تساقطت الشهب بالسماء المظلمة والمرصّعة بالنجوم التي نابت عن القمر شبه الغائب، فتملّك باسل شعور شجيّ؛ اعتاد الاستمتاع سابقا بالبدر، لكنّه حاليا كلّما رآه عادت صورة معلّمه إلى ذهنه، وكلّما حدّق إلى سماء ليلة دلماء ذُكِّر بغياب قدوته.
اتّكأ على شجرة بينما يستشعر الحياة حوله بعدما قرّر الاسترخاء ريثما يحلّ الصباح ويذهب للتكلّم مع الزعماء. كان يرى العالم على شكله الحقيقيّ منذ أن استفاق من نومه الطويل، فعندما تدرّب سابقا في السلاسل الجبليّة الحلزونيّة، كان قد بدأ يشاهد أشياء غريبة، لكنّ الصورة الآن صارت واضحة تماما له.
أغمض عينيه ورفع سبابته لسبب لم يعلمه إلّا هو، فعندما فتح عينيه رأى تلك اليراعة العجيبة تقف على إصبعه، وبدل أن تكون مضيئة بشكل عادي، كانت مضيئة بسبب طاقة العالم. لقد كانت تلك مجرّد شكل للحياة التي يبعثها هذا العالم الواهن الذي يقف عند عتبة التحوّل إلى عالم روحيّ.
تمتم باسل إلى نفسه: "يجب أن أفكّر مليّا في طريقة خاصّة تجاوز هذا الختم الموضوع على العوالم وإلّا لن أستطيع العبور بمستواي إلّا بعد سنين عديدة، وطبعا لن ينتظرني بعض الهرمى المقموعين ولا ملك الشياطين. بمجرّد ما أن يضعف قليلا فسيكونون أوّل من يسعى إلى اختراقه بالقوّة."
ارتفعت يراعات لا تحصى حوله وطارت نحو السماء، بينما ترقص أسماك زاهية ألوانها في أنهار غير مرئية للعامّة ولا للساحر العادي. لقد كانت تلك أمورا يمكن رؤيتها فقط عند بلوغ مستوى سحريّ معيّن.
كان أوبنهايمر فرانكنشتاين يجلس بعيدا عنه مراقبا إيّاه بحرص، لكنّه لم يعلم ما الذي يفعله باسل حاليا، فكلّ ما تجلّى له كان استمتاع باسل بالأجواء المحيطة به ببساطة. تذكّر ذلك العجوز من آنذاك وعبس، متمتما: "لقد تملّك منّي حقّا."
***
مرّت الليلة بهدوء وحلّ الفجر، فراح شجا ذكريات البدر، وما كان للمرء سوى القبول بالقدر.
عُقِد الاجتماع في الغرفة السرّيّة، ومنحهم باسل الوصفة وطرق التدريب والتقنيات الخفيّة حتّى تتمكّن الوحوش النائمة من إيقاظ وحوشها النائمة، وطبعا كانت هناك بعض الشروط التي وضعها باسل لتحديد الأشخاص المرخّص لهم الحصول على هذه الفرصة.
كان أوّلها هو العهد الذهنيّ الروحيّ بعدم إفشاء أيّ أمر بخصوص هذه المسألة لأيٍّ كان ولو لأبناء الدم، وثانيها كان وجوب بلوغ الشخص المستويات الروحيّة قبل تنفيذ إيقاظ الوحش النائم، وثالثها كان أن يُختار فقط من يتجاوز اختبار 'حياة'.
سُئل عن هذا الاختبار الذي ستقدّمه حياة، فقال أنّ ماهية الاختبار ستعتمد على الشخص نفسه، وستتغيّر من أحد لآخر.
كان يجب العمل بحرص شديد بشأن هذه المسألة من أجل تحقيق الغاية المنشودة في المستقبل البعيد؛ كلّ هذا من أجل ذلك اليوم المنتظر.

أنت تقرأ
عصر الأهوال (تكملة)
Fantasíaفصول عصر الاهوال فوق 200 ستكون هنا لأنّني وصلت إلى الحدّ المسموح به في الفصول، على ما يبدو، ووجب عليّ إنشاء قصّة جديدة حتّى أكمل بها الرواية. ستجدون الفصول الأولى من الرواية (من الفصل 1 إلى الفصل 200) في صفحتي الشخصيّة برواية بنفس الاسم: https://ww...