آثار المراقبة‌ في‌ وجود السالك‌

53 6 0
                                    

آثار المراقبة‌ في‌ وجود السالك‌

 وعلی‌ أثر المراقبة‌ الشديدة‌ والاهتمام‌ بها تسطع‌ أنوار الحبّ والعشق‌ في‌ ضمير السالك‌؛ لانَّ حبّ الجمال‌ والكمال‌ لدي‌ الإنسان‌ أمر فطريّ علی‌ الإطلاق‌، وقد خمر في‌ جبلّته‌ وأُودع‌ في‌ ذاته‌، إلاّ أنَّ حبّ المادّة‌ والتعلّق‌ بالكثرات‌ يصبح‌ حجاباً للعشق‌ الفطريّ فلا يدع‌ هذا النور الازليّ يظهر فيه‌.

 وبالمراقبة‌ تضعف‌ هذه‌ الحجب‌ شيئاً فشيئاً إلی‌ أن‌ تزول‌ في‌ النهاية‌، فيظهر ذلك‌ الحبّ والعشق‌ الفطريّ ليقود الإنسان‌ إلی‌ مبدأ الجمال‌ والكمال‌. ويعبّر عن‌ هذه‌ المراقبة‌ في‌ اصطلاح‌ العارفين‌ بـ«مِي‌» (المدام‌ والخمر).

عندما يواظب‌ السالك‌ علی‌ المراقبة‌، يُظهر الله‌ سبحانه‌ تعالي‌ علیه‌ من‌ باب‌ العطف‌ والرأفة‌ أنواراً بعنوان‌ الطلائع‌، في‌ بداية‌ الامر تظهر هذه‌ الانورا مثل‌ البرق‌ لتختفي‌ فجأة‌، ثمّ تقوي‌ شيئاً فشيئاً حتّي‌ تصبح‌ مثل‌ النجمة‌ الصغيرة‌ المتلالئة‌، ثمّ تقوي‌ لتصبح‌ مثل‌ القمر، وبعدها تظهر كالشمس‌ الساطعة‌، وأحياناً مثل‌ ضوء مصباح‌ أوقنديل‌ مشتعل‌. وهذه‌ الانوار تُسمّي‌ في‌ اصطلاح‌ العارفين‌ بـ «النوم‌ العرفاني‌ّ»، وهي‌ من‌ قبيل‌ الموجودات‌ البرزخيّة‌.

رسالة‌ لُبّ اللباب‌ في‌ سير وسلوك‌ أُولي‌ الالباب‌  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن