في الأيام السالفة ،كان من الممكن لميلودي أن تتقبل ذلك لأنها لم تتعود التوسل والتذلل ،ولكن ذلك كان قبل أن يشعل جايمس عواطفها ،مما جعلها ترفض أن تستجيب لأي من مشاعر الكبرياء والترفع .ولم تتمالك نفسها من أن يجن جنونها وهي تفكر في احتمال فقدانه إلى الأبد.
صرخت وهي تقذف بنفسها بين ذراعيه: " إنك حياتي يا جايمس."
أخذت تستنشق رائحته بلهفة وشوق . ودست فمها أسفل عنقه وهي تفكر في أنها لن تنسى رائحته أبداً.
لم تفهم كيف أمكنها أن تكون بهذه الصفاقة. ولم تعرف من أين أتتها هذه الجرأة المفرطة وكيف ستتمكن غداً من أن تنظر إلى نفسها دون أن تشعر بالمذلة. كل ما كانت تعرفه هو أنه مهما كان الذي قادها إلى مثل هذا التصرف، فقد كان سريع العدوى ،ذلك أن المعجزة حدثت ، فقد ضمها جايمس بين ذراعيه يشدها إلى صدره بنفس اليأس البالغ الذي يتملكها هي.
تمتم : " تباً لذلك .ليست هذه تصرفات سيدة ، يا عزيزتي."
قالت تشهق باكية: " أريـدك يا جايمس ." ما أن سمع كلماتها، حتى أنتبه إلى المكان الذي هو فيه. وسرعان ما أبعدها عنه وهو يقول بحزم : " كلا." وبدا لها من نبرة صوته، ومن نظرته، أنهما فعلاً، قد وصلا إلى النهاية. وتابع قائلاً: " تباً لك، يا ميلودي. كيف تتوقعين أن أواجه نفسي بعد هذا؟ "
رفعت يديها بعجز ثم تركتهما يسقطان إلى جانبيها، لقد جربت كل شيء، الوسائل، الإقناع، المنطق...وعندما فشل كل هذا ، عادت إلى أقدم السبل في محاولة لإيقاعه.
لقد شجعته وحاولت إغراءه بشتى السبل.لقد غامرت بكل شيء.ولكنها خسرت في النهاية ،والسبب، سواء صدق ذلك أم لا، هو أن جايمس كان في أعماقه سيداً مهذباً.
لم يكن من غير المتوقع أن يكون الحديث عن احتفال الربيع الراقص، هو الموضوع الذي دار حوله النقاش، عندما وصلت ميلودي إلى السوق صباح الاثنين التالي.
حياها إميل قائلاً: "إنك تبدين شاحبة، ألم ترتاحي بعد من رقصك حتى الفجر يا صغيرتي؟ "
نظرت إليها كلو قائلة: " إن كلمة (شاحبة) لا تكفي .ما الذي حدث؟ هل هجرك حبيبك؟ "
فتحت ميلودي باب متجرها وقالت: " نعم."
بدا على كلو الحرج وقالت: "أوه...في مثل هذه الحالة..."
قال روجر: " إنها لن تتفوه بأية كلمة."
قالت ميلودي: "هذا لا يهم ." وكانت هذه هي الحقيقة، فقد مرت بها تعاسة الحياة كلها منذ ليلة السبت. وسكبت بحراً من الدموع، ومازال قلبها يشتعل.
قالت: "سرعان ما سأنتهي من كل هذا، ويمكنكم أن تقولوا ، الآن، كم أنتم آسفون، وأي نذل هو، وكم أنا محظوظة، إذ اكتشفت حقيقته قبل فوات الأوان...مهما كان معنى هذا، تتوقف تساؤلات تسعة أسابيع مرت لتعود الحياة كما كانت."
أسرعت أنّا تشانكوسكي بإبريق القهوة الطازجة تقدمه إليها بابتسامة عطف قائلة: "هذا لأجلك ."
قالت كلو: "أرجو أن تكوني أريته الجحيم ."
قالت أدريادن تعارضها: " ليس بالنسبة لهذه الطفلة، فإن قلبها بالغ الرقة .لو كنت مكانها لجعلته يتألم ،ويندم على حماقته قبل أن أصفح عنه ."قال روجر: " أظنكما كنتما ، مرتاحين جداً مساء السبت. ربما سيغير رأيه."
أومأ إميل برأسه موافقاً وهو يقول: "إن روجر على حق سترين يا عزيزتي أنه سيكون هنا قبل انتهاء النهار مع الزهور والاعتذار."
قالت ميلودي بجمود: "لقد ترك المدينة ولن يعود."
وهنا قال جستين: " وكيف تلقى والده الخبر؟ "
قالت: "لا أدري.سأذهب إلى هناك بعد الظهر لأراه."
سأل روجر: "هل ذكر لوغان السبب الذي جعله يرحل في هذا الوقت؟"
افترضت ميلودي أنه فعل ،ولكن ذاكرتها خانتها .كل الذي تذكرته هو أنها تصرفت بحماقة، فقد توسلت وتضرعت بيأس،لا أحد يعلم إلى أين كان سيؤدي بها ،لولا رفض جايمس النهائي الذي أنقذ ما بقي من كبريائها الملطخة.
لقد هربت بعيداً باكية كالمجنونة،ولم تنتظر المصعد،وصعدت السلالم ،وتوقفت أعلاها ، متكئة إلى الحاجز الحديدي البارد، وهي تجاهد في تمالك نفسها وضبط دموعها .
توسلت إلى روبرت قائلة: "خذني إلى البيت من فضلك،فأنا أشعر بالصداع." وكان هو من التهذيب بحيث لم يستخف بطلبها المفاجئ بحيث لم يعلق على مظهر عينيها المنتفختين الحمراوين.
أعتذر لأصدقائه،ثم قادها إلى غرفة المعاطف حيث أحضرت معطفها ،ثم إلى سيارته في الكاراج ،فأنطلق بها إلى منزلها دون أية كلمة أو سؤال،أو تعليق على الدموع التي تنساب على وجنتيها كجدول دون نهاية.
عندما ترجلت من السيارة أمام بيتها، شكرته قائلة: "أنني آسفة، إذ لا يمكنني أن أدعوك إلى فنجان قهوة."
قال بلطف: "لا يمكن أن ألبي هذا حتى لو أمكنك ذلك."
صباح اليوم التالي وجدت باقة من الورود الحمراء على عتبة بابها من روبرت .ولكنّها انفجرت بالبكاء عندما اكتشفت أنها ليست من جايمس.
أجابت روجر عن سؤاله كاذبة: " كلا،إنه لم يذكر سبب رحيله في هذا الوقت بالذات."
ربت إميل على كتفها قائلاً: "أتظنين أن هذا كان قراراً مفاجئاً؟ ربما لظروف خاصة به؟"
أجابت كلو : "إنك إذن حمقاء. لو كنت مكانك لجعلته يعترف بذلك السبب اللعين الذي جعله يهرب بعيداً بهذا الشكل الخاطف.أراهن على أنه متزوج وله ثلاثة أولاد ينتظرونه في مكان ما.أين يعيش بالمناسبة؟ "
قال روجر: "في كل مكان .لقد تحدثت مع أبيه مساء السبت في تلك الحفلة فاخبرني بذلك .يظهر أن للشاب عنواناً في مكان ما من الساحل الشرقي ، ولكنه يمضي نصف أوقاته أينما يقوده آخر يخت سباق صممه وأنزله للبحر للتجربة .وفي السنة الأخيرة كان في جنوب الباسيفيك لمدة أربعة أشهر ،وكان قادماً لتوه بعد أن أمضى ستة أسابيع في البحر الكاريبي،عندما علم بالحادث الذي وقع لأبيه.فليس من المحتمل أذن يا ميلودي أنه مع هذه الحياة الهائمة التي يحياها ،أن تكون ثمة زوجة في انتظاره، إذا كان في هذا ما يبعث التعزية في نفسك."
قالت كلو: "أن رجلاً حياته على هذا النحو .لابد أن لديه عدة زوجات هنا وهناك ،إذا أردت رأيي يا ميلودي فأنت محظوظة إذ خرج من حياتك."
قالت أدريادن : "إنها لا تريد الوسيم، تريد أن يعود إليها رجلها الوسيم ،يمكنني بالتأكيد ،أن أعرف السبب.فقد...كان ... آه ... أنه لذيذ... بكل معنى الكلمة ... "
كانت ميلودي تعلم أن نواياهم طيبة ، ولكنها في هذه اللحظة تمنت لو تلقي بهم جميعاً في البحر .أما بالنسبة إلى جايمس ، فكلما أسرعت في إخراجه من حياتها وصممت على أن تقع في حب رجل مناسب مثل روبرت ، كان ذلك أفضل لها.
لقد صدم ميلودي ما رأته من تأثير فراق جايمس على أبيه .
وجدت سيث جالساً بمفرده في الكوخ إلى جانب الرماد البارد في المدفأة .وعلى وجنتيه آثار دموع جافة. وشعرت بالخجل البالغ من نفسها لأنانيتها التي جعلتها تهمل رجلاً فقد ولده الوحيد بعد التقارب بينهما ، وليس له أسرة ،شأنها هي، يلجأ إليها يستمد منها السلوى والعزاء.
أنت تقرأ
513 - كوني لي سيدتي - كاترين سبنسر ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )
Acakالملخص كانت ميلودي وورث لطيفة ومهذبة . وقد شاء قدرها أن تولد ثرية وهذا حتى الآن لم يكن يبدو لها مشكلة ،ثم ظهر جايمس لوغان في حياتها ليطلب منها أن تتوقف عن مساعدة الناس الذين لا يريدون إحسانها كيف يجرؤ على ذلك ؟حسناً ، عليها أن تتحمل رؤية الابن لأن...