في غرفة هادئة ..واقفة بكل أناقتها "أناقة العروس" تنظر إلى المرآة مندهشة ..ﻷول مرة ترى نفسها ساحرة إلى هذا الحد ..عينيها البنيتين تلمعان بإغراء تحت ظل العيون الأسود المدخن مما أظهر سحر البني الغامق لعينيها ..وجهها منير وبشرتها السمراء أشرقت مع بياض الفستان ..إختارت فستان زفاف أبيض بياض الثلج بقصة الأميرات ..طلة أميرة ساحرة لا تستطيع أن تشيح بناظرك عنها ...دخلت والدتها تهتف بالزغاريد مع أخواتها وابنة عمها (أحلام) التي ظهرت الدهشة على ملامحها من الغيرة التي تكنها للعروس ..تكلمت بلهجة إستهزاء وإستنكار ..
_ لو أخبروني قبلا أن (أسينات) ستبدو هكذا يوم زفافها لقلت كاذبون ..ألم تستبدلوا العروس يا ترى ههه من أنت ؟
ضمت شفتيها ورفعت حاجبيها بإنزعاج من تلميحها وردت بكل ثقة ..
_(أحلام) صحيح أنني لا أهتم بنفسي ولا أتبرج لكن ليس لذاك الحد .."المليح بلا مسيح والزين يبان مهما تخبى تحت القبيح" ..
ضحكت محاولة تغيير الحديث و تغطية شعور البغض والإستنكار ..قائلة مع نبرة كذب واضحة ..
_كنت أمزح عزيزتي ..لطالما كنت جميلة و حنونة ..[وغبية بلهاء لا تففه شيئا ..من أين لك بعريس كهذا لا أعلم ..توقعت أن تبقي عانسا وحيدة بعقلك التافه ذاك] أكملت متمتمة في قلبها أصل الكلام عن شعورها الحقيقي البغيض ...إقتربت منها والدتها تضيف اللمسات الأخيرة قبل الخروج ..تكلمت بعينين دامعتين تمدح إبنتها العروس ...
_ تبارك الله ..إبنتي الحنونة .."ربي يهنيك مع راجلك" ..الآن قلبي مطمئن ومرتاح ..كان والدك محقا حين قال لن أرتاح حتى أزف (أسينات) إلى بيت الزوجية مع زوجها و يطمئن قلبي عليها ..
_أمي أرجوك لا تذكريني بهذا مجددا ..تتحدثون عني وكأني عالة عليكم ..
أدمعت عيناها الساحرتين وابتسمت بحزن وهم مخبئان في قلبها وأكملت حديثها مبتسمة
_حسنا لقد زوجتموني ...يمكنكم أن ترتاحوا الآن ..من الآن فصاعدا لن يتحدث الناس عن كوني عانسا تمنع زواج أختيها ..
تدخلت أختها (مريم) محاولة تغيير الجو بعد أن شعرت بجرح وعقدة أختها
_ اوووه كفى (أسينات) لا تفسدي تبرجك الآن ..ليس وكأننا قلنا أنك تبدين جميلة ستعتقدين أنك لا تحتاجين إليه وتفسديه هه
_هيا يا عروس ..الموكب وصل يجب أن ننزل للقاعة الآن ..
كانت أختها (مارية) تسحبها من يدها تقودها خارج الغرفة لتبعدها عن الجو المشحون الذي طغى على أجواء الفرح كافة ..في ردهة المنزل كانت تنتظر مع شقيقتها مريم ووالدتها يمسكان بيديها المرتجفتين دخلت شقيقة العريس (سارة) كي ترافق العروس في موكب الزفاف المتجه إلى قاعة الأفراح ...ألقت السلام وكشفت وجه العروس المغطى ..ابتسمت باستهزاء قائلة
_ أنا سأرافقك إلى القاعة ...أخي لم يأتي ليرافقك خجلا من والدك ظنا منه أنه لن يوافق نظرا لطبعه المتحفظ والصعب ..
كانت ترمقها بنظرات استصغار ترافق جملتها التي هزت كيان العروس التي احمرت خجلا من الموقف التي لا تحسد عليه ...نظرت إلى والدتها وابتسمت وأحنت رأسها ..ماذا عساها تقول أو تفعل ..والديها وضعاها في هكذا موقف ..تستحق ذلك وأكثر ..
في قاعة الأفراح تم الزفاف في جو مفرح بهيج يعكس أجواء الأعراس التقليدية الجزائرية بالنسبة للضيوف كان حفل زفاف بديع ..أما بالنسبة للعروس فكان تكملة لطقوس دفنها على مرأى عينيها الحزينتين وحسرة قلبها ...دقت الساعة الحادية عشر ليلا والعريس لم يظهر بعد ..همسات الضيوف ونظراتهم جعلت العروس تطمس نفسها في فستانها المنتفخ ..للحظة ورد في بالها أن "العريس هرب" من المفترض تهرب العروس وليس العريس ...يا لسخرية القدر ..جلست بجانبها (ماريا) شقيقتها تهمس بصوت حزين متظاهر بالأمل
_لا تخافي سيأتي ..من المؤكد أنه تأخر في السهر مع الشباب ..يعبر عن فرحته بك ..
ردت ضاحكة تخفي ما ظهر من الصدمة و الحزن على محياها
_"أنا رضيت بالهم وهو مارضاش بيا"
اقتربت والدة العريس حماتها (جميلة) تبتسم لها بوجه أحمر يكاد ينفجر من هول الموقف الذي فرضه إبنها
_إبنتي لا تقلقي ..لقد اتصلت به وقال أنه مع الشباب في سهرة العريس يحتفل ..قال سيأتي خلال برهة من الزمن
_قلت لك إنه فرح بك ..يستمتع بسهرته معبرا عن سعادته ..
جملة قالتها أختها معبرة عن تفكير بسيط نظرا لصغر سنها ...قالت كلامها مع غمزة وضحكة تلمحان لشيء عظيم ..هيهات أن يتحقق ...تمتمت (أسينات) كلاما تمنت لو كان مسموعا ليعبر عن حزنها [فرح به هه وحتى ملامحي لا يعرفها ..بدل أن أتصل أنا بزوجي تتصل به والدته ..فعلا يبدو سعيدا بي !] ..كانت تعلم أنها كذبة من اختراع والدته لتغطية الفضيحة القادمة الليلة ..
_(مارية) أريد الذهاب إلى الحمام ..أرجوك أشعر باختناق شديد ..
نظرت إليها أختها بحيرة وشك قائلة
_إختناق! ما بك (أسينات) ؟
أجابتها بضحكة تنفي شكها وخوفها وتوقف دموعها هي ..
_أقصد ...اختنقت ..أريد أن أقضي حاجتي هه!
_أوووه ..لقد أخفتني فعلا يا شقية ..ظنتت هناك شيئا ما ..
أنت تقرأ
خيوط الحب
Romanceتلك اللحظات عندما يقرر النصيب مسار الحياة ..حين تنسج #خيوط_الحب بما يخالف القلوب و التوقعات ..حين تجد نفسك في مكان لا رجعة فيه وفي موضع لا قرار فيه ..عن ذلك الخضوع للنصيب والضياع في خيوط الحب ..ينصاع القلب حيث لا رأي له أمام النصيب