وفي نهاية الأمر تم الاتفاق على السعر وأصبحت قطعة الحرير ملكا لفنّي .
سالت زونار عما قاله البائع التركي عندما خرجا من الحانوت ... وهو قبو ملئ بالبضاعة ذات الألوان الزاهية ، وكانت قد أمنت على القطعة في جزدانها لان اليونانيين لا يحملون طرودا.
فالتفت إليها وقال وهو يبتسم :
(( قال التركي أن الحرير يطابق شعرك . وانه سيكون أحسن ثوب نوم ترتديه حورية . رأى الخواتم في يدك وظن أني زوجك .))
استغربت فنّي إلى أنها لم تفكر في أن تنزع الخواتم من يدها. لقد آن الأوان...ولكنها حتى ولو أزاحت الخواتم جانبا فلن تستطيع أن تزيل من فكرها صورة هراكليون...على الرغم من أنها أفرغت قلبها منه .
ذهبا لزيارة آثار مدينة الأكروبول التاريخية عند غروب الشمس . هذه المدينة القائمة على أعلى تل في أثينا. وهناك وقفا . كان زونار واقفا بجانبها كتمثال من البرونز . ولاحظت فني كيف كانت السائحات ينظرن إليه وفي عيونهن شوق لان يكون هو رفيقهن بدلا من أولئك الرجال البدينين المتعبين . ولا تنكر فنّي أن لرجال اليونان أبهة عارمة . وقطع زونار أفكارها عليها عندما امسك بيدها. ونزلا معا درجات السلّم العريضة وتوقفا عند امرأة تبيع الفستق والزبيب الناشف. كان زونار يتأمل فنّي وهما يقضمان الفستق ويعجب بفستانها الأخضر البسيط الذي تبدو فيه وكأنها سترتفع في الفضاء وتطير.
وقال يمتدحها :
(( تذبل الشمس أمام شعرك . جلدك بلون العسل الصافي والسواد اختفى من تحت عينيك . كم أتمنى أن يتاح لي أن أعلن أمام العالم انك لي . عندما ينظر الناس إلينا يعتقدون ذلك ، فهل سيتحقق هذا يا فنيلا؟.))
(( أنا...أنا لا اعرف حقا . ألا يكفي هذا في الوقت الحاضر؟ .))
(( وهل تكتفين به... في الوقت الحاضر؟.))
(( أرجوك يا زونار . أحب أن تفهم أن الأيام القليلة التي أمضيتها معك بلا هموم ولا سموم أراحتني وأعادت إلي الحياة . وأنا ممتنة لك كثيرا .))
(( ممتنة ؟ لم أفكر أبدا في أن هذه العبارة تثير اهتمامي ! كل ما هنالك هو أن أكون رفيقا جيدا لك .))
(( انك هذا الرفيق الجيد .))
((هذه المرة الأولى التي أرافق فيها فتاة في جولة عذرية.))
(( ألاتستمتع بهذه الجولة ؟ الم تكن بمثابة تبدل في حياتك اليومية؟.))
أضحكه كلامها وقال :
(( أنت تشحذين شهيتي للأكل أيتها الانكليزية . لنذهب إلى مطعم الدلفين الواثب.))
كان المطعم قائما بين أشجار التين واللوز والأزهار، يقدمون فيه لحم الخروف المشوي على السيخ والخضار بالصلصة . وكان عدة رجال يرقصون الرقصة اليونانية الشهيرة السرتاكي وهي تشبه الدبكة العربية، خاصة اللبنانية ، في بعض نواحيها . يضع كل راقص يده على كتف جاره وتتبع حركة أرجلهم وقفزهم إيقاع الموسيقى . وغالبا ما ينهض الرجال من مختلف الأعمار ليرقصوها كأنهم يعبرون عن فرحتهم بالحياة .
أنت تقرأ
دمية خلف القضبان
Romansaاكذوبة واحدة تكفي احيانا لتفتح ثغرة بحجم المرارة في حياة اثنين .... والمرارة طريق شائكة بلا عودة والدافع هو الحب الجنوني.... ولكن النتيجة غالبا ما تكون القسوة أوالإحتقار, أو الاثنين معا ...... هذا ما اكتشفه هراكليون مفراكيس الثري اليوناني الذي يتحك...