________________________________________لكن المعجزة حدثت في اليوم التالي . وكان ذلك قبيل المساء ودون مقدمات .إذ أن سيث فتح عينيه فجأة ، لتستقر على جايمس وميلودي.
قال بصوت متحشرج: " حسناً .....ها قد دنا الأجل ."
قال جايمس بصوت متحشرج هو أيضاً ، كما بدا لميلودي : " هذا بعيد عن الواقع. إنك لن تموت."
رد سيث بحدة: " آسف إذن، لخيبة أملك ." وعاد إلى ملامحه خيال من طبعه الناري السابق وهو يتابع بغضب : " من ذا الذي وضع هذا الأنبوب اللعين في أنفي ؟ "
رد عليه صوت الممرضة : " أنا التي فعلت ذلك ، كما أن فترة الزيارة قد انتهت ."
كانت الممرضة تدخل من الباب في الوقت المناسب قبل أن ينزع الأنبوب من أنفه وهي تتابع: " إنه يعطيك الأوكسجين لكي يسهل عليك التنفس."
قال بصوت متهدج : " حسناً أبعديه عني .وكذلك انزعي هذا الأنبوب من ذراعي ، لقد سبق وقلت أن تغرزي إبرتك في شخص آخر لأنني لا أريدها ."
قالت الممرضة : " ما أسوأ هذا .ولكن من الواضح أن التحسن يبدو عليك اليوم ، إنما كل شيء يجب أن يبقى كما هو إلى أن يأمر طبيبك بتغييره .والآن أبق مستلقياً لكي أغسل جسدك."
قالت الممرضة لجايمس وميلودي وهما خارجان : " كونا مطمئنين .لقد رأيت ألوف الحالات المشابهة ."
قال جايمس لميلودي بعد أن أصبحا خارج الغرفة وقد لاحت على شفتيه ابتسامة : " أنه يسير في طريق الشفاء ."
أجابته موافقة: " بالتأكيد."
اجتازا القاعة ليقفا قرب نافذة يسيل مياه المطر على زجاجها .قال جايمس وهو يخط بإصبعه على الزجاج : " أنت الآن حرة في أن تعودي إلى ما سبق أن أعتدت عليه في الأمسيات بدلاً من أن تهرولي إلى هنا لحظة إقفالك المتجر آخر النهار ."
قالت وهي تتمنى لو شعرت بالبهجة لهذا : " نعم ."
عاد يقول بصوت بدا عليه الارتياح: " انتهينا من طعام المعكرونة في ذلك المطعم الايطالي ."وكانت ابتسامته كافية لتظهر غمازتيه. وكان شعره في حاجة إلى قص.
أجابت بوجوم : " هذا صحيح ."
سألها : " أظنك ستعودين إلى طعامك الفرنسي المعتاد؟ "
وعقد حاجبيه الأسودين الرائعين وهو يضع يديه في جيبي سرواله.
قالت : " بالتأكيد." وحاولت أن تحتفظ بابتسامتها على شفتيها.
قال جايمس وهو ينظر عبر النافذة : " إن المطر ينهمر بغزارة . هل سيارتك بعيدة من هنا ؟ "
قالت: " إنها لسوء الحظ في نهاية موقف السيارات ."
قال : " ما رأيك في أن نتناول القهوة للمرة الأخيرة في الكافيتريا احتفالاً بتحسن حالة سيث؟ ربما أثناء ذلك يكون المطر قد توقف؟ "
شملتها البهجة، ولم تهتم حتى لو بقي المطر ينهمر طيلة الليل. ولكنها قالت: " ربما أمكنني احتمال تناول القهوة للمرة الأخيرة."
وجدا مائدة في زاوية هادئة جلسا إليها متواجهين، وقال جايمس حاملاً فنجانه يقرع به فنجانها : " نخب شفاء سيث ."
أضافت : " فليعش إلى التسعين." ونظرت بعيداً خوفاً من أن يرى جايمس ما تعبر عنه عيناها.لكنه أدهشها إذا أخذ يدها في يده .كانت هي المرة الأولى التي يلمسها بمثل هذه الرقة ، مما جعل رجفة سارة تشملها إلى أصابع قدميها .وقال وهو يشبك أصابعها بأصابعه : " أتعلمين أنك رائعة ؟ إنك لم تتخلفي يوماً عن الحضور منذ أن بدأت حالته تسوء ."
أجابت : " وكذلك أنت."
قال: " ذلك أنني أبنه."
قالت: " إنني أحب أن أشعر بأنني صديقته."
قال : " أظنه يشعر بنفس الشيء." وابتسم وهو يمسك بمعصميها ليحيطا فنجاني القهوة معاً ، كما يفعل المحبون وقال: " ما زال ثمة حيوية في الرجل العجوز ما دام منظر الوجه الجميل يستطيع أن يثيره ."
شعرت ميلودي بالاحمرار يصبغ وجنتيها وهي تقول : " أتريد القول إنك تظنني جميلة؟ "
كان هذا السؤال يسبب له الضيق منذ أسبوع.وكان أفضل ما يمكن أن يجيبها به حينذاك هو، لقد رأيت أبشع منك.
لكنه اليوم، أنفجر ضاحكاً وهو يقول: " انك تعرفين جيداً أنك جميلة يا سيدتي، فكفي عن طلب المديح، إذ لا أظنك تهتمين بمعرفة رأيي على كل حال."
قالت : " معك حق." لكنها شعرت بأنها تهتم حقاً بمعرفة رأيه، وأن كذبتها هذه جعلتها تشعر بالألم في أعماقها .وعندما وضعت خطتها التي تقربه وأبيه من بعضهما البعض، لم يخطر لها قط أنها ستقع فريسة لسحر جايمس.
قال مشيراً إلى النافذة: " لا يبدو أن انهمار المطر هذا سيتوقف قريباً وعلينا إذن أن نهرول مندفعين تحته."
قالت: " هذه فكرة جيدة بالنسبة إليّ لعدة أسباب ."
وما لبثت أن تمنت لو فكرت قليلاً قبل أن تقول ذلك، لأنه نظر إليها وكأنه قد فوجئ وقال: " أية أسباب؟ "
تمتمت قائلة : " إن لديّ عملاً ينبغي أن أقوم به."
قال: " هذا سبب واحد وماذا عن البقية؟ "
كان في استطاعتها أن تقول له إن حياتها الخاصة ليست من شأنه. لم تكن ماهرة في التستر إذ لم يكن ثمة ما يدفعها عادة إلى ذلك. وقالت: " يبدو أننا نسمح لعلاقتنا هذه بأن تصبح شخصية أكثر مما يجب. والأفضل أن نبتعد قليلاً عن بعضنا البعض."
حدق فيها برهة ثم سألها: " نحن؟ "
قالت بصوت منخفض: " إنني أشعر الآن بأنه من الصعب أن لا أميل إليك يا جايمس."
أنفجر ضاحكاً وهو يقول: " هل أعتبر هذا مديحاً منك لي؟ "
قالت بامتعاض:" يمكنك أن ترد هذا المديح.أنك لست من النوع الذي يستهويني بين الرجال، كما أنك سبق وقلت لي أنني كذلك لست من النوع الذي يستهويك."
قال: " حتى الآن نحن متفقان .تابعي كلامك."
تمنت من كل قلبها لو لم تكن بدأت هذا الحديث ولكنها تابعت تقول: " سيكون من السهل تبعاً للظروف أن نظن..."
ضاقت عيناه وهو يسألها : " أية ظروف؟ ما الذي تتحدثين عنه؟ "
قالت: " لقد كنا منهمكين في الاهتمام بسيث والقلق يجمع بين القلوب ، كما يفعل الألم ، ولكن الواقع أن ما يجمع بيننا هو أقل من القليل."
قال: " هذا لا يعني أن علينا أن نكره بعضنا البعض."
فكرت بأن هذا صحيح ولكن إن هي سمحت لمشاعرها بالاسترسال ، فلن تجد بعد ذلك سوى التعاسة .ذلك أنها تحلم بزوج وأسرة تضم العديد من الأولاد .وقد سبق وأوضح لها من القليل الذي حدثها عن نفسه، أن هذا لا يناسبه بأي شكل في نظرته إلى المستقبل.إنها لا تريد أن تقع في غرام رجل لا يحقق أحلامها.
أنت تقرأ
513 - كوني لي سيدتي - كاترين سبنسر ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )
Aléatoireالملخص كانت ميلودي وورث لطيفة ومهذبة . وقد شاء قدرها أن تولد ثرية وهذا حتى الآن لم يكن يبدو لها مشكلة ،ثم ظهر جايمس لوغان في حياتها ليطلب منها أن تتوقف عن مساعدة الناس الذين لا يريدون إحسانها كيف يجرؤ على ذلك ؟حسناً ، عليها أن تتحمل رؤية الابن لأن...