💘رواية
جنون المطر ( 2 )
الجزء 6فتح عينيه مفزوعا وأمسك بذراعي الواقف فوقه وكأنه سيرميه بعيدا عنه وسرعان ما تنفس بارتياح حين تبين تلك الملامح من بين تلك الغيمة البنية للشعر المموج الكثيف كاشفا عن حدقتين رمادية واسعة تنظران له بذهول , حرر ذراعيها وجلس يمسح وجهه مستغفرا الله بهمس فالكوابيس لم تتركه طوال فترة نومه القصيرة تلك وهو يرى أبان مقتولا رغم اتصاله به بعد وصوله هنا وطمأنته له بأنه سيكون بخير وأن الأمور ليست بخطيرة
" يمان هل أنت بخير ؟ "
رفع رأسه ونظره للواقفة فوقه ثم مسح قفا عنقه قائلا " بخير يا يمامة
لما أيقظتني هكذا ؟ كدت تخلعين لي كتفي "
قالت بتوجس " كنت أريد أن أسألك عن السيارة التي في الخارج , هل
أنت من أحضرها يا يمان ؟ "
استلقى على السرير مجددا وقال بصوت مرتخي " نعم "
نظرت له من فوقه قائلة بريبة " من أين أحضرتها ؟ "
نظر لعينيها الواسعة بطرفيها الناعسان ورغم أن شعرها المبعثر بتجعيدته السميكة كفيل بأن يخفي جزءا منهما لكنه يراها ويدرك جمالها مثلما تقتله النظرة الحزينة فيهما , أنف صغير وفم يماثله في صغر الحجم وبشرة ناعمة منسجمة مع ملامحها وشعرها رغم التناقض الكبير مع الطبع الناري لذاك الشعر
مررأصابعه في شعره المبعثر بسبب النوم قائلا
" السيارة لصديق لي , لا تخافي يا يمامة فأنا لم أسرقها "تنهدت قائلة " أنا لست أتهمك بسرقتها يا يمان بل خائفة عليك من
والدي إن رآها في الخارج "
تثاءب مطولا ثم انقلب موليا ظهره لها قائلا بنعاس
" لا تقلقي إذاً فوالدك لن يستيقظ إلا قرب الظهر وسيكون صاحبها جاء لأخذها وقتها , وإن لم يأتي سآخذها بنفسي لشقيقه فاتركيني أنام هذه الساعة "عبست ملامحها الطفولية الجميلة ثم قالت برجاء
" حسنا هل لي أن أراها من الداخل ؟ "التفت لها برأسه وكان سيتحدث فجمعت كفيها أمام شفتيها قائلة برجاء أكبر
" لم أرى واحدة بجمالها عن قرب هكذا , لن أفعل لها شيئا يا يمان
فقط أركبها واراها من الداخل أرجوك "
تنهد بعجز أمام رجائها وهو من يعجز دائما عن تلبية ما تريد وتتمنى وإن لم تفصح عنه , السيارة أمانة لديه ويخشى من فضولها وعبثها بها لكنه أيضا يقدر شعورها نحو سيارة فارهة كتلك وهي من لم تركب حياتها ولا واحدة أسوأ منها , استلقى من جديد قائلا
" المفاتيح في جيب بنطلوني وإياك يا يمامة من العبث بأي شيء فيها "قفزت من فورها وأخذت البنطلون بمفتاحه وركضت جهة الباب قائلة
" شكرا يا يمان سأعيد المفتاح سريعا أعدك "
