اعتادت فنّي على حياة القصر في الأسابيع التي تلت وصولها إلى الجزيرة ، ومع مرور الأيام وجدت متعة في هذا القصرالأبيض الواقع على قمة تل يطل على البحر... حيث الطقس الرائع لم تشهد له مثيلا في حياتها...والبحر ذو الزرقة الصافية يبعث الأمل في قلوب أكثر الناس تشاؤما ، وفنّي ذاتها لا تشكو من ضجر او حزن تحت أشعة الشمس الإغريقية ، سيّما وأنها الآن زوجة هراكليون مفراكيس المقبولة من قبل الجميع.أما زوجها فعامل لا يكل ولا يمل وكم من مرة يطير بالهليكوبتر في صباح يوم باكر ولا يعود إلا بعد بضعة أيام...لانشغاله بأعمال في أثينا او قبرص و أحيانا في اسطنبول .
وغالبا ما يرافق زونار في سفراته فتبقى إدارة الجزيرة في يدي ديمتري القويتين الرصينتين . ولكن ديمتري هذا لم يهضم بعد فكرة قبول فنّي في حياة العائلة . أما زوجته فقد وجدت فيها امرأة من الطرازالحديث ظريفة جدا ولكن متبرمة تنظر إلى فنّي بفضول . وهذه الزوجة ، واسمها أدلينا ، لم تصادق فنّي تماما ولكنها أبدت استعدادها لمعاشرتها أكثر من زوجها .
مضى على زواجها من ديمتري خمس سنوات ولم يرزقا بطفل...إلا أنها تعترف لفنّي أنها تفضل هذه الحال على عناء تربية الأطفال وزوجها لم يتذمر من عقم امرأته التي يحبها حبا جما، لذا لم يفرض عليها حقه في صبي تنجبه كباقي اليونانيين .
وقالت بصوتها الحالم :
(( إنهم يبالغون كثيرا في تمجيدهم لام الأولاد . وهذا الأمر وحده يشوه صورة الرجل اليوناني ويحوّل أنظاره إلى الأولاد فقط)).
ابتسمت فنّي مجاملة ولم تبد رأيها . فهي تعرف مخاوفها السرية من إنجاب طفل لهراكليون .. لذلك فأدلينا آخر امرأة تأتمنها على سرها.
و(اليكو) ابن زونار بهجة الأنظار ولكن مربيته تحب الاستئثار به وتظهر درجة ولو صغيرة من العداء لفنّي . وربما راودتها فكرة أنها قد تكون واقعة في حب زونار وهو شاب جذاب جدا.
وبالرغم من تمتعها بالعيش في القصر الأزرق فحياتها فيه مليئة بالتحديات. ولكنها لا تبالي بذلك . لأنها لا تريد الظهور بمظهر الانهزامية المقهورة أمام هراكليون الذي لا يحبها . هناك بارقة أمل في أن يلين ويغير معاملته لها ولكنها تعرف أن أملها هذا ريشة في مهب الريح ومع ذلك تتمسك به . وإذا تخلت عنه لن يكون مستقبلها إلا فراغا مظلما لا تدخله الشمس .
تبدأ حياتها اليومية بالنهوض من نومها وسط جمال طبيعي أخّاذ يعطره أريج الليمون . وتستغرق في النظر إلى الأيقونات او سماع صوت الهليكوبتر وهي تترك المطار حاملة هراكليون الذي يسافر دون كلمة وداع ، ولكنها تتقبل ذلك بشهامة وتدفن انزعاجها في ثوب الحرير الصيني المفضل لدى بينلا والذي يلائم شقرتها الفاترة .
بعد تلك الليلة الأولى في القصر اخذ هراكليون يتجاهل مزاجها فكان يأتي إلى غرفتها ويخرج منه حسب هواه . وافهمها ذلك بقولة في صوت حازم :
أنت تقرأ
دمية خلف القضبان
Romanceاكذوبة واحدة تكفي احيانا لتفتح ثغرة بحجم المرارة في حياة اثنين .... والمرارة طريق شائكة بلا عودة والدافع هو الحب الجنوني.... ولكن النتيجة غالبا ما تكون القسوة أوالإحتقار, أو الاثنين معا ...... هذا ما اكتشفه هراكليون مفراكيس الثري اليوناني الذي يتحك...