_____________________________________
سرعان ما تدهور الأمور بعد ذلك.
سأله السيد دون هيلرمان بهدوء الأفعى التي تتهيأ للدغ:" هل نشأت أنت أيضاً في المرتفعات الباسيفيك يا سيد لوغان ."
ارتسمت على شفتي جايمس ابتسامة قصيرة جافة وهو يقول:"كلا لقد ولدت في الطرف الآخر من المدينة .في حي البحارة ، وقد تغير اسمه ،منذ أصبح مكاناً عاماً للجموع المتأنقة."
قال السيد هيلرمان:"يمكننا ،أذن القول دون خطأ ،انك ولدت في الجانب الصعب من الحياة ."
أجاب جايمس:"لا أدري إذا كان من المناسب تسمية ذلك بالصعب ،فالمنطقة كان فيها من الملاهي والغطاسين أكثر مما يجب .ويمكنك أن تتوقع ذلك في أي ميناء عادة،مهما صغر حجمه.ولكنني لم أذهب إلى فراشي قط وأنا جائع."
قال هيلرمان:"لكنني أراهن على أنه لم يكن لك مربية."
ارتسمت على شفتي جايمس ،مرة أخرى ،تلك الابتسامة الصغيرة الهازئة وهو يقول:" كلا ،لا أحد يعلم كيف كانت حياتنا."
انفجرت عاصفة من الضحك والتعاطف،ولم يفوت هيلرمان هذه الفرصة فتابع قائلاً :"وأتصور الشيء نفسه بالنسبة إلى المدارس الخاصة."
أجاب جايمس:" أوه ،أنني أعرف بعض الأولاد الذين انتهوا إلى مؤسسات خاصة ،أنما من نوع خاص..."
قال هيلرمان:"أنما ليس من النوع الذي ألفته الآنسة وورث بالطبع."للمرة الأولى تنازل جايمس بإلقاء نظرة على ميلودي ثم قال:" كلا .فهي تبدو لي مسالمة وملتزمة تماماً بالقوانين."
عاد هيلرمان يقول وهو يشير إلى ورقة على منضدة أمامه:" إنك مهندس بحري كما أعتقد،ومتخرج من جامعة ممتازة .وقد تدربت في مصنع محترم للهندسة البحرية .وابتدأت شركتك الخاصة منذ خمس سنوات .يشار إليك في مجلة أخبار الوطن بأنك واحد من رجال الأعمال المستقلين الذين يركن إليهم ،وحائز على جائزة تصميم أحسن يخت سباق لهذه السنة ،وهذا شيء غير قليل بالنسبة إلى شاب نشأ في أفقر أحياء المدينة."
مال جايمس برأسه وهو يقول برقة:"شكراً."
خفض دون هيلرمان صوته قائلاً:"وبالتأكيد بالنسبة إلى رجل يعرف كيف يعيش سكان نصف المدينة .أخبرني يا سيد جايمس بالنسبة إلى ميلودي .ما هو رأيك في فكرة هذه السيدة الصغيرة عن تحويل مصنع تعليب سمك قديم إلى مطبخ يقدم الحساء وملجأ للفقراء من جيرانك القدماء يلمهم من الشوارع."
أجاب جايمس:"أشتم في هذا العمل رائحة لشيء غير السمك."
أنفجرت عاصفة من الضحك لتلك اللمحة الذكية منه وقررت ميلودي أنها كانت مخطئة .أنها لم تكن تريد أن تستفزه .بل أرادت أن تصعقه،ولكن في الوقت المناسب.
نظر هيلرمان إلى الكاميرا محاولاً أن يظهر بمظهر الصراحة وسأل جايمس :"لماذا تقول ذلك ؟"
أجاب جايمس:"لأن الناس الذين تظن أنها ستستفيد من ورائهم ،لن يشكروها على ذلك."
قالت ميلودي بحدة وقد تعبت من اعتبارها أمراً مهملاً:"وما أدراك ،هل سألتهم ؟"
أجاب جايمس :"لست في حاجة لذلك،أنني أدرك شعورهم .أنهم لا يريدون إحسانك وهم يأنفون منه، عدا عن أنه لا يحل مشكلاتهم الأساسية."
سأله هيلرمان:"أية مشكلات؟" وكان يبدو عليه الاستمتاع التام بالمحاورة التي تجري بين ضيفيه .
قال جايمس:"أنه شعورهم بعدم فائدتهم لشيء.أنهم ليسوا من الأشخاص الذين يطيقون الجمود.لقد أصبحوا فائضين عن الحاجة في هذا المجتمع الجديد في المدينة .والملاجئ ومطابخ الحساء هي إسعافات أولية.وليست حلاً جذرياً . أنهم رجال ونساء أيضاً ،وهم يريدون أن يكونوا جزءاً من الحياة في ذلك القسم من المدينة الذي كان دوماً موطناً لهم.أنهم يريدون المساهمة ."
قال هيرمان:"يبدو أن كل ما تريده الآنسة وورث ، هو إخفاؤهم عن الأنظار.وذلك يعيدني إلى سؤالي هذا المساء ،ما هو الغرض الحقيقي من وراء هذه الحركة ،أهي الإنسانية أم الجشع والاستعلاء؟"
قالت ميلودي:"إذا كان هذا السبب الوحيد لطلبك مني الظهور في برنامجك هذا المساء،فإنك تعرض نفسك لدعوى قضائية،إذ أن كل ما فعلته حتى الآن هو تكرار ما سبق وكتبته الصحف المحلية منذ أسابيع قليلة.حتى ولو لم يقاضوك هم،فربما أنا سأفعل."
قال:"اهدئي لحظة يا آنسة وورث."
أجابت:"كلا ،أنه أنت الذي يجب أن تهدأ لأنني لم أكمل حديثي بعد.قبل كل شيء أقل ما يجب عليك هو أن تمنحني وقتاً مماثلاً للحديث على الهواء.ولكن بما أن اهتمامك مركز على التشهير دون حق ودون أن تعطيني الحق في الكلام، فأنا إذن لا أجد مبرراً لبقائي هنا،ولو كنت مكانك ،ما كنت لأقبل راتباً لكي أسلي الجمهور بأي ثمن كان،كما تفعل يا سيد هيلرمان .وهكذا لا يهمني مقدار ذرة أن يبقى برنامجك خالياً .ويمكنك أن تملأه بكلامك الفارغ المليء بالفضائح والشائعات ."ورمت جايمس الذي بقي جالساً وقد علت وجهه ابتسامة رضى نظرة ازدراء ثم تابعت تقول:"ولعلمك فإن ضيفك الثاني مستعد لأن يساعدك إذا أصابك الجفاف ."
قال دون هيلرمان موجهاً حديثه إلى الكاميرا:"إن السيدة الصغيرة تتكلم عن الدعاوي القضائية بينما هي نفسها إذا صدق مصدر معلوماتي ،تستحق إقامة الدعوى عليها..."وتوقف لحظة ليزيد من التأثير على المستمعين، ثم تابع إقامة الدعوى عليها من الضيف الآخر في هذا البرنامج وما هو السبب ؟لأن والد جايمس لوغان يرقد عاجزاً في المستشفى بسبب تصميم المستأجرين في كاتس آلي على تنظيف الشوارع حول مكان أعمالهم ممن يدعونهم غير المرغوب فيهم .إن سيث لوغان الذي كان منذ أسابيع قليلة فقط ،مليئاً بالحركة والحيوية كأي واحد منا ،سيث لوغان هذا قد أصبح عاجزاً عن الاعتناء بنفسه .والآن إذا كان هذا لا يعطينا صورة واقعية عما يجري هنا،فما الذي يعطينا الصورة أذن؟"
ونظرت إلى جايمس وقد صعقت لما أعلنه ذلك الرجل عن نية جايمس تجاهها وقالت له بذهول :"كيف سمحت لك أعصابك بأن تقبّلني بذلك الشكل ،في الوقت الذي كنت تعتزم فيه رفع دعوى قضائيةً عليّ."وجهت إليه هذا السؤال دون اهتمام بما يمكن أن يحدثه تصريحها هذا أمام الناس من صدمة لهم وازدراء إذ تكشف أمامهم عن تفاصيل حياتها الخاصة، وهي الحريصة عادة على أن لا تشارك أحداً بذلك.
أجاب جايمس وقد قدحت عيناه شراً:"كنت كذلك ،ولكن."…….
عادت تقول:"ولماذا أستغرق منك أخباري بذلك كل هذا الوقت والمداورة؟أم أن حقدك يتوقف عند هذا النوع من الاستقامة والتهذيب؟"
أنت تقرأ
513 - كوني لي سيدتي - كاترين سبنسر ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )
Разноеالملخص كانت ميلودي وورث لطيفة ومهذبة . وقد شاء قدرها أن تولد ثرية وهذا حتى الآن لم يكن يبدو لها مشكلة ،ثم ظهر جايمس لوغان في حياتها ليطلب منها أن تتوقف عن مساعدة الناس الذين لا يريدون إحسانها كيف يجرؤ على ذلك ؟حسناً ، عليها أن تتحمل رؤية الابن لأن...