273 - حبكة عثمان وأدريان

848 76 15
                                    

(يا أيّها الجدّ عليّ، إنّ الجزر الذي تزرعه وترعاه بيدك أفضل جزر في العالم. لقد كنت أحب الجزر منذ صغري، لكنّك جعلتني أدمن عليه. لقد صرت الآن عاجزا عن العيش بدون جرعتي اليوميّة من الجزر.)

اعتقد باسل أنّه لن يأتي يوم يكون فيه حيّا ولا يحاول تعاطي جرعته اليوميّة من الجزر. لم يستطع تخيّل قدوم يوم ينسى فيه جرعته اليوميّة.

ضحك الجدّ عليّ وردّ: (الفلاحة جيّدة يا أيّها الفتى باسل. أعلم أنّك قلت سابقا أنّك تريد أن تغدو ساحرا، لكن أليس من المثير للاهتمام محاولة زرع وتنميّة الجزر الذي تحبّه كثيرا بيديك الخاصّتين؟)

ابتسم باسل وردّ بعدما عضّ جزرة اقتناها من رزمة الخضر: (قد أفعل ذلك ذات يوم. لربّما عندما أحقّق أحلامي، سيكون من الجيّد العيش بسلام في مزرعة بجوار الأحباب.)

حدّق الجدّ عليّ لبعض من الوقت إلى باسل ثمّ تنهّد وقال: (فقط لا تنسَ ألّا تضحّي بذلك السلام في طريقك لتحقيق تلك الأحلام. ألا تظنّ أنّ كلّ شيء سيكون بلا معنى إذا فقدت ما أردته بسبب سعيك ورائه؟ في بعض الأحيان، يجب عليك أن تقنع بما هو لديك.)

(هاها...) ضحك باسل ذو العشر سنوات: (إنّك تتكلّم مثل أمي نوعا ما يا أيّها الجدّ عليّ. على أيّ حال، لن أقنع أبدا حتّى أتأكّد تماما أنّ أولئك من أحبّهم سيحيون ويموتون بشكل طبيعيّ وبهناء.)

حدّق الجدّ عليّ لوقت طويل إلى باسل ثمّ قال: (إنّك تقول كلاما صعبا بالرغم من أنّك ما زلت صبيّا صغيرا. ألا ترى أنّه يجب عليك الاستمتاع أكثر بما هو حولك؟)

قضم باسل الجزرة ثمّ بلع ما مضغه وردّ: (أنا أفعل ذلك بالفعل أيّها الجدّ عليّ. إنّما فقط الأمر هو، لا أرى أنّ ما حولي مجرّد قرية صغيرة. أنا أرى عالما مليئا بالأسرار والمفاجآت. الاستمتاع؟ بالطبع سأستمتع كثيرا، ولتحقيق هذا، يجب أن أسعى لتحقيق أحلامي. إذا صرت أقوى ساحر في العالم، يمكنني حماية من أريد، والاستمتاع بما أريد، والعيش بسلام كما أريد.)

بالفعل كانت كلماته طفوليّة بعض الشيء، لكنّ آفاقها كانت واسعة للغاية. لم يسع الجدّ عليّ سوى أن يتنهّد ويتمتم لنفسه: (لا مفرّ إن كان ذلك هو القدر.)

استغرب باسل من هذيان الجدّ عليّ وتناسى الأمر بعدما سمع العجوز يضيف بصوت مسموع: (عندما تريد زراعة الجزر، ابحث عنّي حتّى أعلّمك وصفتي السرّيّة. قد أكون مجرّد فلّاح بسيط، لكنّني واثق من مهارتي في زراعة أفضل جزر في العالم على الأقلّ.)

حكّ باسل مؤخّرة رأسه وأراد أن يقول شيئا، إلّا أنّه قوطِع. ظهرت تلك الفتاة ذات الشعر الأسود السلس خلفه وربّتت على كتفه مرّتين ثمّ أمالت رأسها، مبتسمةً: (علمت أنّك ستكون هنا. إنّك تحبّ الجزر كثيرا يا باسل قبل كلّ شيء.)

ابتسم باسل بإشراق: (هاهاها! إنّك حقّا تعرفينني جيّدا يا أدريان. كيف تعلمين دائما عن المكان الذي أكون فيه؟)

عصر الأهوال (تكملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن