الفصل العاشر

4.1K 291 390
                                    

رواق واسع و مُظلم هو ما كان يسير من خلاله بينما يرتدي معطف أسود طويل ، خطواته ما كانت مسموعة ، كل ما حوله هادئ بشدة عكس الأفكار التي تعبث بعقله !

مظهره ما كان يوحي بأنين روحه إطلاقاً ، خُصلاته القرمزية شابهت بتلك اللحظة يداه المليئة بذاك اللون المشؤوم ، أجل هو أنهى حياة أحدهم تواً و بجدارة أضاف وجه جديد سيزوره طيفه بمنامه ، دماء جديدة تلوث هاتان اليدان تُبعدهما أكثر فأكثر عن كل ما كان يعني له أي شيء بهذا العالم .

ابتسامة مُحطمة شقت وجهه و هو يصعد بسيارته يقودها حيث المكان الذي يدعوه بمنزل ؟!

و فقط اي منزل هو هذا ؟ بارد كالجليد لا أمان به فقد يتم اختراقه بأي لحظة و متى ما رغب قادته بهذا ، و لا دفء أُسري به فقط هو و أفكاره هذه بظلمة لا خروج منها .

سؤال أقرب للأمُنية صدر من بين شفتيه :" لما لم أكن ضحية المساء ؟ "

أجل هو يعلم أن هذه هي نهايته ، الموت بمكان بارد وحده ، ربما بعد تعذيب طويل أيضاً خلف ألهبة من النيران لتخفي أي وجود له أو خلف جنح الظلام ؟!

و حقاً ليس يُمانع أي من هذا ، بل العكس ليته لا يحظى بموت سهل عله يكفر عن تلك الخطايا ، و ليت هذا يكون قريباً منه ! أن لا يسير أي خطوة تُبعده عن ذاك المصير فبكل الأحوال هو ما عاد قادراً على التراجع .

و إن فعل فلا شيء يمكنه انقاذه ، لا أحد سيقبل أن يمسك بيدين تعبقان برائحة الموت ، بل هو ذاته غير مُستعد و إن مدت تلك اليد لمساعدته أن يقبلها !؟ كيف له أن يفسد حينها نقائها ناقلاً له التلوث الذي يحمله ؟

أغمض عيناه ما إن وصل لوجهته يخلع مِعطفه ليسير بينما يهمس لنفسه :" كُف عن تلك الأوهام ريو ، أفكارك مسمومة فبأي حال لا أحد يعلم عن وجودك بهذا العالم لذا فقط عليك بالمضي قُدماً كما هي الأشباح ، شفاف لا يُرى و لا يدرك أحد وجوده مهما حدث "

****

أكثر ما جذبه بهذا الكوخ الخشبي أو بالغرفة التي وضع بها هي تلك الواجهة المُتصلة بالشُرفة الواسعة التي يجلس بها حالياً ، تطل على الغابة الشاسعة و البركة الضخمة التي تتوسطها .

الشمس كانت تطل من بين الجبال البعيدة تُنير تلك القمم المكسوة بالثلوج أولاً مُعطية إياها لمعة طفيفة ، و ابتسامة هادئة ارتسمت على شفتيه يُراقبها بامتنان للكابوس الذي أيقظه بهذا الوقت المثالي !

لم يكن يُبالي حقاً ببرودة الجو ، فقط منظر كهذا بعد كلام الطبيب بالأمس عن استيقاظ رفيقه بأي لحظة كفيلة بجعل مزاجه يصبح جيداً بطريقة ما و إن كان يعلم أنه ليس سوى تحسن مؤقت فالقلق لن يرحمه !

غُربة روح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن