(17)

2.9K 153 10
                                    

(بقلم : نهال عبدالواحد)

ذهبت جميلة لمنزلها، تشعر بريبة اتجاه والديها، لم تتحدث لأيهما، اكتفت بالجلوس وحدها من يومها حتى إنها قد أهملت عملها، لا تُرى إلا وقت الطعام، تأكل في صمت تام بضع لقيمات ثم تنصرف لا تريد المناقشة، ليس لديها أي طاقة.

أما حسن فمنذ يوم الفرح وهو يفكر في تلك الخطوة التي لابد منها رغم صعوبتها و إرتفاع نسبة فشلها، فكر أن ينتظر عودة ممدوح من رحلة شهر العسل ليكون سندًا له، لكنه عندما أمعن التفكير رأى أن عليه الإعتماد على نفسه دون انتظار من يسنده فليقدم على هذه الخطوة و ليكن مايكون.

بالفعل ذهب حسن ذات يوم إلى بيت جميلة متهيئًا لمفاتحة والدها في أمر خطبتها ذهب وجلس كثيرًا وحده حتى كاد أن يمل لكنه رأى أن يصبر و يطيل باله، إنها جميلة، إنها ست الحسن والجمال، إنها النجم العالي الذي يريد الوصول إليه، إذن فليصبر و أخيرًا جاء سراج و ديدي فسلما عليه و جلسا فترة أخرى في صمت.

اضطر حسن أن يقطع هذا الصمت قائلًا: أنا بعتذر إني جيت من غير ميعاد بس بصراحة في موضوع مهم لو تسمحلي اتكلم فيه.

قال سراج: اتفضل.

تحدث حسن: بصراحة أنا يسعدني ويشرفني أطلب إيد بنت حضرتك.

أسند سراج طرف إصبعه أسفل ذقنه وأهدر: امممممم، عايز تخطب بنتي يا سطا حسن، مش حسن برضو!

أومأ حسن وأردف: أيوة يا فندم، عارف إنكم مش قادرين تشوفوني غير الاسطي الميكانيكي اللي كله شحم، ومش هنكر ده، بس أنا أصلًا مهندس وهو ده مجالي، يمكن أكون بدأت بسيط جدًا، لكن الحمد لله، الدنيا اتحسنت معايا كتير دلوقتي وإن شاء الله هتتحسن أحسن وأحسن، أنا سقف أحلامي بيعلى و بيعلى وإن شاء الله أقدر أحقق.

كان يتحدث حسن و يوجه حديثه بالكامل لسراج ولم ينظر نحو ديدي إطلاقًا لكنها تدخلت: مش شايف إن الفرق كبير أوي!

نظر حسن إليها بتعجب وأجاب: بس ده ماكانش رأي حضرتك أول ما شوفتيني واتكلمتي معايا.

أجابت بتوتر: ماكنتش أعرف حقيقتك.

أومأ حسن قائلًا: لا يافندم، اللي وقفتي معاه وكلمتيه و عجبك هو أنا سواء لابس بدلة أو عفريته مشحمة.

تابع سراج: المشروع اللي انت فرحان بيه ده ممكن عادي يفشل، بالنسبة لممدوح هو بيتسلى ومعاه اللي يغنيه ومش هيفرق معاه، لكن انت بأه هتعمل إيه ساعتها؟!

قال حسن بثقة: هقوم أقف على حيلي وابدأ من أول و جديد، اللي عمل مرة يقدر يعمل مرات ومرات و الراجل هو اللي بيعمل الفلوس مش العكس، وأي مشروع ممكن يقع ف أي لحظة.

قال سراج: ما تخليك دغري وهات م الآخر.

عقد حسن حاجبيه بعدم فهم وتابع: مش فاهم.

استطرد سراج: انت عارف كويس إني ما خلفتش غير جميلة، يعني بنت، يعني بعد عمر طول ولا قصر هتورث هي و ممدوح فحطيت أختك ف سكة ممدوح وانت جيت ف سكة بنتي واستغليت سذاجتها بشوية إسطوانات مشروخة حب وهيام...

كاد حسن ينفجر غضبًا لكنه تمالك نفسه، قاطعه بهدوء: طبعًا العمر الطويل لحضرتك، بس كلام حضرتك مالوش أي أساس من الصحة أنا أختي ما بتروحش ف أي حتة و ممدوح شافها بالصدفة عندنا ف البيت من غير ما نعرف إنه عم جميلة، أما جميلة فيوم ما حبيتها حبيت جميلة البسيطة سواقة التاكس الشقيانة الجدعة، وعمر ما خطر على بالي تكون غير كده، ويوم ماعرفت هي تبقى مين طردتها من حياتي وطردتها بمعنى طردتها قولتلها مش عايز أشوفك تاني واخرجي من حياتي لأن ساعتها شوفت نفسي صغير أد إيه، أدامها رغم كل الوجع والألم اللي جوايا بس عملت كده، وعدت سنين وسنين مانعرفش حاجة عن بعض ولا بنشوف بعض إلا ف الأحلام لحد ما قابلتها من جديد الحفلة إياها و إتفاجئت إنها لسه مستنياني وقدرت موقفي ساعتها، بنتك مش ساذجة وحضرتك عارف ده كويس، إحنا حبينا بعض وأنا تعبت وشقيت وكبرت عشان أبقى جدير بيها و جاي لحضرتك م الباب و أوعدك إنها تكون ف عيني هحفطها و أصونها وأراعي ربنا فيها و أكيد ده اللي يهمك، أما المستوى و الإمكانيات فعمري ماهبخل عليها بحاجة طول ماهي ف حدود إمكانياتي و إن شاء الله ربنا هيفتح علي و يرزقني إن شاء الله، بس حضرتك وافق وقول آه.

كان سراج يستمع إليه وبدأ الإعجاب به يتملكه و قد شعر حسن بذلك فزاد من حماسه في الحديث حتى قاطعتهم ديدي: انت بتسمع ف إيه؟! ده إسمه تضييع وقت، حضرتك ما عندناش بنات للجواز، جوجو اتخطبت خلاص لدكتور رامي ابن خالها والفرح قريب.
ووقفت وقالت: شرفت.

وما أن قالت حتى وقف حسن وسراج في دهشة وصدمة، في تلك اللحظة كانت جميلة تهبط من أعلى و لم تكن تعلم بوجود حسن حتى إنها بلبس المنزل.

ما أن رأت حسن فرحت بشدة، تهللت أساريرها فقد فهمت سبب مجيئه، وما سيكون سوى خطبتها!
أسرعت الخطي نحوه، جريت وتعلقت في رقبته تعانقه بشدة من سعادتها، لكن حسن كان واجمًا لا يتحرك حتى أن يديه بجانبه فابتعدت قليلًا ولازالت تتعلق في رقبته.

نظر نحوها حسن نظرة طويلة حزينة ثم نزع يديها برفق وانصرف فأدركت جميلة وقتها أنه قد رُفض فجريت خلفه تنادي عليه بكل صوتها: ارجع يا حسن، مش هكون لغيرك يا حسن، يا حسسسسن!

عادت تنهج بشدة تتلاقط أنفاسها بصعوبة و تنظر بينهما، ثم صاحت: رفضتوه ليه؟! عشان كان ميكانيكي! بس هو أصلًا مهندس و دلوقتي مهندس، إنتِ نفسك شوفتيه وعجبك يا مامي، ليه عايزة واحد حسب و نسب وخلاص؟ و لا العرسان عندك تيمو وميدو و كوكي ولاد صحابك اللي بتعرفيني عليهم؟! لا حسن راجل، إزاي ما تعرفيش يعني إيه راجل وانتِ متجوزه بابي؟! الرجولة عندي يعني حسن، وقلبي ما دقش و لا هيدق إلا لحسن.

صاحت ديدي: مفيش داعي لكل ده، رامي ابن خالك خطبك وأنا وافقت وخلاص.

صاحت جميلة بثورة: راااااامي! ده أنا ما بقبلهوش أصلًا أتجوزه! أقولك ده انا حتى ما بقبلش أخوكِ ده كمان، طالع فيها على طول وبيتعوج على خلق الله، أنا مش هتجوزه، مش هتجوزه، مش هتجوزه.

ظلت تكرر تلك الكلمة كثيرًا بصراخ ثم صعدت جريا نحو غرفتها تبكي بشدة..............................

NehalAbdElWahed

(حسن وست الحسن والجمال)     By: Noona AbdElWahedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن