١٠

40.8K 3.4K 594
                                    

للحظة شعرت أنه لمس ظهري وعندما استدرت وجدته واقف مكانه وصدره يعلو وينخفص وعينيه تتوهجان وحدث فيه خطب جعلني لا أصدق عيني وزاد من شكي بأني أنا التي أمتلك خلل في عقلي وليس هو الذي تحول إلى ذئب أسود كبير ذو فراء كثيفة وأعين زرقاء حادة

أحسست بمرارة واحتراق شديد في معدتي كأن الحمم تأكل جدارها وشحب وجهي لأصيح بنحيب "لا لا لا!! هذا ليس حقيق_ ليس حقيقي!" حاولت التركيز على طريقي لكن خوفي كان يرغمني على النظر خلفي إلا أنه لم يعد كما كان، مازلت أراه كذئب غاضب ذو أنياب حادة ويطاردني بسرعة يستحيل أن أسبقه بها

صرخت بحلقي المخنوق "النجدة!! ليساعدني أحد أرجوكم!!" نظرت خلفي وكانت تلك المرة الأخيرة وكان الذئب يزيد سرعته بشكل جنوني وبسبب ذلك تعثرت بقوة لأسقط على ركبتيّ

بحركة لا إرادية اِلتفت لأرى كارل الطبيعي قد أمسك بياقتي منحنياً إلي صارخاً "لا يمكنكِ الهرب من الألفا أتفهمين!!"

صرخت به بقوة متاجهلة خوفي ودموعي "ماذا تريد مني!!؟"

لم يجبني بل حاول رفعي من ذراعي لكني خططت لفعل شيء عكس مبادئي وأمسكت بالصخرة التي بجانبي لأسحقها برأسه بقوة لتلوي به للجهة الأخرى لكنه لم يفلت ذراعي أبداً

اتسعت عيني وقلبي يوشك على الخروج من صدري وتأكدت أنني سأموت هنا عندما لم أرَ فيه أي خدش والصخرة التي في يدي تكسرت من رأسه وسقطت

بقي لثوانٍ يتنفس بقوة كالوحوش الهائجة وحدقتا عينيه المتوهجة ضيقتان فاستدار برأسه إلي سريعاً، امتقع وجهي وكأنه طعنني بنظراته لأنطق بنشيج "أرجوك دعني أرحل!"

أمسكني سريعاً من خصري ورفعني على كتفه ولم أرى سوى ظهره والأرض في وجهي ثم أخذ يركض بسرعة مريبة وأنا لا أكف عن الصراخ بالنجدة وكأن هذه الغابة كتمت صوتي عن مسامع كل من فيها

أنهكني الصراخ والبكاء وشعرت بالكثير من الإعياء والدوار لشدة الخوف، تملكني اليأس وأصبحت مستعدة للموت فلم يعد هناك شيء أو أحد لينقذني، أنا بكل الأحوال بلا فائدة وذاكرة وهدف، كل ما يمدني بالأمل قد زال، وفي هذه الحالة ربما الموت سيكون أفضل لي

كان قد وصل للقصر واستمر بالسير باستعجال وأنا لم أتحرك كأنني دمية وبالكاد لدي القدرة على التنفس، ومن شدة إعيائي وصداع رأسي لم أرغب بفتح عيني

إلى أن وضع بي على سرير صلب وسمعت صوت مفاصل فولاذية صدئة تكز ببعضها ففتحت عيني لأجد نفسي في زنزانة مغلقة كلياً يصعب فيها التنفس وكارل يقوم بإقفالها من الخارج ومايزال عقلي يختلق وهج عينيه وربما بروز شرايين عنقه أيضاً

لم أكن بكامل وعيي وأغمضت جفني مجدداً وهذا الإغماء المُغري سلبني إليه، حيث لا ألم ولا حزن، ولا شيء سوا الظلام

|| كارنيليوس ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن