الفصل السادس

8.1K 158 17
                                    

الفصل السادس
ازمه
استلمت العمل من فوزي تحت اشراف فتحي لم تستطع ان تخفي سعادتها كما لم تخفي ايضا خوفها من ذلك المنصب الجديد ولكن كلمات فتحي كانت واضحة واعطاها خطوط عريضة عن باب النجاح في هذا المنصب احترمته جدا وشكرته لتعامله الرقيق معها واندمجت في استكشاف عملها الي ان سمعت الهاتف الخاص به يرن فردت
" امرك يا فندم " قال " تعالي واحضري ملف شركه... "
قالت " حاضر يا فندم "
لحظات وكانت امامه لم ينظر اليها وقد تبدل مزاجه منحته الملف فقال " هل حددتي موعد مع البنك "
تذكرت علي الفور وقالت " العاشرة صباحا يا فندم لقد أكدت على الموعد "
قال " تمام ستكونى معي لأنني ستقابل بعض الإنجليز بعد ذلك.. " قالت " حاضر يا فندم "
قام وامسك بالجاكيت ارتداه وقال " سأخذ الملف معي لابد أن أذهب الآن ويمكنك انتى ايضا الذهاب إذا أنهيت عملك لا تتأخري في الصباح.. "
تحرك من أمامها ثم استدار وقال" لا تنسى الأوراق الخاصة بالبنك " هزت رأسها وهي تتابعه فهي أصبحت مدينه له وعليها أن تتقن عملها لترد له الجميل...
وصل الفيلا مبكرا عن موعد العشاء ولكن يبدو أن الضيوف كانوا قد وصلوا كان الضيق والإرهاق يبدوان عليه حاول أن يصعد ليغير ملابسه ويأخر حضوره إلا أن والدته نادته فاضطر ان يذهب اليها
طبع قبله علي رأسها وهو يقول " مساء الخير "
ابتسمت امه التي لاح جمال عيونها العسلية وبشرتها البيضاء وفمها الرقيق المغطى بروج وردي وذلك التربون الذي تضعه علي شعرها في رقه وذوق متناهي نظرت اليه وقالت
" جميل انك حضرت مبكرا لتتعرف علي ضيوفي .مدام هدي احدي أعضاء الجمعية.. وهذه ابنتها الرقيقه رنا... وهذا ابني الوحيد أدهم "
نظر إلى المرأتين كانت الأم تنظر إليه نظرة ذات معنى وكأنها تتفحصه جيدا وتتمنى لو اتمت الصفقه التي أتت من اجلها أما الفتاه فبدت صغيرة في اوائل العشرينات عسلية العيون مستديرة الوجه شعرها الطويل الناعم ينساب كالشلال على ظهرها.. ابتسم لهما بغرور
سمع الأم تقول " غني عن التعريف سمعتك تسبقك "
قال بهدوء " أشكرك استأذنكم في تغيير ملابسي لألقاكم على العشاء "
تضايقت امه ولكنه لم يهتم صعد إلى جناحه ألقى بالجاكيت علي الفراش وخلع ملابسه ودخل الحمام آخذ حمام استعاد به نشاطه وانتقي بنطلون وقميص بالطبع واضح عليهما الثراء وأكمل ملابسه وصفف شعره ولم ينسى عطره
رن هاتفه كان فتحي الذي قال " أنا وصلت بورسعيد وكل شيء كما أردته يا فندم " قال وهو يعدل من حذاؤه " جميل متى الافتتاح ؟ "
قال فتحى " أسبوع او اثنين  بالكثير "
رد بهدوء " والموضوع الآخر "
فتحي " البضاعة بالميناء عرفت أنها لم تخرج اوقفوها بعدما امتنعنا نحن عن إخراجها يا فندم انا لا أعرف ما السر وراء ذلك "
قال بنفس الهدوء " لا تهتم سأخرجها ولكن ليس الآن لابد أن يتأدب أولا في"
رد فتحي " يا باشا أنا لا أفهم لماذا دخلنا هذا العمل أصلا نحن نعمل بالسياحة فلماذا ؟ "
ابتسم أدهم وقال " أعلم أنك غير راضي عن هذا العمل وها أنا انهيته فلماذا القلق "
كان فتحي مدير أعماله وكاتم أسراره لذا اكمل " لأنني لا أحب الخسارة يا باشا وهذه البضاعة تخسر في كل يوم ليس عليه وحده وإنما نحن ايضا "
ألقى نظرة أخيرة على نفسه في المرآة وقال " أعلم ولكن أنا لا يهمني عليه أن يأتي ويعتذر ووقتها ربما أعفو عنه... "
قال فتحى مستسلما " لن أجادلك يا باشا ولكن هل تسمح لي أن أسألك هل هي تستحق "
صمت قليلا قبل أن يقول " تعلم أن الأمر لا يتعلق بها كلية لأنها كانت معي لذا الأهانه كما لو انها وجهت لي وهذه المغرورة علي والدها ان يعلمها الادب.. وعلي ذكرها هل تري انها ستصلح للمنصب الجديد "
ضحك فتحي وقال " يا باشا انت لا تخطيء انها جيدة وتعلمت بسرعه لكن تحتاج لبعض الوقت كي تكتسب ثقه وخبرة اكثر ولكني اعلم انها ستفعل "
دق الباب فقال " ادخل " كانت الخادمة " الهانم تخبر حضرتك بان العشاء جاهز " هز رأسه واكمل " حسنا يا فتحي اخبرني بكل جديد " " تمام يا باشا "
انتهي العشاء دون اي نقاش وبالطبع اوقعته امه في مقابله فرديه مع تلك الفتاه التي نسي حتي اسمها تناول القهوة واضطر الي ان يبدء معها اي محادثه فقال
" وحضرتك طالبه أم... "
قالت بأدب زائد " نعم سنه رابعه تربيه اساسي "
أطفأ السيجارة وقال " وماذا تنوين أن تفعلي بعد انتهاء الدراسة "
هزت كتفيها وقالت " لا شيء " تراجع وقال " ألن تبحثي عن عمل او ما شابه "
هزت رأسها وقالت " بالطبع لا ليس لدي وقت ثم أنا لا أحب العمل لأنه لن يمكنني من حضور الحفلات مع أصحابي والخروج معهم لا يمكنني "
نهض وقال " إذن لا اعتقد أننا متناسبين فأنا لا أحب أن تكون زوجتي امرأة كل هدفها الخروجات والسهرات واعتقد انني لست مناسب لكي لأنني سأحرمك من كل ذلك عن اذنك " وتركها وهي في ذهول...
بالطبع ما ان بدل ملابسه بملابس النوم حتي كانت والدته تدق الباب وتدخل في غضب وهو يعلم سره
قالت " ما الذي قلته للفتاه بالضبط البنت كانت منهارة واسرعت تطالب بالرحيل "
جلس علي الفوتيه وهو يشعل سيجارته وقال " لا شيء سوي الحقيقة انني لا اصلح لها لأنني سأحرمها من ملذات الحياه "
قالت بغضب " ادهم انا مللت من تصرفاتك كلما احضرت لك عروسه فعلت معها ذلك اسمع يا ادهم انا لن اتحمل اكثر من ذلك "
ضاق صدره من ضغطها عليه وقال " ماما من فضلك أنا لست بصغير حتى تجبريني على شيء أنا لا أريد أن أتزوج فارتاحي واتركيني أعيش في هدوء"
قالت بنفس الغضب " آه وتظل تعيش على ذكرى تلك الفتاه التي أجبرتني على أن أوافق على زواجك منها إلى أن أصبحت ارمل وانت في السابعة والعشرين وها أنت تعيش على ذكراها ولكن أنا لن أتركك تفعل بي ذلك كما وافقت على رغبتك عليك أن تلبي لي رغبتي هذا حقي عليك "
قام وقد عصبه كلامها خاصة عند ذكر الماضي فقال " لن يجبرني احد على مالا أريد تعلمين ذلك "
قالت بأصرار " هكذا إذن أنا راحله الي العزبة ولن اعود هنا مرة اخرى وأنت لست ابني ولن أعرفك حتى أموت "
كادت تذهب لولا أن اسرع إليها وامسك يدها وقال " امي من فضلك لا تفعلي ذلك لا تضغطي علي وانتى تعلمين انني لا اتحمل بعدك "
كان الغضب مازال يتملكها فقالت " وانا لن اضعف هذه المرة اقارب والدك ينتظرون ان تصيبك اي مصيبه حتي يرثوا كل شيء وانا لن انتظر حتي اري ذلك ثم انني ام واريد ان اري ابني الوحيد وهو عريس وله اسرة واري اولاده انا لا اطلب اكثر من حقي "
لاح الحزن والترجي في عيونه وقال " امي الا تفهمين لا احتمل وجود اي امرأة في حياتي لا اريد من فضلك "
قالت دون يأس " ولكن انا اريد انا لا اطالبك بان تعيش قصة حب جديدة ولكن علي الاقل اغلق علي الماضي بابا يمنحك حريتك لتعود للحياة يا بني انا لن اعيش للابد من حقي ان اراك بين اسرتك واطمئن عليك لا يمكن ان تعيش حياتك وحيدا "
ابتعد عنها وقال " ولكني أريد ذلك من فضلك يا أمي تفهميني "
ولكنها أكملت الضغط على الجرح المفتوح ربما تداويه " إذن عش وحدك أنا راحله غدا إلى العزبة ولا تأتي لتترجاني بان اعود لن أفعل وأنسى آن لك ام من الاساس" ....
وتركته وانصرفت وأصبح الأمر أكثر سوءا بالنسبة له تهاوي على أقرب مقعد فهو بين نارين نار أمه ونار الذكرى ذكرى حب حياته ولكنه لم يعرف ماذا يفعل في تلك الأزمة ان امه تحاول ان تضغط عليه والذكرى تضغط عليه. هل يتركها غاضبه ام يستسلم لها واذا فعل من تلك المرأة التي يمكن ان يتزوجها دون ان تكون زوجه فعليه فهو لا يملك قلب لأي امرأة اغمض عيونه وتنهد وهو لا يعلم اين الحل ..
كانت أختها تخبرها عن الإعدادات الخاصة بكتب الكتاب وهي تحاول أن تركز معها وأخيرا انتهت فقالت وهي تعطيها مبلغ كبير من المال
" حسنا خذي هذا المبلغ واشتري الفستان واحجزي الكوافير واتفقي على ما يتطلب الأمر فأنا ليس عندي وقت "
قبلتها حنان وقالت " حبيبتي يا أختي ربنا يخليك ليا.. آه محمد اخبرني اننا يمكننا الذهاب الي دمياط لشراء الاثاث بعد كتب الكتاب بأسبوع ما رأيك "
نظرت اليها انها لم تجمع بعد ثمن الموبيليا فلم ترد فعادت حنان تقول " ريم لماذا لا تردين ماذا اخبر محمد ؟"
حاولت الابتسام وهي تقول " دعينا اولا نفرح بكتب الكتاب ثم بعد ذلك نفكر بالزواج خطوة خطوة " لم ترد حنان وانطوت هي تحاول ان تفكر في مخرج من تلك الازمه ..
يتبع..

رواية الوحش والنمرة.         بقلمى داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن