المراقبة‌ في‌ جميع‌ الاحوال‌

30 4 0
                                    

المراقبة‌ في‌ جميع‌ الاحوال‌

 السادس‌ : المراقبة‌

 وهي‌ أن‌ يكون‌ السالك‌ في‌ جميع‌ الاحوال‌ مراقباً ومنتبهاً لا يتجاوز تكليفه‌، ولا يتخلّف‌ عمّا عزم‌ علیه‌.

 والمراقبة‌ معني‌ عامّ، فهي‌ تتفاوت‌ باختلاف‌ مقامات‌ ودرجات‌ السالكين‌ ومنازلهم‌. ففي‌ بداية‌ السلوك‌ تكون‌ المراقبة‌ عبارة‌ عن‌ اجتناب‌ ما لا يتماشي‌ مع‌ دين‌ السالك‌ ودنياه‌، والابتعاد عمّا لا يعنيه‌، والسعي‌ لئلاّ يصدر منه‌ ما يسخط‌ الله‌ في‌ القول‌ والفعل‌، ولكن‌ شيئاً فشيئاً تشتدّ هذه‌ المراقبة‌ وترتقي‌ درجة‌ فدرجة‌، فقد تتمثّل‌ في‌ التوجّه‌ والإنتباه‌ إلی‌ سكوته‌ أو إلی‌ نفسه‌، وقد ترتقي‌ فتكون‌ عبارة‌ عن‌ التوجّه‌ لمراتب‌ حقيقة‌ الاسماء والصفات‌ الكلّيّة‌ الإلهيّة‌. وسوف‌ نبيّن‌ إن‌ شاء الله‌ مراتبها ودرجاتها.

 وليُعلَم‌ أنَّ المراقبة‌ من‌ أهمّ شروط‌ السلوك‌، وقد أكّد علیها المشايخ‌ العظام‌، بل‌ قد عدّها الكثير منهم‌ من‌ اللوازم‌ الحتميّة‌ للسير والسلوك‌، لانـّها بمنزلة‌ الحجر الاساس‌، فالذكر والفكر وسائر الشروط‌ الاُخري‌ مبنيّة‌ علیها، فإذا لم‌ تتحقّق‌ المراقبة‌ لا يكون‌ للذكر والفكر أيّ أثر. والمراقبة‌ بمنزلة‌ اجتناب‌ المريض‌ عن‌ الغذاء اللامناسب‌، والذكر والفكر بمنزلة‌ الدواء، فما لم‌ يبتعد المريض‌ عمّا لا يناسبه‌ من‌ الطعام‌، يعود الدواء بلا أثر، بل‌ قد يؤدّي‌ إلی‌ نتيجة‌ عكسيّة‌، لهذا فإنَّ الاساتذة‌ العظام‌ ومشايخ‌ الطريقة‌ منعوا عن‌ الذكر والفكر دون‌ المراقبة‌، وهم‌ ينتخبون‌ الذكر والفكر حسب‌ درجات‌ السالك‌.

رسالة‌ لُبّ اللباب‌ في‌ سير وسلوك‌ أُولي‌ الالباب‌  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن