي . عندما كانتا زميلتي دراسة كانت بينلا تنجو دائماً من العقاب وتتورط هي بسبب صدقها وأمانتها وكان عليها ان تدفع الثمن .
أنت تقرأ
دمية خلف القضبان
Romanceاكذوبة واحدة تكفي احيانا لتفتح ثغرة بحجم المرارة في حياة اثنين .... والمرارة طريق شائكة بلا عودة والدافع هو الحب الجنوني.... ولكن النتيجة غالبا ما تكون القسوة أوالإحتقار, أو الاثنين معا ...... هذا ما اكتشفه هراكليون مفراكيس الثري اليوناني الذي يتحك...