الفصل الاول

27.5K 253 14
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
رواية: الوحش والنمرة
احيانا الماضي يضيع وسط احداث الايام واحيانا اخري يحفر بقلوبنا ويرفض ان تمحي آثاره فما بالنا لو كان هذا الماضي حب ...هل يمكن ان تمحيه الايام هل يزول ويذوب وسط زحمة الاحداث ....ربما نجد الإجابة بين سطور الرواية ..
الفصل الاول
ذكري
“لن يمكنني ان اذهب انا متعبه اليوم اتركيني واذهبي انتى" نظرت ريم الي اختها الصغرى التي وقفت امامها وتنظر اليها بدهشه فهذه اول مرة تتراجع ريم عن الذهاب الي العمل ولكن تلك العيون المتورمة من البكاء جعلتها تدرك ان هناك سبب لذلك جلست امامها علي طرف الفراش القديم المتهالك ونظرت لعيون اختها الزرقاء الواسعة وقالت
"ماذا اصابك ولماذا تبكين وكيف ترفضين الذهاب الي العمل ؟"
لم تقو ريم علي النظر الي اختها ولم يمكنها ان تبوح لها بما في صدرها فقالت " لا شيء اشعر فقط بصداع ولم انم جيدا هيا اذهبي انتى ولا تقلقي "
حدقت حنان فيها وقالت "  دائما ما تخفين عني كل ما يؤلمك  فلماذا ؟"
ابعدت وجهها وقالت " حنان هل يمكن ان تذهبي وتتركيني الان عندما اشعر برغبة في الحديث سافعل هلا تذهبين الان وتتركيني من فضلك "
لم تقو حنان علي قول المزيد منذ ان وعيت للدنيا ولم تر سوي وجه اختها هي التي ربتها وكبرتها ..هي بالنسبة لها الام والاب والاخت وكل شيء لذا لا يمكنها ان تراها في هذه الحالة وتتركها لذا عادت تقول " لا استطيع ان اراكي في هذه الحالة وأتركك من فضلك ريم تحدثي معي اخبريني باي شيء "
حاولت ريم ان تمنع دموعها وقالت بصعوبة وضيق " حنان كفاكى ضغطا انا لا اتحمل اتركيني واذهبي اخبرتك انني لا اريد ان اتحدث فلم لا تنصتين وتكفي عن الالحاح هيا اذهبي واتركيني هيا .."
تراجعت حنان امام غضب اختها لأول مرة تتحدث معها بهذا الشكل لذا قامت ونطرت اليها لحظه قبل ان تتحرك للخارج وسمعت ريم صوت الباب فعادت الدموع مرة اخري وعادت اليها الذكريات ..
" الي اين انت راحل " سمعته وهو يرد دون ان يعيرها اي اهتمام حيث كان يضع حقائب كثيرة بالسيارة وقال لها "وفيم يعنيك الامر ؟"
كانت تعلم انه تقريبا لا يراها هي ما زالت فتاه صغيرة لم تتخطي الثالثة عشر بينما هو ذلك الشاب الذي تخطي العشرين ينظر اليها علي انها طفله صغيرة لا تمثل له الا مصدر ازعاج ابنة الجيران التي تلاحقه في كل الاوقات ولم يعرف ابدا انها تمتلك داخلها كم هائل من المشاعر تجاهه لو نفضتها علي العالم لنفد العالم ولما انتهي حبها هكذا كانت تظن سالت دموعها و
قالت بطفوليه " انت جاري وصديقي اليس كذلك وانا ..." قاطعها بقسوة " جيران نعم لكن اصدقاء بالطبع لا ... لا سنك ولا ثقافتك ولا مستواك يجعلنا اصدقاء ..انا راحل ..مسافر ولن اعود الا عندما احقق ما اريد ابحثي عن صديق من سنك ومستواك هيا انا ليس عندي وقت لأضيعه معكي .. "
زادت دموعها وهي تراه يركب السيارة دون ان ينظر اليها او يهتم لدموعها وانطلق تاركا غبار سيارته ليتناثر حولها خافيا الرؤيا امامها غالق صفحة الماضي ومعلنا النهاية لتلك القصة التي لم تبدأ اصلا ...
عادت لنفسها وهي تتذكر اليوم بعد مرور اكثر من اثني عشر عاما رأته نعم كان يقف امامها امام مكتبها في الشركة التي تعمل بها شخص آخر غير ياسين الذي عرفته هو نفس الشكل مع وضوح علامات الكبر عليه والصرامة التي باتت هي السمه الظاهرة علي عيونه السوداء التي نظرت اليها بقوة وظلت تتأمله والمفاجأة تلجم لسانها عن النطق فعاد يسألها
" يا آنسه لم لا تردين اخبرتك ان لي موعد مع الاستاذ خيري هلا تخبريه بوجودي "
تداركت نفسها وقالت بتلعثم " اه ..آسفه الاستاذ ..."
رد بنفاد صبر " ياسين ..ياسين محمود "
ابتلعت صدمتها وادركت انه لم يتذكرها ولم يعرفها وتحكمت في نفسها ودقات قلبها التي تؤكد ان قلبها ما زال متعلقا به ..اخبرت مديرها عنه واشارت له بالدخول وهي تحاول ان تمنع عيونها من متابعته ولكن للأسف لم تستطع ...
طلبها الاستاذ خيري الذي تعمل عنده منذ سنوات كثيرة وهو الذي ساعدها منذ وفاة والديها علي ان تعيش وتكمل دراستها هي واختها حنان ...
دخلت ونظرت اليه وهو يجلس امام خيري في كبرياء وقالت " امرك يا فندم "
مد لها بملف وقال " خذي هذا الملف وارسليه للشؤن القانونية ومن فضلك اوصلي الاستاذ ياسين الي غرفة المهندسين الاستشاريين "
قام ياسين وقال " شكرا خيري بيه علي ثقتك ..اه كدت انسي .." ثم اخرج ظرف من جاكتته الثمينة ومده لخيري وقال " هذه دعوة لحضور حفل زفافي يسعدني حضورك جدا "
اغمضت عيونها لتستيقظ من سيل الذكريات ولتعود للواقع بعد كل تلك السنوات يعود وهو لا يتذكرها كذلك عاد ليتزوج امرأة اخري وماذا عنها وعن حبها له طوال تلك السنوات انها لم تكن تري سواه ولم تفكر الا فيه وها هي اليوم تدرك ان الاحلام طريق مسدود لا يمكن ان نسير فيه لابد وان نعيش الواقع ونسلم به ونحط علي ارضه ....
عادت الدموع اليها كم كانت غبيه عندما ظنت انه سيعود يوما من اجلها ..ها هو يعود ولكن بعيدا عنها واصلا لا يعرفها ولا يفكر الا في حياته الجديدة دون اي اهتمام للماضي او الذكري
يتبع...

رواية الوحش والنمرة.         بقلمى داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن