رأيتُكَ قَبَساً يضيء عتمتي

4.6K 122 141
                                    

تلميح: سأسقط! أعرف أنني، في الأخير، سأسقط! ولكنني أبحث عن مكان مُلائم لسقوطي الأخير.

النظرة التي اعتلت وجه يزن كانت كافية لتشرح الملامح التي تضخّ بالرجولة في هذا الرجل الجالس أمامهم... كان جسده ضخماً عيناه ثاقبتان كأنّه يخترق من أمامه بنظرة واحدة ويعرف ما فيه...
كل شيء مُسجّل في تينك العينين... يقولون أنّنا لا نستطيع معرفة الشباب الذين سيستشهدوا أو الشباب المستعدون للتضحية لأجل وطنهم؛ لإننا لا نعرف الغيب!
لا نعرف الغيب؛ ولكنّ الشواهد تدلّ على ذلك...
وجوههم، كلامهم، حركاتهم، مشاعرهم، وعلاماتٍ أخرى كثيرة يصعب حصرها، أهمّها تلك الابتسامة... تلك الابتسامة النديّة التي تعلو ملامح عيونهم وتتضح من لمعانها.

كانوا أمامه الخمسة ينقصهم عُمر... يقفون كأنّهم نسوا الجلوس بسبب هيبته التي ملأت الغرفة بهالةٍ من الفخامة التي لا تليق إلّا بحضرته.

مرّر عينيه على كلّ واحد منهم كأنّه يدرسهم، رأى طفوليّة يزن ومرح ثابت وجديّة إبراهيم ومشاعر سيف وصمود أحمد.
مرّر يده على لحيته السوداء التي تتخلّلها شعرات بيضاء كثيفة وتنهّد بملل كأنّه مُجبر على التواجد هنا/ طيب؟ رح نستنا كتير؟!

أحمد فرك رقبته بعدم استيعاب لهذا الرجل الذي يقول فمه شيئا وعيناه تقول شيئا مختلفاً كليا/ لا بكون رح يوصل هلأ ان شاء الله.
اومأ الحوت بعدم اهتمام/ طيب، خليني أعرف اسماءكم على الأقل... ما في داعي أعرّفكم بحالي اكيد بتعرفوني!

قال يزن بحماس/ انا اسمييي يزن واه انا بعرفك منيييح قرأت عنك لشبعت لا تفكررر الناس بينسو الي بينسجن مدة طويلة لا بضلهم متزكرينو لو تمشي بالشاارع بتشوف جداريات عنك!!
فرك أنفه وقال/ لا دخيلكم انسوني! انا دعيت لتنسوني!! بس عقولكم منحوتة ما بتنسا...
تنهد حين رأة نظرة عدم الفهم وقال/ اه وانت؟
ثابت/ اسمي ثابت...
ارتفعت زاوية فمه بسخرية/ الثابت على الثوابت...
هربت ضحكة من أحمد

بينما عبس ثابت فنظر له الحوت/ وانت؟
أحمد/ أحمد
الحوت/ اهلا أحمد..
/ وانا ابراهيم
قال سيف حين توقفت عينا الحوت عليه/ اسمي سيف
يزن تدخّل وقال/ والله احنااا بنعجبك!!
الحوت/ مش مهم تعجبوني... مين انا لتعجبوني...
قاطعه يزن/ لا لا تحكي عن حالك هيك اساسا لازم توثق بحالك اكثر و....
قاطعه الحوت وهو يرمش ببرود/ مين حكا ما عندي ثقة؟ عندي ثقة بتتوزع ع كل فلسطين وبتزيد منها كمان...
القصة انو انتو هون مش لتعجبوني!! انتو هون لهدف أسمى من انو تعجبوني!!
يزن فهم وقال/ اااااه فهمت عليك...
هزّ الحوت رأسه بإنكار وقال مُغيّراً الموضوع/ هاد صاحبكم شكلو ما بدو ييجي...
احمد/ لا هو اكيد بالطريق او كان مشغول بإشي!!
نظر الحوت لساعته وقال/ الساعة وحدة بعد نص ليل بإيش بدو ينشغل مثلاً؟!

قاب وطنين أو أدنىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن