احيانا يجب ان لا نصدق كل ما يقوله لنا الناس ويجب ان لا نثق في اي شخص نقابله دون ان نعرف ماضيه او حكاياته او علاقاته مع غيره لان هذا قد يجعلنا نقع في فخ لا سلامة منه.
في الصباح الباكر استيقظ والد ميرا وهو مستعد كي ياخذ ابنته الى الطبيب وجلس على طاولة الفطور لكنه اندهش لانه لم يجد فطورا فذهب الى زوجته وسالها عن ذلك ولكنه وجدها تبكي وتغرق في دموعها.
الاب: ما بك يا زوجتي لم تبكين هكذا كما لو ان احدا طعنك.
الزوجة : اه يا زوجي العزيز ، ابنتك تثير المشاكل دوما ها انت تتعب وتجمع المال والخير ثم تصرفه كله من اجلها انا من يطبخ هنا ويغسل وينظف ام انك نسيت ذلك ؟؟
الاب : لا تقلقي سوف اترك قليلا من المبلغ لك، فانت تستحقين ذلك
جاكلين : انا اسفة يا يعقوب لا اريد منك شيئا بعد الان انا اريد الطلاق منك ، فانت لا تهتم بي ولا تسعدي دائما تقول ميرا وميرا ونسيت امري .
الاب:لا يا زوجتي انا لن اطلقك من اجل اسباب كهذه ابدا ، وقد قررت اني لن اخذ ابنتي الى الطبيب هذه المرة وسانتظر مالا اخر حتى اخذها.
جاكلين : شكرا يا يعقوب فانا محتاجة للمال كثيرا كل النساء تتزين الا انا وها قد جاءني مبلغ وغدا اشتري به متطلباتي.
شعر الاب بحزن تجاه ميرا ولكنه تجاهل الموضوع وانصرف من المنزل وترك زوجته الشريرة جاكلين مع ابنته ميرا، وبعد لحظات وقفت جاكلين امام باب غرفة ميرا وطلبت منها ان تفتح الباب ولكن رفضت الفتاة ذلك ، فبدات جاكلين تزعجها بكلماتها ،قولا لها ان اباك باعاك من اجل مبلغ مالي بسيط وانه لن يؤخذك للطبيب ابدا .
شعرت ميرا بخيبة امل كبيرة وتمنت لو ان والدها لم يعدها بالذهاب للطبيب قط ولكنها بقيت صابرة وانتظرت قدوم والدها .
في المساء وعندما رجع والدها بدات تساله اسئلة كثيرة وتعاتبه على فعلته ، ولكنه لم يكن يجيبها وبقي ساكتا ، لا يجيبها ولا يرد عليها.ميرة : ماذا يك يا ابي انك تسكت منذ ساعة اجبني لو سمحت.
الاب: ماذا ساقول لك لقد اعطيت قسط من المال الى ربيبتك . ولم يعد المال يكفي ولكني ساجد عملا باسرع وقت واعالجك.
رضيت ميرا بقدرها وعانقت والدها وطلبت منه ان لا يتركها لانها لا تستطيع البقاء في المنزل مع تلك الشنطاء وحدها وبينما هما يتبادلان اطراف الحديث كانت جاكلين خلف الباب ترمي باذنيها كي تسمع ما يدور بينهما .في الغد قرر الاب ان يذهب للبحث عن عمل واعتبر صيد الاسماء مهنة لا تجلب له المال ولا تكفي عائلته ولكنه لم يجد اي عمل و بقي متحسرا على فعلته الغبية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جار، وذلك لاهميته وضرورته خاصة وقت الحاجة ، ماذا عن تلك الزوجة التي قامت باسراف المال وهو وسيلة العيش ولم تستخدمه حتى لضرورتها بل استخدمته من اجل نفسها ومن اجل اشياء تافهة.
قد نستطيع تجاوز افعالنا التي غفرت لنا وقد ننساها اصلا، ولكن الافعال التي لم تغفر لنا بعد و مازال علينا دين من ورلئها فابدا لن ننساها و سيبقى الضمير ينادي وينادي حتى نسمعه وننفذ طلبه لانه ليس من الامر الهين ترك الضمير ينادي.
وطني انت السند اذا غاب ظهري وانت النفس اذا غابت رئتي وانت الدم ان جف بدني وانت الروح ان نام قلبي ، وطني افديك بكل ما املك افديك بمالي و بروحي و بدمي ، افديك بعائلتي واولادي فحبك متوهت الايمان والسعي من اجلك علي دين ، لا ارتاح ان لمس العدو كرامتك
واموت بل افنى ان طعن شرفك ، لكن بما ، بما سيطعنه هل بالسكين ام بالاسلحة ، لا اظن ذلك بتاتا فوطني قوته و شاجه لا يحطمه شيء سوى الخيانه، خيانه اهله واصحابه و ذويه ، اللهم احفظ كل الاوطان .
مضت الايام واصبحت حالة الوطن سيئة كلنا نعلم حالة العراق بين سنة 2006 و سنة 2008 لقد تم غزو العراق و انبثق فيها القتال كظلام الليل الحالك واصبح كابوس الاهل هناك و في بغداد ازدادت الحالة سوءا ولم تستطع المحافظة تضميد جروح اهلها ومن بين هؤلاء الناس كان هناك منزل صغير مدمر وحزين انه منزل ميرا ووالدها.
كانت هذه الاسرة مستاءة جدا ، ميرا تكتب كلمات متناثرة على صفحات مذكرتها لا يوجد مساحة بينها ولا فراغ ، ووالدها يعقوب يصلح سقف المنزل الذي اصبح هشا وبه ثقوب بسبب طلقات الرصاص المتكررة اما تلك الزوجة جاكلين الشريرة فكانت تحضر العشاء بصمت تام.
لم تلبث ميرا ان تكتب جملة واحدة حتى سمعت صوت اطلاق الرصاص وعم الصراخ ارجاء المنزل ، ركضت الفتاة في المنزل بسرعة واصبحت تبحث عن والدها وتصطدم بالحائط تارة والباب تارة اخرى وماذا عساها تفعل وهي بنت عمياء لا تميز باب منزلها من باب غرفتها ولم تخرج من غرفتها منذ اكثر من شهر .
واصلت ميرا البحث عن مصدر الصوت ولكن فجاة شعرت بيد غليظة تمسكها من كتفها وتسحبها اليها بشدة ، ارتعبت ميرا كثرا وظنت ان شخصا غريب قد اختطفها ولكن بعد لحظات سمعت صوت والدها وهو يقول لها اهدأي يا طفلتي ، اطمانت ميرا بسماع صوت والدها وشعرت باحساس ممزوج بالسعادة والخوف ثم سالت والدها عن مصدر الصوت فاخبرها بانه هجوم على المدينة وان عليهم الخروج منها في الحال.
يعقوب:هيا ياجاكلين اجمعي ثيابك وثياب ميرا بسرعة لاننا في خطر هنا
ميرا:ولكني خائفة يا والدي ولا اقوى على الحراك بهذا البصر .
جاكلين:بل انك ستقوين على ذلك بسهولة ساذهب لاجمع الثياب.
لم تكن نية جاكلين هي تحفيز ميرا وتقوية ايمانها بقدراتها انما كانت نيتها هي الفرار من بغداد باسرع طريقة والنفاذ من مشكلة الارهاب التي عرقلت سبيلها امام خطتها التي جعلتها تتزوج من يعقوب رغم فقره وحياته البائسة والتي لم يكن يدركها احد.
