حدّقت أنمار إلى الفتاة التي تجمّدت قبل قليل من كثرة النظرات التي سقطت عليها ولكنّها تتصرّف الآن بهذه الجرأة. لم تكن تتصنّع الشجاعة أو كانت غبيّة، بل كانت صريحة لدرجة كبيرة وفعلا لا تهاب الضغط الذي تُحدثه أنمار.
لقد كانت هذه فتاة تجاوزت ما لم يستطِع العديد من الرجال والنساء تجاوزه بأضعاف. لقد اختبرت آلاما قاتلة وتغلّبت على عذاب لا يقدر أيّ ساحر سوى الاستثنائيّين على التغلّب عليه؛ فكيف لها أن تخشى أيّ أحد؟ لقد تجمّدت من النظرات المحيطة فعلا، ولكن ذلك فقط لأنّها كانت وحيدة وغير معتادة على أن تكون محور الانتباه.
كانت نظرات أنمار تخترق صفاء كما لو أنّها تختبرها لترى كم ستصمد، فكانت إرادة صفاء أقوى بكثير ممّا قد يتخيّل المرء. في العادة، لو تعرّض المرء لتلك النظرات من أنمار، سيكون مصيره مثل مصير اللبؤة الذهبيّة، نورثرولر زهاء.
في ذلك الوقت، لم تستطِع اللبؤة الذهبيّة الصمود أمام إرادة الجنيّة الذهبيّة، فلمْ تملك الأحقيّة للوقوف بجانب باسل حتّى بما بالك بالدخول إلى عالمه.
كانت أنمار تفعل كلّ هذا فقط من أجل باسل؛ فهي كانت تختبر الشخص إن كان جديرا بحبّ الرجل الذي تحبّ، ثمّ ترى ما إذا كان أهلا للوقوف بجانبه. لم يكن هناك مجال لترك شخصٍ يدّعي حبّ باسل أن يمكث بجانبه وهو ليس مستحِقّا لذلك.
ولكن صفاء، الفتاة الصغيرة أمامها، أثبتت كفاءتها وتجاوزت اختبارها حتّى الآن. ومنذئذ فصاعدا، تغيّرت تصرّفاتها تجاه الفتاة الصغيرة، لا، بل تجاه المرأة صفاء. اعترفت أنمار بصفاء كمنافسة لها، كأوّل منافسة لها في الحبّ بشكل أدّق.
لم تسأل عن السبب الذي جعل صفاء تقع في حبّ باسل، فالفتاة التي لا تغرم به في نظرها عمياء وصمّاء، هذا بدون ذكر كلّ ما فعله من أجل صفاء. وأكثر من ذلك، السبب الذي جعلها لا تسأل هو العزيمة التي تمثّلت في عينيْ صفاء لمّا صرّحت بحّبها.
ابتسمت أنمار وقالت: "سأقرّ بحبّك، ولكنّني لن أسمح لك أو لأيّ فتاة في العوالم أن تكون زوجته. أنا، أنمار، زوجة باسل الوحيدة، وتلك المكانة لن أشاركها مع أحد آخر."
بادلتها صفاء الابتسامة وردّت بهدوء: "مع كل الاحترام يا أيّتها الأميرة أنمار، ولكن ليس بيدك حيلة عندما يتعلّق الأمر بزواجه من امرأة أخرى من عدمه. على مرّ العصور، كانت الزيجات السياسيّة ضروريّة، وتحتّم على قادة البلدان عقد القران مع مختلف النساء لتكوين رابطة دم."
نظرت أنمار إلى صفاء باندهاش، فلوهلة الآن، ذكرّتها بمنطقها هذا وأسلوبها في التحدّث بباسل، فعبست واستنكرت الأمر.
أكملت صفاء بنفس الوتيرة: "...حتّى لو لم أظهرْ هنا اليوم وأخبرْك بحبّي له، فشخص مثله، وأنت تعلمين، سيلقى الإعجاب أينما حلّ، وعروض الزواج ستُقدَّم له من كلّ جهة. وحتّى لو رفض مرارا من أجلك، سيحلّ يوم يحتاج فيه إلى قوّة بعض الأشخاص الذين لن يرضوا إلاّ بصلة من الدم معه كشرط لاكتمال التحالف بين الطرفين."
أنت تقرأ
عصر الأهوال (تكملة)
Fantasyفصول عصر الاهوال فوق 200 ستكون هنا لأنّني وصلت إلى الحدّ المسموح به في الفصول، على ما يبدو، ووجب عليّ إنشاء قصّة جديدة حتّى أكمل بها الرواية. ستجدون الفصول الأولى من الرواية (من الفصل 1 إلى الفصل 200) في صفحتي الشخصيّة برواية بنفس الاسم: https://ww...