بسم الله الرحمان الرحيم
❤️اللهم صلي وسلم على نبينا محمد❤️كان يلذ لي ان اختلف إلى هذا المكان الجميل صباح مساء ، وان استريح الى منظره الهادئ الساكن .فإني لجالس ذات يوم على صخرة من صخوره العالية .أقلب الطرف بين ارضه وسمائه .وافكر في شأن هذين الكوخين الدارسين ، وفيما تنطق به آياتهما من العظات والعبر وآثارهما من الاحاديث والسير ، اذ مر بي شيخ هرم من سكان الجزيرة قد نيف على السبعين من عمره ، يعتمد على عصا عجراء في يده ويلبس سروالا واسعا وصدرا ريفيا بسيطا ، وقبعة عريضة من الخوض كشأن سكان تلك الأصقاع ، وله شعر أبيض مستطيل مسترسل على كتفيه ، وقد تلألأ وجهه الأبيض النحيف الضارب الى السمرة بذلك النور الساطع الذي يتلألأ دائما في وجوه الريفيين الأتقياء ، نور البساطة والطهارة ، والنبل والشرف.
فأنست به وبمنظره الجميل الأنيق، وبدأته بالتحية ، فرفع رأسه إلي متوسما وألقى علي نظرة هادئة مطمئنة ، ثم رد تحيتي ردا جميلا .وكأنما شعر لي بمثل الذي شعرت له به من العطف والود ، فأقبل نحوي باسما متهللا وجلس على صخرة محاذية للصخرة التي اجلس عليها ، وألقى عصاه تحت قدميه ، ووضع قبعته بجانبه ، فأقبلت عليه.
وقلت له : لعلك تعيش في هذه الجزيرة يا سيدي منذ زمن طويل ؟قال: نعم طويت فيها رداء شبابي ، وها انذا اطوي فيها رداء شيخوختي وستبرد عظامي غدا تحت صخورها وجنادلها.
قلت : هل لك أن تحدثني قليلا عن شأن هذين الكوخين الدارسين ، وعمن كان يسكنهما قبل أن تعبث بهما يد البلى وتعصف بهما عواصف الدهر وأرزاؤه ؟
فوجم قليلا وظل صامتا لا يقول شيئا ، وقد انتشرت على جبينه اللامع المتلألئ غمامة رقيقة من الهم والإكتآب . ثم تنهد تنهيدة طويلة إختلجت لها أعضاؤه
وقال : نعم يا بني إن هذا الوادي الذي تراه اليوم خرابا لا يمر به المار إلا ليقف على ربوعه وأطلاله وقفة المتأمل المعتبر . كان منذ عشرين عاما روضة غناء يعيش فيها اقوام سعداء بأخلاقهم وفضائلهم ، ما كان يخطر ببالهم ، ولا ببال من يراهم أن مصيرهم سيكون هذا المصير الذي تراه اليوم ، وإن قصتهم لقصة غريبة مؤثرة تستثير الأشجان وتستذرف الدموع إلا أن أبطالها ليسوا ملوكا ولا قادة ، ولا من أصحاب القصور والدور ، والحوادث الجسيمة ، كما هو شأن أبطال الروايات التي تقرؤونها ، بل هم قوما فقراء مغمورين تقتحمهم العيون وتتخطاهم الأنظار . ومن كان هذا شأنهم لا يحفل بهم احد من الناس ، ولا يعنى بسماع شيء من أخبارهم وتواريخهم . لأن الناس لا يستطيعون أن يفهموا السعادة إلا من الطريق الذي ألفوه واعتادوا ، فهم لا يصدقون أن قوما فقراء متقشفين يعيشون في أرض قفراء جرداء ، منقطعة عن العالم بأجمعه قد استطاعوا ان يكونو سعداء من طريقة الفضيلة والبساطة . فأكبرت الرجل في نفسي وأعظمته ، وعلمت أنه يحمل بين جنبيه نفسا كبيرة سامية تختلف صورتها عن صورة هذه الأسمال الحقيرة التي يلبسها
وقلت له :
نعم يا سيدي إنني اعترف لك أننا معشر الأوروبيين لا نفهم من معنى السعادة إلا ذلك الذي تقوله، ولا نعجب بالقصة إلا إذا كان ابطالها اولئك الملوك الظلمة ، والقواد السفاكين، ولكننا لا نستطيع ان نصغي في بعض الاحايين بلذة وسرور إلى احاديث الفقراء والبائسين . ومهما بلغت القسوة بالقلب الإنساني ، وغمرت الشهوات شعوره ووجدانه ، فلا بد ان تهب عليه من حين الى حين نفحة من نفحات الفطرة الإلهية تنعشه وتوقظ شعوره ، فيستطيع أن يعود إلى نفسه قليلا ، وأن يفهم ان العالم صنوفا من السعادة غير التي يعرفها ويألفها ، وربما اكبرها واعظمها وتمناها لنفسه و ود لو طال استمتاعه بها ، فقص علي قصتك يا سيدي ، فما انا لو علمت الا رجل بائس مسكين قد أخطأته السعادة حيث طلبها من المدن والحواضر بين الدور والقصور . فلعله يجدها في القفر الموحش بين الهضاب والصخور
فوضع يده على جبينه المغضن كأنما هو يفتش في طيته عن بعض الذكريات القديمة ، أو يستجمع ما تفرق من شواردها .
وأنشأ يحدثني ويقول : ......................................----------------------
تلخيص :بعد رحلة الكاتب وإلتقائه بالجزيرة وما رأى منها من مشاهد فإذا به يلاقي شيخا يبدو عليه سيمات النبل وظهر بعد حديث دار بينهما أن له سابق عهد في هذه الجزيرة حيث قص عليه حال الجزيرة من قبل ان تكون جرداء فقيرة.
وكان يبدو عليه أنه يخفي الكثير من الذكريات
ترى ما قصة هذه الجزيرة بالظبط وماهي الأحداث التي جعلت من جنة غنية تتحول إلى قفر فقير ؟ .......**********************
.
.
.
.
.
.
.
أنت تقرأ
الفضيلة
General Fiction❤️اللهم صلي وسلم على نبينا محمد❤️ هذه الرواية للكاتب مصطفى المنفلوطي تتحدثُ هذه القِصةَ عن بول و فرجيني الصبيآن الذآن ربيا معاً في مكان ناءٍ بعيدا كل البعد عن الترف حيث كانا منذ الصغر يلعبآن و يلهوان معا و يقضيآن جل اوقاتهما في زرع النباتات و رعاي...