في منزل متواضع لعائلة متواضعة مادياً ...كانت جالسة تشاهد التلفاز كعادتها ..تشعر بالملل والضجر وهي حبيسة المنزل منذ شهرين لا تغادر إلى أي مكان كسائر الفتيات ..تشعر بقلة حظها وإنعدام فرصها لحياة الرفاهية التي تحلم بها ..حلم الفتيات المتواضعات..قطعتها عن شرودها وتفكيرها السلبي إبنة عمها (آية) ..وكالة أنباء الحي كما يُعرف عنها لديها كل الأخبار ..وخبر اليوم بالتأكيد عاجل ومهم ..أطفأت التلفاز وجلست بجانبها تشعر بالحزن لحال قريبتها..تبدو جثة هامدة تتطفل على عالم الأحياء..قابعة في حزنها ومرارة حظها ..إستفاقت من غيبوبة حضورها على إنقطاع صوت التلفاز والشاشة المطفاة.. نهرتها بصوت شبه صارخ..
_ماذا دهاكِ (آية) ...شغّلي التلفاز!
_كلاّ سنتحدث بأمر هام الآن ... دعي التلفاز وشأنه وأنت كل يوم تشهادين المسلسلات الكئيبة تنتحبين حظك ...إستمعي إلي !
_حسنا ... ماذا هناك ... ادلِِ بدلوك.. سريعا لا أريد التحدث !
_لدي خبر محبط بعض الشيء ... إسمعي لا أريدك أن تغضبي ..أعدك سنجد حلاً!بدأ ينفذ صبرها من مقدمات (آية) التي من الواضح أنها أحضرت موضوعا محزنا ..أصلا تعودت على الحزن ولا شيء يحبطها أكثر مما حدث قبلا ... تنهدت من أعماقها وأعطتها إيماءة برأسها كأن تحدثي لا بأس ..
_لقد سمعت أن يوم أمس كان زفاف (مهدي)..
شعرت بشيء أشبه بالسقوط من فوق طابق عالي إلى سطح الأرض ...لم تعتقد يوما أنه سيتزوج بهذه السرعة أو بالأحرى ما ظنت أن يتزوج أبداً ..
_ماذا ؟؟ (مهدي) ...من قال هذا ؟ ..من هي تلك الفتاة؟ ..من هي زوجته؟؟ ..تكلّمي !
_يُقال أنها فتاة من مدينة مجاورة لنا ...وأيضا يقال أن زفافهما كان رائعاً ..نظرت إليها نظرة غضب وغيرة إجتاحتها لمجرد سماع كلمتي زفاف و (مهدي) مع بعض دون كلمة (أسماء) بينهما ...فعلا إنها صدمة ..
_ما إسمها ؟ ..من هي؟؟ ..هل نعرفها؟؟
_إسمها (أسينات العامري) ...لا نعرفها طبعاً فهي ليست من مدينتنا! ..أخذت تستوعب الإسم الذي سمعته محاولة إستدراك الموقف ..تكلمت بغضب شديد مخاطبة (آية) بكل جدية وإستعطاف عسى أن تحقق مرادها وتطفئ لهيب نيران إشتعلت في قلبها
_ألم تسمعي أخباراً أخرى عن علاقتهما...أقصد قبل الزواج ..
_كلاّ لم أسمع شيئا... مهلا (أسماء) هل تعرفينها؟؟
_لا أبدا..لم أسمع هذا الإسم أبدا ..كما قلتِ من أين سنغرفها وهي من مدينة أخرى! ..
_ماذا ستفعلين الآن؟! .. سأساعدك مهما أردتِ ..
_لن أفعل شيئا طبعا ... لن أكون دخيلة بين زوجين ..لست محفزاً للخيانة... هو الآن متزوج من أخرى ...أتمنى لهما السعادة ..هذا كل شيء ..!
_كيف لكِ أن تكوني بهذا البرود ...لقد كان حبيبك ؟!
_كان وليس بعد الآن..!نظرت إليها وإبتسمت ..ثم أشعلت التلفاز وأخذت تتظاهر بأنها تشاهده بهدوء وكأنها لم تسمع للتو خبر زواج حبيبها بأخرى ولكن داخلها يشتعل ..لا أحد يعلم ما يجول خاطرها الآن ..(أسماء) تتخذ مواقف واقعية ولا تحلم بشيء بعيد المنال ..أحلامها معقولة ولا تؤمن بالخرافات والقصص الخيالية ..أفكارها ذات بعد واقعي بحت ...
______________
أنت تقرأ
خيوط الحب
Romanceتلك اللحظات عندما يقرر النصيب مسار الحياة ..حين تنسج #خيوط_الحب بما يخالف القلوب و التوقعات ..حين تجد نفسك في مكان لا رجعة فيه وفي موضع لا قرار فيه ..عن ذلك الخضوع للنصيب والضياع في خيوط الحب ..ينصاع القلب حيث لا رأي له أمام النصيب