قال ممتدحا:
(( عمل جيد. والآن أعرف إلى من التجئ عند تراكم العمل . كما انك تعرفين يا سيدتي ماهو دخلي من محلات قهوة الاكسبريس)).
لا تعرف هذا فقط بل تعرف كيف ينغص عليها لحظة شعرت فيها بقليل من النشوة عندما يتعمد النيل منها . فقالت دون أن تنظرإليه :
(( نعم ، اعرف . لابد انك راض عن مدخولك الكبير من محلات القهوة)).
ضحك بخشونة وناولها ساندويتش من الخبز الأسمر بالجبن والزبدة وقال :
((هل مازالت مخالبك قوية لتخدش ؟)).
(( أملي أن تكون كذلك . شكرا ))
وجدت الساندويتش لذيذ الطعم ونكهة القهوة منعشة ، ويبدو أن مشاكسات هراكليون واهاناته لها تشحذ قابليتها للأكل . فأكلت بشهية كبيرة ، ورأته من طرف عينيها ينظر إلى جلدها من فتحة القميص الزهري وتفهم فنّي أن معنى كل نظرة من هذه النظرات لمسة يد تذكرها بما جرى في أول ليلة لهما. وبما سيجري من الاندفاع الجنوني الذي يغرقها في كل شيء ماعدا الغاية التي يتوخاها : أن يسمع منها عبارة "أنا حامل".
قطع زونار عليها خيط تفكيرها عندما قدم لها طبق الحلوى لتتناول منه قطعة . تذكرت حلوى مثل هذه في بيت عمها عشية الزفاف . كان قرص الحلوى ابيض كالثلج تغطيه أزهار مصنوعة من السكر المجمد والمزين بجرسين من الفضة الأصلية .
(( تناولي منه يا فنيلا . يجب ن تتذوقي قرص زفافك)).
تعلم فنّي آن زونار يحب المزاح ولا يقصد توجيه كلام لاذع او ذي معنى ، ولكنها أحست بقشعريرة برد تسري في عروقها ويهرب الدم من وجهها وتصابرت على نفسها وقالت :
((هذا ليس قرصي أنا . كلنا نعرف ذلك . أليس هذا صحيحا ؟ ))
((في كل الأحوال يجب أن تأكلي منه . هذه هي التقاليد ))
(( لماذا ؟ هل هذا يؤمن ولادة صبي لطيف لزوجي اليوناني ؟)).
خيم عليهم صمت رهيب ولم ينبس احدهم بكلمة واحدة لان ما قالته مسّ كل واحد منهم . لم تقصد أن تكشف عن عمق آلامها ، ولكن زوجها هو الذي يدخل اليأس الى قلبها بقساوة قلبه الحجري . كانت تأمل مثلا أن يلين قلبه ولو قليلا في ليلته الأولى ولكن خاب أملها .
رمت برأسها إلى الوراء فانفرش شعرها كبساط من ذهبي توهج كالنار حول وجهها ، ولما تطلعت في وجه هراكليون بقي نظره متحجرا وأما أعصابها فلا يبعد أن تنهار.
(( لنأمل فقط أن يكون ألطف طبيعة من طبيعة والدته. افتحي فمك!))
(( إني ارفض...لست فقمة افتح فمي حتى تلقمني سمكة!)).
(( أنت عنيدة يا عزيزتي . تتصرفين كالأطفال . كلي قطعتك...وأحبيها )).
نفذ صبرها ولم تعد تدري ما تقول فصرخت فيه متعمدة إهانته :
أنت تقرأ
دمية خلف القضبان
Romanceاكذوبة واحدة تكفي احيانا لتفتح ثغرة بحجم المرارة في حياة اثنين .... والمرارة طريق شائكة بلا عودة والدافع هو الحب الجنوني.... ولكن النتيجة غالبا ما تكون القسوة أوالإحتقار, أو الاثنين معا ...... هذا ما اكتشفه هراكليون مفراكيس الثري اليوناني الذي يتحك...