الجزء السادس عشر:(الصفقة)

2.4K 61 0
                                    


فتحت فني عينيها فرأت الأشياء مغبشة . ولم تتأكد من الوجه المنحني فوقها إلا أنها رأت عرقا يتحرك في رقبته وشيئا لامعا يتدلى منها . عبست لأنها لم تستطيع تمييز الأشياء . ولكنها ثبتت نظرها أخيرا واتضح لها الآن أن الوجه المنحني فوقها نحيل نوعا ما . وبدأ الضباب ينقشع من عينيها ولكن الألم الداخلي ظل يذكرها بشيء لم تكن تميزه بعد.

ابتسم زونار وأخذ كلتا يديها ورفعهما إلى شفتيه قائلا:

(( تحياتي ! هل تعرفينني ؟هل تميزين الأشياء الآن ؟.))

أومأت برأسها وظنت لأول وهلة أن المتكلم شخص آخر . وأنها تلفظت باسم ذلك الشخص. وتكلم زونار بصوت حنون وهو مازال يحمل يديها :

(( يسعدنا أن نراك بين ظهرانينا . هل أنت مسرورة بعودتك يا فنيلا ؟))

(( اشعر... كأني آتية من بعيد....بعيد ))

دارت بعينيها في الغرفة فعادت إليها صور الأشياء المألوفة ، مثل القنديل المدلى أمام أيقونة في الكوة . وسألت :
(( ماذا جرى يا زونار؟ ))

ميزت وجهه وملامحه الجميلة رغم بعض التجاعيد الخفيفة .

(( كان المنحدر قويا عند المنعطف عندما برز كلب أمام سيارتك فجأة وأنت تقودينها ، وقد أنقذك صبي من السيارة قبل انفجارها . انه بطل صغير هذا الصبي .))

(( أنا شاكرة له صنيعه .))

تذكرت تلك اللحظة عندما فقدت السيطرة على السيارة واصطدمت بالصخور. ارتعش جسمها فأحس بذلك زونار فضغط على يديها.

(( لاتفكري في ذلك . كل شيء انتهى وأنت الآن بيننا معافاة وفي تحسن مستمر .))

لم تبعد نظرها عن عينيه لتتبين ماعناه بعبارة (تحسن). قالت :

(( التحسن ممّ؟ منذ متى أنا في...أنا...مريضة؟ .))

(( منذ عدة أيام . كنت نائمة معظم الوقت وأخذت تعودين إلى رشدك تدريجيا. وكانت الممرضة تغذيك بحساء الدجاج فقط .))

(( منذ عدة أيام...! لا أتذكرها مطلقا. ربما فقدت ذاكرتي .هل أصيب راسي بضربة؟ ))

(( اجل ، عند الاصطدام . هناك جرح في راسك ولكنه لن يترك ندبة .))

(( ندوب. انظر، هذه ندوب .))

(( كلا ))

قال وهو ينحني فوقها ثم تابع :

(( لم يصب وجهك شيء يا عزيزتي .))

يقول (عزيزتي ). أعادت إليها هذه العبارة ذكريات وذكريات ، منها الحلوة ومنها المرة ، ومنها مرأى يدين أقوى واخشن.

(( إني غير مهتمة بوجهي.))

برزت الحقيقة الآن بكل بشاعتها وهولها. أرادت أن تصرخ ولكنها قالت وهي تضبط أعصابها بصعوبة كبيرة :

دمية خلف القضبان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن