١٢

40.7K 3.4K 419
                                    

هذه الطرقات التي تمر عبرها السيارة تذكرني بالكثير، كنت جالسة بجانب ماثيو لكني لم أرغب بالنظر بوجهه لسبب لا أفهمه في رأسي، لهذا أخذت أراقب الطريق من النافذة

رغم ذلك هو كان يلقي نظرة علي كل لحظة بينما يقود، لاحظ حزني وتعابيري الفارغة ليتفوه "بيرل… هل كل شيء على ما يرام؟"

نظرت نحوه مباشرة لأستطرد "قبل أن نصل… أريد شيء منك… عندما ألتقي بالناس الذين يعرفونني أخبرني بأسمائهم بهمس"

عقد حاجبيه قائلاً "لماذا؟ هل نسيتِ معارفك أم ماذا"

تنهدت لأعيد أنظاري على الطرقات مجيبة "سأخبرك لاحقاً"

وصلنا للحي الذي كبرت فيه، رأيت منازل الناس الذين كنت أزعجهم وأدق أبوابهم مراراً وأهرب، الذكريات تعود سريعاً لعقلي بشكل يفاجئني، لربما لأنني أرى أشياء متعلقة فيها

طرق ماثيو باب أقرب منزل، أعتقد أنه منزلي لأني أمتلك فيه الكثير من الذكريات، فُتح الباب سريعاً لتمتلئ عيني بالدموع لرؤيتي لوجه أبي كأنه الشمس بشروقها

لم يكن هناك وقت لتحليل تعابير وجهه فقد عانقني وأخذ يقبل شعري كثيراً وأنا أكبح دموعي والذكريات معه تملأ عقلي كأني لم أنساه يوماً

لم أكن أرغب بتركه، رائحته كانت تشعرني بالكثير من الأمان الذي هجرني منذ وقت طويل، في كل مرة كان يردد فيها "بيرل ابنتي، صغيرتي" كنت أشعر بروحي تعود لجسدي بعدما تركتني كالجثة المتحركة لوقت طويل، إنه أبي الذي أخرجني من تلك الحُفرة السحيقة المظلمة أخيراً

كان هناك أشخاص آخرين في المنزل، أقرباء وأصدقاء وجيران، كان عددهم كبير للغاية
ولم يكن من السهل بعدها شرح حالتي لهم، لقد كانت كلماتي صاعقة خصوصاً لأبي لكن ماثيو لم يتأثر كثيراً

وعندها أخبرني أبي أنه سيأخذني للطبيب غداً رغم أني أخبرته أن واحدة من العائلة التي وجدتني كانت طبيبة وهي من عالجت كسوري

ضلّلته عن موضوع عائلة المستذئبين تلك فهو كان مصمم على أن يقابلهم ويقدم لهم هدية شكر كبيرة، لكني أخبرته أنهم معتادين على إنقاذ الناس خصوصاً أنهم يعيشون في مكان تلفّه المنحدرات والوديان والغابات التي ليس لها نهاية، وأنهم سيشعرون بالإهانة من ذلك

عندما لاحظ رفضي لذهابه إليهم غيّر الموضوع سريعاً كأنه خائف من أن يجعلني أفكر بهجرهم مجدداً، كَذَبت وصدقني الجميع، كنت أخشى ألا يصدقوا بأني نجوت بأعجوبة وفقدت نصف ذكرياتي وكنت متعبة وكئيبة لهذا قررت الهروب من العالم لبعض الوقت

وهكذا قضيت اليوم كله وأنا أثرثر ولا أحرك ناظري عن أبي، ولم يتوقفوا عن إعطائي الكثير من الطعام وسرد القصص عن الماضي وإطلاعي على الصور القديمة والتذكارات

|| كارنيليوس ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن