ما بعد الحادثة..

74 4 1
                                    

الصفحة الأولى
                                     
أنا ايميليا فتاة في السابعة عشرة من عمري..لم تكن  فترة مراهقتي عادية بل كانت مليئة بالذكريات السعيدة.. أو لنقل أن بدايتها كانت كذلك.. أحببت أكثر الفتيان وسامة في ثانويتنا.. من غيره.. ابن جيون لعنة كوك.. لقد تواعدنا لمدة سنة و قد كان الجميع يحسدنا.. كيف لا يفعلون و هو أكثرهم وسامة و ثراء و أنا أكثرهم جمالا و ذكاء بل ليس هذا فقط.. كان لدي شيء ميزني عنهن بل و جعل كل أثوابهن الغالية تبدو بالية و كل عطورهن الثمينة تبدو رخيصة أمامها.. أجل إنها موهبتي المدفونة اليوم بين جدران قلبي.. موهبة تسلبك عقلك.. موهبة تولد في أحضان قلبك لتنفذها أطرافك.. فتغدو شغفك الأول و الأخير.. أجل إنه الرقص.. لدي العديد من الميداليات و شاركت عدة مرات في المهرجانات الدولية..و جنغكوك أحب هذا.. فتاة بريئة تكن له مشاعر صادقة فكيف لا يحضنها بصدر رحب و يبتسم في وجهها بحنان بينما تستعد يداه لطعنها في أي لحظة.. توارت الأشهر و حياتي كما هي.. ببسمتها و نعومتها.. أصدقاء جدد كل يوم.. أم و أب ينتظرانك على طاولة العشاء و حبيب يحتضنك برفق تحت المطر.. لم أطلب أكثر أو أغلى من هذا.. بل و شكرت الرب مرة عند استيقاضي و مئة مرة قبل منامي.. لكن هدوء البحار دليل على هيجانها عما قريب.. تمنيت دائما غدا مليء بالمفاجآت و يا ليتني ما فعلت.. في أحد الايام العاصفة كنت في الطريق مع أبي لشراء هدية لأمي فهو عيد ميلادها اليوم و أردنا رسم السعادة على تقاسيم وجهها الساحرة.. غير أننا ما توقعنا لعبة القدر القذرة لنجد سيارتنا منحازة عن الطريق و الشاحنة الضخمة تأخذ طريقها نحونا.. أمسكت بيد أبي بقوة و قد سمعت صراخا مدويا قبل أن تكتسح الظلمة مقلتي..
رأسي يؤلمني بشدة.. كم مر من الوقت.. ساعة.. ساعتين.. ثلاث؟ و من يهتم.. من يناظر الساعة بعد فوات الأوان؟ من يعد الدقائق بعد انقضاء حياته.. لكن هل مت فعلا؟ مهلا أنا أسمع شخصا يناديني.. أنه.. صوت شبيه بصوت.. أمي.. نعم.. أمي؟ أين أنت؟ أين أبي؟ أين أنا.. ايميليا.. ايميليا
"ايميليا"
فتحت عينيها بتثاقل و هي تمسك رأسها بتعب.. تأملت أرجاء الغرفة و قد علمت أنها في المستشفى.. أشاحت بنظرها عن أركان الغرفة لتتمركز مقلتيها على وجه أمها.. بدى تعيسا شديد الكآبة و قد انتفخت عيناها و اكتسحتها حمرة تدل على بكائها لساعات طويلة... شهقت بفزع و هي تتمسك بكفي أمها و تسأل عن سبب هذا الحزن لكن جل ما سمعته هو شهقاتها المتعالية و همساتها المنتحبة.. لم تجد الأم كلمات تعبر عن حزنها أو عن بؤسها في تلك اللحظة.. اكتفت بعناق وحيدتها و إطلاق صرخة قهر كتمتها لساعات.. أتذكر جيدا أني لم أفهمها وقتها لكني أعذرها اليوم.. لكن ليس لها حجة بتركي بلا جواب طوال هذا الوقت.. مرت دقائق هدءت فيها أمي.. فبادرتها بالسؤال مجددا.. '' لما البكاء؟ و أين أبي؟ '' ارتبكت أمي و اضطربت أنفاسها.. كنت أقرأ التوتر في عينيها اللتان أبتا النظر لي.. غير أنها جمعت شتات نفسها و ألقت كلماتها التي ضاق لها صدري و جف لها حلقي " أنا الآن أرملة"
لم أعد أسمع شيء غير تلك الجملة اللعينة.. ماذا تعني بكلامها... أكيد هو محض كذب و افتراء...نعم مستحيل أن أكون يتيمة.. هذا مستحيل... رمقتها بيأس منتظرة تفسير يرضي نفسي المنكسرة و يسكت نبضات قلبي الهائجة.. أخذت أمي نفسا عميقا قبل أن تكمل :
" تعرضت أنت و والدك لحادث سير مريع.. لا أعرف الكثير عن حالته و لا أريد ذلك لكن كل ما أعرفه أنني لما بلغت المشفى بعد السماع بالخبر علمت أنه بالفعل قد فارق الحياة.. أما بالنسبة لك فقال الطبيب أن حالتك مستقرة نوعا ما الآن غير أنك لن تكون قادرة على الجري كثيرا أو.. الرقص "
في تلك اللحظة تمنيت لو احتضن التراب جسدي قبل أن أرى هذا اليوم... أولا زحف مخالب الموت نحو عائلتي لتنتشل أحد أعضائها منتشلة معه معان البهجة و السعادة.. فقبل التئام جرحي أتلقى صفعة من الحياة لتعلن لي عن انتشالها لأحد أحلامي بل شغفي و مصدر ابتسامتي...

 فقبل التئام جرحي أتلقى صفعة من الحياة لتعلن لي عن انتشالها لأحد أحلامي بل شغفي و مصدر ابتسامتي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
||~🖤💫مجرة ذكرياتنا 🖤💫~||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن