Part 15

3.7K 208 7
                                    

هبة:

شهرٌ كاملٌ مرَّ على ولادة أمي لآدم، لقد كان شهرًا عصيبًا جدًّا، كان الاهتمام بأمي وأخي يأخذ الكثير من وقتي، إضافةً إلى اقتراب مناقشة رسالة الماجستير وذهابي للجامعة والعودة لوقت متأخرٍ قليلًا، كل تلك الأمور ساهمت في حدٍّ معينٍ في التقليل من التفكير بستيف أو حتى زيارته، أعطيته ذات مرة كتابًا عن الإسلام ليقرأه ولم أعد بعدها، لا أعلم إن كانت قد غيرت في نفسه ولو شيئًا صغيرًا.

أغلقت الكتاب الذي أقرأه وتوجهت نحو النافذة لأشاهد الأجواء الربيعية في الخارج، كانت الإطلالة رائعة بكل معنى الكلمة، ابتسمت بحزن وأنا أطالع الأشجار في الحديقة، صحيحٌ أن كل شيءٍ جميل هنا، إلا أن الجلسة العائلية تحت شجرة زيتون في فلسطين أجمل بكثير!

نعم لقد كان شهرًا عصيبًا بحق، ولكن خبر خطبة جايكوب أفرحني بشدة، كان قد انقطع منذ فترة عن التردد لمنزلنا و الاتصال بي، يبدو أن لوالدي علاقةٌ بهذا أو أنه وجد من هي أثرى، ليس مهمًا السبب، المهم أنه اختفى من حياتي.

تنهدت عندما سمعت صوت بكاء أخي وصوت أمي وهي تصرخ باسمي، ذهبت بسرعةٍ نحو غرفتها لأجدها تحاول تثبيت آدم كي تلبسه حفاضه، ابتسمت وتقدمت نحوها وأخذت الحفاض من يدها وقلت:
-"دعيني أتولى أنا المهمة"

عندما انتهيت حملت آدم قليلًا، كم هي جميلة رائحة الأطفال!
أعطيته لأمي وقلت:
-"كنت متعادةً على هذا الأمر عندما أنجبت أختي، كانت لا تكف عن طلب مساعدتي عندما تكون مشغولة"
أخذته أمي وقد لمحت الحزن في عينيها، ضمته لصدرها ثم حملته ووضعته في مهده لينام، ثم عادت وجلست بجانبي على السرير وقالت:
-"لو أنه لم يحصل ما حصل لكنت عرفت كيف أفعل هذا، ولكان آدم ثاني طفلٍ بالنسبة إلي، ولكني أراه كأول وآخر طفلٍ لي، لا تفهميني خطأً ولكني أقصد مرحلة الطفولة"
أومأت لها بصمت، أنا حقًا ممتنةٌ لتلك اللحظة التي تم تبديلي فيها، لأنشأَ في بيتٍ مسلمٍ يخاف الله، ولأنشأَ كفتاةٍ عربيةٍ مسلمة، الحمدلله على كل حال، فكل ما كتبه الله لنا هو خير وإن كان ظاهره يبدو عكس ذلك.
ت
ابتسمت لأمي وقلت :
-"أنا أعرف حقًا ما تشعرين به، ففراقي عن تلك العائلة التي ربتني وأنشأتني وعملت أقصى ما بوسعها كي أصبح فتاةً متعملة ناضجة يعتمد عليها لم يكن بالأمر الهيِّن بتاتًا! من الآن فصاعدًا سنعمل أنا وأنتِ كي نجعل سنوات طفولة آدم من أفضل السنوات التي سنعيشها جميعًا بدءًا بآدم ثم نحن، ثم من قال أن آدم سيكون آخر طفل؟ سيكون لي العديد من الأطفال مستقبلًا وستملين منهم"
ضحكت أمي بشدة من جملتي الأخيرة وقالت:
-"أنا حقًا أنتظر اليوم الذي ستزفين في عروسًا بفارغ الصبر"
ثم نظرت إلي وقالت بجدية:
-" أخبريني بصراحة! كيف شعرت عندما سمعت خبر خطبة جايكوب؟ أعني أنه كان قد تقدم لكِ قبلها"

مسلمة في أمريكا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن