توماس:
وقفت أمام غرفة الولادة، الغرفة التي أصبحت تسبب لي الكثير من الهواجس منذ ولدت زوجتي أول مرة، جلست وأطرقت برأسي وأنا أفرك يدي في توتر..
"سألحق بالممرضة بعد أن تأخذ الطفل لن أسمح لنفس الحدث أن يتكرر"أخذت نفسًا عميقًا ودعوت الله في سرّي أن يكون كل شيء على ما يرام..
بعد ساعة خرجت الممرضة وهي تحمل الطفل، ركضت ناحيتها وأنا أطلب منها أن تعطيني إياه، حملته ثم سرت في نفسي قشعريرة ولم أشعر بالدموع التي شقت لها طريقًا في وجهي، أخذته الممرضة مني وقبل أن تذهب أمسكت بها وقلت في حدة:
-"لن تذهبي به من أمامي وحدك سأكون معك!"فتحت الممرضة عيونها في صدمة وما لبثت أن قالت:
-"لا يا سيدي أنت اذهب لزوجتك وأنا سأتدبر أمره"
نظرت لها بشك وقلت:
-"ولكني لا أضمن أن تفعلي به شيئًا أو أن تبدليه بأحد الأطفال مثلًا!"
قالت بهدوء مصطنع:
-" اطمئن يا سيدي لن يحدث له أي شيء! هذا المستشفى محترم ولن أفعل أي شيءٍ قد يضرُّ بسمعته! "قلت وما زالت أحداث تلك الليلة تتقافز في رأسي :
-" حسنًا فليكن ولكن إن حدث أي شيءٍ بطفلي فسأحرق هذا المشفى بمن فيه! "أومأت الممرضة بخوف ثم ذهبت، نظرت لباب غرفة الولادة بصمت ثم قررت الدخول...
دخلت ووجدت زوجتي على السرير مغمضةً عينيها ويبدو على وجهها الشاحب التعب..
ذهبت نحوها وقبلت رأسها ثم جلست بجانبها، فتحت عينيها ببطء ونظرت لي ثم ابتسمت لي ابتسامة باهتة، أمسكت يدها وقبلتها وأنا أقول :
-"كيف حالكِ الآن؟"
أومأت برأسها ثم انهمرت دموعها بكثافة، احتضنت وجهها بيدي وهمست:
-"لماذا تبكين حبيبتي؟ أنت أنت بخير وطفلنا كذلك!"ولكنها لم تهدأ إلا بعد فترة، ثم قالت بوهن:
-"أنا خائفة!"
-"خائفة؟! من ماذا؟"
أخذت نفسًا طويلًا وقالت:
-" من أن يتكرر ما حدث قبل أعوام!"كيف أواسيها وأنا نفسي أريد من يواسيني ويبعد عني كل تلك الهواجس!
كيف أواسيها وأنا خائفٌ أكثر منها!تنهدت ونظرت في عينيها لأقول بابتسامة مزيفة:
-"لا تقلقي، أخبرت الممرضة أن تعتني به جيدًا وأن لا تفعل أي شيء قد يلحق الضرر بنا أو بطفلنا وإلا لن يحدث خير وسأهدم هذا المشفى كله!
ثم انظري صحيح أن ابنتنا فقدت في صغرها ولكننا وجدناها وها هي الآن أفضل فتاة في العالم! "
أومأت برأسها بحزن وهمست:
-"آمل أن لا يحدث شيء"فتحت يدي وقلت بشيء من الأمل:
-" ثم انظري، صحيح أننا فقدنا ابنتنا في صغرها ولكنها بيننا الآن! وأنا أرى أنها أفضل فتاة في العالم كله! "
أطرقت رأسها بحزن وقالت:
-" ولكنها أفضل فترةٍ يمكن أن تمرَّ فيها أمٌ مع طفلها! أنا حقًا عندما أنظر إليها وأرى أن امرأة أخرى في هذا العالم هي من ربتها وكبرتها ورأت خطواتها الأولى وتنام في حضنها كل ليلة وأنا أحترق كل ليلة أكثر وأكثر، أتخيلها بين أحضاني وكنت أظنها في أحضان ذلك القبر المعتم وحدها! "
ثم عادت لنوبة بكائها، وأنا لم أستطع كبت دموعي أكثر من ذلك، احتضنتها وأنا أحاول جاهدًا ألا ترى دموعي، قلت في شيء من التأثر:
-" ولكننا سنعيشه مع ابننا من الآن فصاعدًا! فقط تفاءلي خيرًا، وأعدك سيكون ابننا على خير ما يرام! "
أنت تقرأ
مسلمة في أمريكا
ChickLitهبة : فتاة فلسطينية تعيش في كنف عائلة تغمرها بالحب والرعاية، ولكنها تكتشف فيما بعد أن عائلتها الحقيقية ليست تلك التي تعيش فيها...