عين الحياة

211 3 0
                                    



ها هو قد نزل قرص الشمس متجهاً للغروب، وبدأ ظلام الليل يكسو سماء الدنيا، لكنه ليس كأي غروب، انه غروب يأخذ أفلاك الأرواح الهائمة في فضاء افلاكها الى تلك الناحية المقدسة، مرفرفة باجنحة الاشتياق متّصبرة مستبشرة انها ليلة الجمعة ...

هي ليلة الحكايات التي ترويها زهور الامنيات، كأنها في سبات الشتاء القارِس نائمات، ظاهرهنّ الموت وباطنهنّ الحياة، وربيعهنّ يحين كل ليلة جمعة موعودة، لموعود قيل انه في ليلتها سينادى بأسمه بين أرض وسموات أنه آت، وستتحقق بظهوره الأمنيات، فتهرع تلك الأرواح من بين أوراق تلك الوريدات، ذوات الرمز المقدس الذي ختمته على أفئدتها يد القدرة فغدت كأنها جنات، مرابطة صابرة طيل وقت سباهتها رغم تعاني ماتعاني من شديد بردها، وقساوة وِردْها شجيات، مشرقةٌ أفئدتها كالقناديل، تشع نوراً ودفئاً وتألقاً ورحمة ليتامى صاحب الجمعة ولياليها المرتقبات !

بلى؛ ها هي ليلة الجمعة قد أقبلت وكسى السماء سوادها الذي انتثرت نجومه المتلألئة كأنها أمان لاهل السماوات، تقتبس جمال تلألؤها من اشراقات الكوكب الدري، ذو الجمال اليوسفي الأمان لكل المخلوقات، متطلعة على جماله الملكوتي المملوء حنوًا يتهلل بالرحمات، فتتجمل من قبسات جماله المشرق أماناً ورحمة لاهل الأرضين والأفلاك و السموات.

هناك وبينما الليل البهيم يمر وكل في واديه يهيم، يدق ناقوس بين سماء وأرض،  وتشرأب اعناق الملائكة الموكلين على أبناء آدم اجمعين، ويملأ فضاء الكون همهمات وهمس، وفي مابينهما ضجيج وعويل!

مُنصتةٌ عندها مسامع اللحظات، لتجد اصوات هنا وهمهمات هناك، هذه تقول قد حان، وتلك في وجلها تقل اليس لي من مجال !

و إذا بها الآنات تدوي في أُذن اللحظات، مجيبة لتلك الكلمات، هيهات انها كلمة هو قائلها:

إذا جاء اجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون!

انه قد حان، وسقطت وريقات الأعمال، وسيطلع عليها السلطان، ويمضي عليها بإمضاء الرفعة او الخذلان، اما تسمعين صوت الأذان وستشرق الشمس ليلاً الآن في هذه الوديان !

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون)

هاهي امتلئت الدنيا برياح عاتية، ممتزجة بنسمات هادئة باردة ،كأن الكون يتقلب في أوزانه، وينقلب شماله ليمانه، وتشرق تلك الشمس ليلاً لانهارًا، سراً لاجهارًا، وبين إعلاناً وإسرارًا، بعد انهاءها طقوسها بين إقامة وصلاة ، وركوع وتسبيحات وحمد واستغفارات، وتراتيل الدعوات، بلحنّ أعذب الكلمات، لو سمعتها مسامع القلوب لحلقت إليه على اجنحة العشق طالبة منه وصال القرب، تكفكف دموع الرجاء وحال حالها يقول:

"أيا أيها الكوكب الدري، يامن ترانا ولانراك، مالنا لانحظى باكحال النظر من جمال محياك، فقد ذبلت مدامع اجفان الصبر شجواً كأنهنّ يائسات، هلاّ مررت بكفك الحانية على ذبولها وسقيت من عين الحياة ورودها، واغترفت من فيض الرحمة غرفة، وارقته على جراح العلل فشفيتها، ومن ظمأ ايوب الصبر تُرشفها رشفة لترويها، ياغاية أمانيها!

هنا التقت الارواح بروحه، وتزودت من فيض جروحه، وعادت لتجدد العهد، اننا لك بلسماً لاجراحا، ستجده بإذن الله في ليالي الجمع القادمة من بين الجراح نمت قِداحا ياملك الارواحا...

فقط لنا عندك رجاء سيداه،  ارفع لنا كفك التي لاترد لها الدعوات، ان تبدل ذنوبنا حسنات، وتمحى كل تلك الجراحات، فنحن وحق الحق من القلوب العازمات، ان تكن لجراحك بلسماً لا ندبات، فاشملنا بنظرات اللطف ياسيد ليالي وايام الجمعات...

عادت بعدها الاملاك الموكلين مستبشرين، وقد ختم على صحفهم بختم الإجابة آمين، بإذن رب العالمين، وبقي عليكم السعي للوفاء بالعهد لتلك الدعوات يا آدميين...

مولى الزمان تكفل اصطناع روحي وانت الذي قلت ( فإنّا صنائع ربّنا والناس بعد صنائع لنا)

بحق مدمعك وحزنك على قلبي اصطنعني بدعوة مجابة لنفسك، يانور الله الذي يهتدي به المهتدون فتهتدي لرضوان ربك وربها...

#أملي_يامهدي_مدد

حكايات الالف ليلة جمعة وجمعةWhere stories live. Discover now