استيقظت صباحا على صوت مياه الحمام متناغما مع صوته يغني ترانيم مبهجة تدلّ على أنه سعيد .. يبدو أنها هي الوحيدة التعيسة الضائعة في هذا المنزل تفكر في مصيرها المجهول معه... قد مر أسبوع على زواجهما أو عقد تمثيلهم كما يطلق عليه هو ...من الجيد أنهما يعيشان رفقة عائلته أقلها تحظى بالمتعة والمرح وتتجنبه ولو قليلا ..تكفيها مساحة صغيرة للتنفس بعيدا عن تهديداته وكلامه الوقح ...خرج من الحمام جاهزا للخروج ومتأنقا جداً ..حسنا إحقاقا للحق هي تعترف بكمالية مظهره ووسامته وسحره بغض النظر عن طباعه..طبعا فالمخادع دائما يكون بأبهى حلة وإلا كيف يتلاعب بالآخرين دون خلق تمويه مغرٍ كالوسامة والقوة مثلا ...نظر إليها وإبتسم كعادته ..ليتها تكون إبتسامة صادقة بريئة لكانت أحبتها ..لكن إبتسامته ساحرة تحمل لعنة خلفها ..لعنة تكمن في عقله الجهنمي ..تكلم بصوته القوي المشحون بالغضب مغلفا بالهدوء المستفز_هل غيرتي رأيكِ ؟ ألا تريدين زيارة عائلتك؟ ..هيا أنا أنتظرك في الأسفل ربع ساعة ..إن لم تنزلي سأذهب وأتركك هنا!
ختم كلامه بإبتسامة وسحب السيجارة من العلبة وأخذ هاتفه في يده ..إنتفضت من السرير تنفخ في وجهه ..طبعها غلب خوفها هي تستخدم النفخ والتأفف في وجهه كردّ على معاملته السيئة فذلك يشعرها بتحسن بسيط ..دخلت الحمام مع دفع الباب بقوة ..كانت تغتسل وفمها يتلفظ بكل أنواع الشتائم الموجهة له تعبيرا عن غضبها ..لم تخرج حتى سمعت دويّ الباب بعد أن خرج ودفعه بقوة ردا على تأففها أمامه.. من المحتمل أنه إنتظرها لتخرج ويعاقبها بنفسه لكنها تعمدت المماطلة تهربا منه ..إنتهت من تجهيز نفسها ونزلت للأسفل لتجدهم مجتمعين على الطاولة يتناولون فطور الصباح ..ألقت عليهم تحية الصباح وهمّت بالخروج مسرعة لتلحق به قبل أن تنتهي مدة الخمسة عشر دقيقة ..إستوقفتها حماتها (جميلة) تسألها مستغربة ..
_مابكم ؟ على الأقل تناولوا فطوركم قم غادروا ؟!
كان سيرد على والدته على الأرجح ردا منمقا ليتهرب من حيرتها وتدخلها.. غير أن (أسينات) إنتهزت الفرصة لتبدي تذمرها منه فلعل وعسى ينال توبيخا من والدته يطفئ نيران قلبها الثائر من الغيظ ..
_لا داعي لذلك يا أمي (جميلة) فإن (مهدي) مستعجل قليلا ..لو أبقى للفطور سيذهب ويتركني!
_فعلا إبنتي..إنه إبني وأعرفه جيدا لا يهتم سوى بنفسه وإنشغالاته..نظر إلى (أسينات) نظرات مشحونة بالغضب فقد فهم تفكيرها وأسلوبها الإنتقامي التافه ..ولكن إنه المخادع كما يُقال فسرعان ما عدّل الموقف لصالحه قائلا ..
_في الواقع ..كنت سأدعوها لتناول الفطور في الخارج ..في أحد المطاعم المطلة على البحر ..
نظر إليها من خلف والدته بزاوية نظر حادة كأن لو تتفوهي بكلمة سأقطع لسانك ..ثم أكمل مخاطبا إياها بكل لطفٍ منمّق مزيف مستفز تحت نظرته الحادة وفمه المكشّر بغضب قائلا..
أنت تقرأ
خيوط الحب
Romanceتلك اللحظات عندما يقرر النصيب مسار الحياة ..حين تنسج #خيوط_الحب بما يخالف القلوب و التوقعات ..حين تجد نفسك في مكان لا رجعة فيه وفي موضع لا قرار فيه ..عن ذلك الخضوع للنصيب والضياع في خيوط الحب ..ينصاع القلب حيث لا رأي له أمام النصيب