الفصل الخامس قتلتني عيناها بقلمي حنين أحمد (ياسمين)

2.6K 102 0
                                    

              الفصل الخامس
قبل عدة سنوات
كانت بطريقها كالمعتاد للعائلة التي احتضنتها صغيرة، العائلة التي جعلها چون تتواصل معها حتى تعرف أمور دينها وعادات مجتمعها..
عائلة مصرية كعائلة والدها التي لا تعلم حتى لِمَ تركوها لأم لا تريدها!
وصلت لمنزلهم وطرقت لتفتح لها فتاة يبدو من ملامحها أنها عربية أيضا فابتسمت لها تلقائيا كما تفعل أمام أي شخص أو حتى شيء
عربي..لا تفهم لِمَ ولكنها تحب جذورها العربية وتفتخر بها على الرغم أن كارين تهين كل ما هو عربي أمامها على الدوام وتشوّه صورتهم..
ابتسمت لها الفتاة بلطف وهي تقول بانجليزية سليمة:"تفضلي بالدخول"
أجابتها رُسُل بالعربية بالكلمة الوحيدة التي اعتادت على نطقها بشكل سليم:"شكرا"
ناظرتها الفتاة بدهشة ثم ابتسمت وهي تقول:
"!تعرفين العربية"
"قليلا، وما انطقها بشكل جيد"
ضحكت ضحكة صاخبة جعلتها تشعر بالخجل ولكنها أحبت ضحكتها كثيرا وشعرت بالألفة فعادت للتحدث بالانجليزية التي تستطيع التعبير بها عن نفسها افضل من العربية:
"أعلم أن نطقي للعربية مريع ويثير السخرية ولكني أحاول جاهدة للتعلم ورغم ذلك الكثير من الحروف لا أستطيع نطقها بشكل صحيح"
"ما يهمك، انا حساعدك"
وقبل أن تسألها من هي وما المدة التي ستمكثها هنا حتى ظهرت صفاء.. من اعتبرتها بمنزلة شقيقتها الكبرى التي لم تحظَ بها
"شايفة انك اتعرفتي على رُسُل! تعالي رُسُل ادخلي، ايه رايك في خولة؟ هتكون صديقتك الجديدة الفترة دي"
ابتسمت رُسُل ولكنها لم تفهم مَن خولة ولِمَ هي هنا!
"خولة قريبة صديقتي العراقية وهي جت هنا عشان تدرس بالجامعة اللي ادرّس فيها، هي دكتورة وهي هنا عشان تاخد التخصص
بتاعها، اول ماشوفتها حسيتكم هتكونوا اصدقاء خاصة انها اكبر منك بس بسنتين مش عجوزة زيي"
ابتسمت رُسُل ثم قالت بشقاوة:"لو سمعكِ عمر لترككِ وتزوّج عليكِ"
ضحكت صفاء وهي تقول:"ومين ال هيسيبه يعمل كده؟! قاعدة على قلبه انا"
صدح صوت عمر من خلفهن يقول بشقاوته المعتادة:"على قلبي زي العسل"
وتبع جملته بغمزة فتحوّل وجه صفاء لثمرة طماطم ناضجة وضحكت كل من رُسُل وخولة ليقول عمر:"ازّيك رُسُل؟ وازي چون؟ واخواتك؟"
ابتسمت وهي تعلم أنه لن يسألها عن كارين أبدا فهو لا يطيقها أبدا:"بخير شكرا"
ضحك وهو يقول:"لغتك كل مدى بتتحسن برافو عليكي انا فخور بيكي يابنتي"
ابتسمت وهي تمنع دموعها من النزول وتكبح إحساسها بالألم داخلها وهي تقول:"لو حد سمعك تقول بنتي هيظنك كبير"
ابتسم بشقاوة مصطنعة وهو يقول:"برضه هتفضلي بنتي غصب عن اي حد بس اوعي تقولي لي بابا قدام حد عشان مايقولش
عليا عجوز"
استجابت له وهي تصطنع ضحكة خفيفة وصفاء تنظر لهما بحب وبداخلها توافق زوجها: (أجل عمر،ربما لم يكتب الله لنا الأطفال
لكنه عوّضنا برُسُل ولابد أن نكون شاكرين له على الداوم.. رُسُل تستحق أم حقا وليس تلك الباردة التي تخجل منها الأمومة).
***
"يا إلهي رُسُل لقد تعبت يا فتاة، ألا تتعبين من المذاكرة؟"
رمقتها رُسُل بحنق مصطنع وهي تقول:"وهل هذا مظهر فتاة جاءت حتى تحصل على التخصص؟ أنتِ كسولة ولا أعلم كيف تمكنتِ
من أن تصبحي طبيبة!"
"أشعر بالجوع رُسُل ولا أستطيع المذاكرة وأنا أشعر بالجوع"
"يا إلهي خولة! انتِ تشعرين بالجوع كل خمس دقائق.. ما بالك يا فتاة أشعر أنكِ ستلتهميني بوقت ما"
ضحكت خولة بقوة وهي تقول:"ليس ببعيد فأنا عندما أجوع التهم ما أمامي على الفور"
لتشاركها رُسُل الضحك وهي تقول:" حسنا هيا بنا قبل أن تأكليني"
ذهبا لمطعم قريب من المكتبة التي كانتا تجلسان بها وجلسا بانتظار الطعام..
"كيف تعيشين هنا رُسُل؟! أو ربما السؤال هو كيف حافظتِ على براءتك ونقائك في هذا العالم الملوّث؟"
"الفضل بذلك بعد الله يعود ل چون، هو من جعلني أتمسك بهويتي العربية المسلمة، هو من وقف بجانبي وساندني دوما، أدين له بحياتي وأحبه ربما أكثر شخص بالدنيا كلها"
"چون هو زوج أمك؟"
سألتها خولة لتعقد حاجبيها قائلة:"أجل زوج كارين"
ثم أخرجت صورته وإخوتها وأعطتها لخولة قائلة:"أغلى أشخاص بحياتي"
أمسكت خولة بالصور ثم صاحت بلهجتها دون وعي:"واو شنو هالجمال كوله؟ هذا زوج امك؟زوجيني اياه رسل أرجوچ"
ضحكت رُسُل بقوة غير قادرة على كبح ضحكاتها على مظهر خولة المفتون ب چون..
هي تعلم أنه وسيم جدا حتى أنها فكرت ذات مرة لِمَ تزوج بامها؟
ولِمَ يحبها بهذه الطريقة على الرغم! أنها اقل منه بكل شيء؟
"وين صورة امك؟ آ. آ اقصد كارين؟"
أخرجت صورة جماعية لهم كانت تحتفظ بها ولكنها لم تكن تنظر لها إلا نادرا فهي لم تعد تعتبر كارين جزء من عائلتها منذ فترة طويلة
بالتحديد منذ ذلك الموقف بينهما.. حرّكت رأسها لا تريد التذكر وهي تعطي الصورة ل خولة..
شهقت خولة بقوة وهي تقول بطريقة جعلت رُسُل تنفجر ضاحكة:"شلون تكون هذي امك؟! استغفر الله هذي يحبها هذا الوسيم؟! وچان قبل يحبها والدك همين؟ انتي متاكدة انها مكانت تسحر لهم؟"
"الحب ليس بالشكل خولة، ولكن رغم ذلك أنا أيضا لا أفهم كيف أحبها أبي وجون على الرغم أنها باردة ولا أظن أنها تعرف ما هو الحب من الأساس"
كانت تقولها لنفسها أكثر من خولة لتشعر خولة بالشفقة عليها..
هي عاشت طوال عمرها بمنزل مليء بالحب والحنان ولا تتخيل الحياة التي عاشتها رُسُل مع هذه المرأة التي تشعر بالجليد يشع
من عينيها بالصورة فكيف هي بالواقع؟!
****
وقفت بالمطار تمسك بيدها قائلة وهي تبكي بحرقة:"خولة لا تغادري! لا تتركيني، أو ... أو خذيني معكِ ارجوكِ لا تتركيني بمفردي"
تساقطت دموع خولة تشاركها البكاء، لم تتخيل أنها ستتعلق بها بهذه الطريقة بل وتطلب منها المغادرة معها!
ولكنها لم تستطع أن تراها بهذا الانهيار فضمّتها بقوة وهي تقول:"حاخدك ويايه، متقلقي حاخدك رُسُل"
ابتعدت عنها رُسُل ببطء وهي تناظرها بلهفة جعلت قلبها يئن من الألم مع قلب آخر كان يناظرها بحزن ويشعر بالذنب لما يحدث معها
هو السبب بكل ما يحدث لها، هو من أبعدها عن عائلتها التي كانت ستكون سعيدة معها بكل تأكيد..
أغمض عينيه ولم يستطع النطق بكلمة واحدة وهو يشعر بالندم يجتاحه، لم يستطع أن يناظرها وهي تغادر، سيمنعها بكل تأكيد ولن
يسمح لها بالمغادرة لذا اكتفى بإغماض عينيه حتى لا يفعل ما يندم عليه مرة أخرى ليفتحهما بغتة عندما شعر بلمسة خفيفة لذراعه ليتفاجأ بها أمامه تنظر له بحزن ثم تلقي بنفسها بين ذراعيه قائلة:"لا أستطيع تركك چون، لا أستطيع ترك اخوتي حتى لو أردت، أنا أحبكم كثيرا".
****
رنين الهاتف أيقظه من شروده المعتاد منذ فترة فالتقطه وفتح الخط ليصله صوت يقول:
"ازيك يا أحمد؟ انا بتصل عشان اقولك اني ف مصر وعايز اشوفك"
"محمود! ازيك؟ واحشني ياراجل، اخبارك ايه؟! لا بقى بدام رجعت مصر لازم اشوفك انتي والمدام ولين حبيبة عمها"
ضحك محمود وكان يتوقع ما قاله فوافق ثم اتفق معه على الموعد.
بعد عدة أيام
"هاااي انتي، بتعملي ايه عندك؟"
صاح بها عامر وهو يرى الفتاة التي تتطفل على حديقة خاله التي يعتني بها وما إن التفتت حتى تجمد مكانه..
ابتسمت له برقة وهي تقول:"آسفة، هي ليك؟! كنت بشوفها بس عجبتني كتير"
اقتطف زهرة وأعطاها لها وهو يقول:"وردة لأحلى وردة شوفتها"
توردت وجنتيها ثم مدت يدها لتأخذ الوردة فأخفاها خلف ظهره وهو يقول:"مش اعرف اسمك الاول"
"لين، وانت؟!"
ليبتسم بتسلية وهو يقول:"انا عامر"
ومال عليها ثم همس برقة أربكتها:"افتكري الاسم ده كويس لانه هيكون اسم جوزك ف المستقبل".
***
الحاضر
طنين هاتفه أنبأه بوصول رسالة فاختطفه بلهفة وهو يدعو أن تكون من حبيبته التي لا تجيب على هاتفها منذ عدة أيام وابتسم براحة
عندما وجد اسمها وأن الرسالة منها لتختفي ابتسامته ما إن فتح الرسالة وقرأ
(فرحي الخميس ال جاي على ابن خالي، اسفة مقدرتش ارفض زي كل مرة، وهرفض ليه بعد حبيبي خذلني وطلع كان بيلعب بيا..
مش هلومك لاني بعترف اني كنت غبية ومافهمتش انك
( بتتسلى كل الوقت ده، الوداع يا جرح قلبي
اعتصر الهاتف بقوة حتى شعر به يكاد يتحطم بيده فألقاه بقوة على الجدار ليتحطم تماما ويشاهده هو بسكون أقرب للموت!
لم يشعر بالراحة فالتقط المزهرية الكريستال التي تصر والدته أن تضعها له بالغرفة ليلقيها بقوة على الجدار ليشاهد تحطمها بعينيه
دون أن يرف له جفن ليقتحم والده الغرفة ويشاهد ما حدث ففهم أن خبر زواج لين وصله..
رمقه بتعاطف رغما عنه ثم اقترب منه فألقى عامر بنفسه بين ذراعي والده وهو يجهش بالبكاء لأول مرة يشعر بنفسه ضعيفا لهذا الحد.
***
ليلا
يجلس بغرفته يشعر بالاكتئاب يغمره، هل ستكون حبيبته لآخر حقا؟! هل ستنساه كأن لم يكن وتتزوج بآخر اختارها وقدّرها كما
تستحق؟
أغمض عينيه يحارب ليمنع دموعه من التساقط مرة أخرى وهو يشعر بالخجل أنه بكى أمام والده كطفل صغير.. يشعر كأنه على شفا
الموت.. هل سيجلس مكتوف اليدين هكذا ويتركها تزف لآخر؟!
ماذا يفعل؟
حائر هو بين قلبه وواجبه!
يخشى ظلمها لو تزوجها قبل أن يضع الأمور بنصابها هو لم يخدعها كما اتهمه والده، هو أحبها حتى قبل أن يعرف ما هو الحب ولكنه
يعرف جده جيدا، يعرف أنه سينفّذ ما أخبره به ذلك اليوم شرد يتذكر عندما استدعاه جده ذات يوم وما إن دلف للغرفة حتى هتف:"اقفل الباب وراك يا عامر"
عقد حاجبيه بدهشة فيبدو أنه اجتماع مغلق ولكنه نفّذ ما امره به جده ثم دلف للداخل وجلس بالمكان الذي أشار له جده أن يجلس فيه
"خير يا جدي فيه حاجة؟"
"سمعت انك بتدوّر على بنت الاجنبية"
اشتدت ملامحه وهو يقول:"بدوّر على بنت خالي نور يا جدي"
رمقه بجمود ثم قال:"وبعد ماتلاقيها ده اذا لقيتها اصلا هتعمل ايه؟"
رمقه بدهشة:"اكيد هجيبها تعيش معانا هنا"
"انا لا يمكن اسمح لبنت الاجنبية انها تعيش في وسطنا"
صاح جده فأجابه بمهادنة:"ليس بس يا جدي؟! دي بنت خالي يعني لحمنا ودمنا ازاي نسيبها عايشة بعيد؟"
"لا دي مش بنتنا، دي بنت الست اللي خلّت خالك يعصاني ويقف قصادي، اللي خلّته يبعد عننا سنين، انا لا يمكن اعترف بيها أبدا زلا اخليها تعيش وسطنا الا اذا.."
صمت ليحثّه عامر:"إلا إذا ايه يا جدي؟"
"إلا إذا اتجوزتها"
ارتد بصدمة للخلف وهو يهتف:"ايه؟"
"زي ما سمعت، مش هعترف بيها كحفيدة ليا الا اذا اتجوزتها يا اما مش هخليها تعتب مصر كلها مش بس البيت هنا"
وقتها وعلى الرغم من صدمته من تفكير جده إلا أنه وعده أنه سيتزوجها ولكن وقتها لم يكن عشق لين، لم يكن عرف الحب من الأساس فلم يجد بدا من وعد جده بما يريد فهو يريد أن يريح القلوب المرهقة من الحزن حوله ولكنه لم يتخيل أن يدفع ثمن وعده غاليا هكذا.
***
جالسة تشاهد أحد الأفلام وهي تنتظر خولة التي ذهبت لإعداد البوشار، ترتدي منامة منزلية واسعة بأكمام طويلة وترخي شالها عن
رأسها فكما أخبرتها خولة لا يدخل أحد هذه الغرفة باستثناء كرار والذي يبيت ليلته خارجا كما فهمت..
توقفت أنفاسها وهي تراقب البطلة تراقص البطل.. حسنا هو لم يكن يراقصها بالمعنى المفهوم بل كان يعلّمها خطوات الرقص التي ادّعت عدم معرفتها..
حدّقت بهما وهي تتخيل نفسها مكان البطلة وتتخيله مكان البطل..
هو بالفعل يشبهه كثيرا ليس بالملامح بالطبع ولكن بخشونته، بلامبالاته بها، بل بتذبذبه بتعامله معها.. فتارة يقترب بخطورة وتارة أخرى يبتعد بخشونة غير مبالي بها..
راقبت البطل يركز على خطوات الرقص بصرامة والبطلة تناظره بوله، تقترب منه تحاول أن تبثّه أحاسيسها بأنفاسها الدافئة المرتبكة من اقترابه والتي تصطدم بوجنته وكفها التي ترتعش بين أنامله، وذراعه التي تلتف حول خصرها..
تنهيدة طويلة خرجت منها قطعها دخوله العاصف وهو يهتف بتلك الخشونة التي تدغدغ أحساسيسها
"هاي شكاعد تسوين هنا بالوقت هذا وبالشكل هذا؟"
انتفضت بمكانها وهي تنهض مرتبكة من حضوره وغضبه على حد سواء.. تضع شالها على رأسها كيفما اتفق ولكن ليس قبل أن يلمح خصلاتها التي تخيّل لونها مرار ليزداد غضبه وهو يتخيل لو رآها سواه بهذا الشكل!
"بشوف الفيلم"
أخرجته من أفكاره الجنونية على جملتها البريئة لينفجر ضاحكا دون أي إرادة منه لتتوه هي بملامحه التي ارتخت وجعلته يبدو أكثر دفئا وقربا منها..
انتبه من ضحكه على تحديقها به فغمزها بعبث: "عجبتچ؟"
ارتبكت من طريقته التي أثارت الفوضى بداخلها فأشاحت بوجهها وهي تقول بارتباك:"لا.."
"شنو؟!"
هتف بدهشة قبل أن يضحك مرة أخرى بقوة وهو يرى وجهها تحول لثمرة فراولة ناضجة فاقترب منها وهمس بشكل أربكها:
"تعرفي اول مرة اعترف اني اشتهي الفراولة واريد اذوقها هسّه"
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي تقول: "مافهمت"
ليضحك وهو يقول:"فد يوم حكولك كل شي اريده بس حاليا ماگدر"
التفت ليغادر وما إن وصل لباب الغرفة حتى التفت لها مرة أخرى قائلا وقد عادت عقدة حاجبيه:"لا تقعدين بهالشكل هنا مرة إلخ شنو حيصير لو دخل أحد ثاني وشافچ هيچ؟"
نظرت بإثره وهي تهتف بالانجليزية:"مجنون وسيتسبب بجنوني أيضا".
****
"رُسُل لماذا تتجاهليني هكذا؟"
هتف توم بحزن فزفرت بضيق وهي تقول:"لا أتجاهلك توم أنا أعاملك كما عاملتك دوما صدقني"
"لا رُسُل، هناك ما تغير بكِ.. ولا أفهم ما هو"
وأكمل بداخله: ( أو أفهم ولكني أحاول ألا أصدق ما أشعر به)
ابتسمت له بلطف:"حقا توم، ليس هناك شيء أبدا، أنا كمان أنا.. أنت فقط تحن للوطن"
"وأنتِ رُسُل ألم تشتاقي للوطن؟"
قالها بغموض لتجيبه ببساطة:"ولكن ذاك ليس وطني توم، هنا وطني.. هنا أشعر بجذوري وهويتي, هنا أشعر أن لي عائلة وأناس
يخافون عليّ، لذا لا أشتاق سوى ل جون وإخوتي فقط"
قالتها وغادرت قبل أن تقول شيئا آخر ليتابعها بنظره وهو يفكر.. (وهنا أيضا وجدتِ حبكِ رُسُل لا تنكري!).
****
كانت تجلس مع خولة أمام أحد الافلام فقد ملّت من العمل ولم تذهب اليوم، حسنا تعترف أنها أرادت الابتعاد عن كرار وتوم اللذين
يثيران جنونها بتعاملهما الغريب مع بعضهما.. زفرت بضيق وهي تتابع الفيلم بملل لا تركز على أحداثه أبدا حتى خولة ليست على ما يرام
"مالك خولة؟ فيه شي؟"
"ماعرف رُسُل بس اني احس باشياء غريبة داخلي"
"لا افهمك خولة! ليه تهربي من حبه؟ الاعمى يعرف انه يحبك ويتمنى رضاكي"
"خايفه رُسُل"
هتفت رُسُل بحدة:"لا خوف بل غباء..."
همّت بالرد ليقاطعها دخول زيد ومعه كرار
هتف زيد بمرح:"صديقتچ شغتلچ عني خولة.."
اعترضت رُسُل بمرح:"لا زيد، هي تهرب منك"
شهقت خولة ليضحك زيد وكرار عليها لتتابع رُسُل:"لا تصدقها، تقول أنها مشغولة بي ولكن هي مشغولة بك أنت"
"رُسُل! "
هتفت بها خولة بحدة وهي تلكزها بجانبها فتأوهت رُسُل ولكنها قالت كي تغيظها:"أريد أحضر فرحكم قبل السفر زيد، ملّيت من لعبة توم  وجيري دي"
تمتم كرار بغيظ:"هذا ال توم بيدخل بكل شي"
اقترب زيد من خولة التي تحولت بالكامل ل اللون الأحمر وهو يهمس:"شنو رأيچ خولة؟ حتحققين امنية صديقتچ لو حتبقين على
عنادچ؟ بس اتذكري كل الزين ماكو احد يهرب من قدره للأبد".
***
راقبته واقفا مع إحدى الموظفات وهي تشعر بالنار تتصاعد داخلها، تريد الذهاب لقتل هذه المرأة بل وربما تقتله هو ايضا فهي ثائرة
لأقصى حد هل أخذ راحته بالتعامل مع الموظفات لأنها أخبرته أنها لن تحضر اليوم للعمل؟
كانت ستمكث بالمنزل لتذاكر فالاختبارات النهائية قد اقترب وقتها وهي تريد التركيز حتى تتخرج وتكون معه بالشركة على الدوام.. ولكنها لم تستطع التركيز فأخذتها حجة للحضور للعمل لتطلب منه المساعدة بالمادة.
اقتربت منه فرمقها بدهشة:"نبأ! ليش اجيتي؟"
"شنو؟"
هتفت بحدة فابتسم وهو يقول::"مو گولتي متجين اليوم؟"
"شنو متريدني اجي؟ كنت فرحان بغيابي؟ تتمنى لو اغيب دوم؟"
عقد حاجبيه لحدتها وكلمتها الغاضبة وفكر ما بها؟ لِمَ هي غاضبة بهذا الشكل؟
قبل أن يجيبها كانت قد غادرت مرة أخرى ليتجمد مكانه للحظات قبل أن يلحق بها.
***
وقفت على بعد عدة خطوات من الشركة وهي تزفر بضيق وتوبخ نفسها: ( غبية نبأ، ما الذي فعلتيه؟ كيف تفقدين اعصابك هكذا، لم ينقص إلا أن تعترفي له بحبك حتى يكون الإذلال كاملا)
خرج من الشركة وهو يتلفت يمينا ويسارا يبحث عنها ليجدها واقفة على بعد عدة خطوات حاجبيها منعقدان بغضب كاد يضحكه
فاقترب منها بخفة ثم همس لها:"ليش معصبه عليه يا ابنة العم؟"
رمقته بغموض وهي تقول:"مو معصبه، اجيت حتى اتكلم وياك بشي مهم"
شعر بالقلق، نظرتها لم تريحه أبدا
"اي امر؟"
"اكو فد واحد تقدم لخطبتي واريدك تقابله"
نهاية الفصل

رواية قتلتني عيناها بقلمي حنين أحمد (ياسمين) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن