من مدخل القاعة ...كان يتقدم بخطوات واثقة متجها نحوها بكل فخامة ورجولة وسامته طاغية على مظهر العريس الذي يتقلده... بعين خجولة لكن ثابتة كانت مركزة على العريس ... زوجها على ما يبدو ... تتفحص مظهره العام الساحر وهو يقترب ... طوله وقامته وضخامة صدره العريض... هي من البداية مسحورة به منذ قابلته يوم موعد الخطبة وموعد العقد ...من لحظتها وهي أسيرة غموضه وحِدّة نظرته إذ أنها شخصية تعشق الغموض والغضب ...لحظة حضوره أمامها على مجلس العروسين وجلس بجانبها إحمرّت خجلا وتلاشت نظرات التفحص والسحر من عينيها وحلّت محلّها نظرات خوف وترقب ...خجلت جداً بالطبع فالخجل طقس من طقوس يوم الزفاف ...أحنت رأسها رغم أنها متأكدة أنه لا يراقبها ولم ينظر إليها حتى ...نظراته كانت تجول بين كافة الحاضرين إلا حضرة العروس ... لكنها ورغما عنها تتأثر به وتشعر بنظراته تقتنصها حتى بدون أن ينظر عمداً مباشراً لها ...طبعا هذا جنون تدركه حقيقةً فهذا تأثير طغيان حضوره القوي فحسب ... بقي قليلا فقط نظرا لتأخره أساسا ...ثم قام واقفا منتصبا بحجمه يبدو أنه أوان الرحيل إلى أهم جزء في هذه الليلة الكئيبة ...سحبها من يدها دون كلمة "هيا" حتى كسابق إنذار على الأقل ...لكنه لم يقل وهذه إشارة خطر واضح ! ...سحبها لتلحق به وتنصب جسمها الضئيل مقارنة بجسمه ...خانها توازنها من قوة يده على يدها النحيلة حتى جسدها مصدوم من فعلته ..همّت بالوقوع من خذلان الكعب العالي الذي ترتديه ...لكن سرعان ما أنقذت الموقف وإتخذت طول الفستان الهائل حجة لتعثرها ... الحمد لله إنطلت حيلتها على الجميع أو على الأقل هذا ما آملته هي... خرجوا من القاعة بعد طقوس التوديع والتهاني مع أهلهم حين لاحظت إنزعاجه وتوتره وكأنه رجل غريب سحبوه ودفعوا له مالا ليمثل دور العريس ...عذرا إنه ممثل سيء جدا ...شقيقتها (مريم) هي الوحيدة التي كانت ملاحظة نفس الشيء الذي لاحظته (أسينات) ..."الرجل مُكرَه على العرس" ... إستقلّوا سيارة راقية مجهزة للعروسين ...وطبعاً عانت لوحدها مع فستان العرس المنتفخ حيث وجدت صعوبة كي تدخل بجانبه في السيارة ...لم يُساعدها حتى بفتح الباب على الأقل! ..في حين كان يبدو منزعجا وهو يتأفف قابضا يديه كوسيلة لكبح غضبه كي لا ينفجر بوجهها مثلا! ... وصلوا إلى بيتهم "بيت الزوجية"...وكعادته كإحترافي لفن التجاهل دخل إلى المنزل وصعد السلالم نحو غرفة النوم ربما! ...تاركاً إياها خلفه شبه ضائعة تنتظر في الردهة... تنتظر شيئا من حسن المعاملة يُعرف عادة ب "دلال العروسة" المعتاد غير أن هذا الرجل صعد بعد أن ترك كلمات ذات مقصد أبعد ما يكون عن الدلال قائلا بلهجة امرٍ وتعالٍ بحت..
_تعالي للأعلى ... لن أقوم بدعوة ترحيب لكِ ! أو ما يُعبر بلهجتنا قولا "موش راح نعرضك!"دخلت الغرفة ... بعد أن إستفاقت من غفوة الذهول والصدمة ..تسمع صوت الماء يبدو أنه يستحم ... خائفة جداً خصوصا وأن معاملته لا تخفف من التوتر بل تزيده سوءاً ... قلبها يكاد يقفز من صدرها طلباً للنجدة وبعضاً من السكينة وكأنها اللحظة الحاسمة لهذه الليلة الغامضة مع العريس الهارب _تقريباً_ ..بهذه العبارات كانت تخفف من توترها أو على الأقل تحاول رغم أن خالاتها حدّثوها بشأن حيثيات هذه الليلة إلا أنهم لم يذكروا الجزء المرعب المتعلق بالإنتظار ...هي تكره الإنتظار ولا تجيده يا ليته تحدّث معها قليلا أولا لتهدئتها قبل أن يذهب للحمام ...على صراع أفكارها وخوفها خرج مرتدياً ما يبدو كملابس نوم رجالية ...إقترب نحوها حمل وسادة وإتجه نحو الباب ثم فجأة وكأنه تذكر وجود شخص ما هناك ...إلتفت نحوها بطرفة عينٍ وقال بكل هدوء ...
أنت تقرأ
خيوط الحب
Romanceتلك اللحظات عندما يقرر النصيب مسار الحياة ..حين تنسج #خيوط_الحب بما يخالف القلوب و التوقعات ..حين تجد نفسك في مكان لا رجعة فيه وفي موضع لا قرار فيه ..عن ذلك الخضوع للنصيب والضياع في خيوط الحب ..ينصاع القلب حيث لا رأي له أمام النصيب