في سبيل العشق _ المقدمة

97.9K 1.7K 138
                                    

المقدمة
في سبيل العشق جميعنا نخضع ...
نضحي ...
نتنازل ...
وربما نخسر ...
ففي سبيل العشق نرتضي كل شيء ...
ونحارب لأجل اللا شيء ...
فقط من أجل قلب لا ندرك حقيقة كونه لنا او لغيرنا ... فالمصير مجهول ...
والنبضات لا تعني شيئا ...
والروح ترنو للبعيد ...
وكل شيء برمته مستحيل ...
 

بداية العشق نبضة ...
نبضة واحدة لا تشبه مثيلاتها ...
تتخلخل بينهن وتفرض نفسها على القلب الذي مهما عاند وكابر سيعترف اخيرا بخضوعه ...
وهو اعلن خضوعه منذ وقت طويل وإن عاند وكابر وأبى أن يعترف به ... لكنه استسلم في نهاية المطاف ورفع راية عشقه عاليا ليكون من أولئك العاشقين الذين ناصروا العشق دوما وابدا...
دلف بخطوات متمهلة الى غرفة نومه ...بحث بعينيه عنها لكنه لم يجدها ... سار بخطوات سريعة نحو الحمام وفتحه ليجده خاليا ... شعر بخوف غريب يسيطر عليه ... قد يراه البعض مبالغة لكنه يخشى عليها وبشدة ... فلم يمر وقت كثير على تعافيها من مرضها ... مرضها الذي فتك بجسدها واحتله لشهور طويلة تاركا أثاره العميقة عليها ... مرضها الذي تخلصت منه اخيرا بعد معاناة امتدت لاكثر من عام ...
خرج من الغرفة مسرعا واتجه نحو غرفة اختها ...وكما توقع وجدها هناك ... تواسيها كالعادة ... تبكي معها ... تحتضنها ... تراعي صغيرها ... اختها التي فقدت زوجها بعد عام من زواجها ... صديق عمره خالد الذي رحل بسبب حادث سيارة لعين تاركا خلفه زوجة ملكومة وطفل يتيم لا يعي من الدنيا شيئا .... وهو قد عاهد نفسه على حمايتهم ورعايتهم كما وعد صديقه قبل موته ... وجدها تجلس على الكنبة ترتدي إزار الصلاة تقرأ القران بخشوع يليق بها اختها نائمة بعمق على السرير بجانب طفلها غير واعية بأي شيء يدور حولها ... تأملها بنظرات حنون وهي تقبل القرأن الكريم ثم تضعه بجانبها وتنهض من مكانها لتخلع الإزار وتقترب منه بعدما لاحظت وجوده وتحتضنه بصمت ...
" ريهام تعبانة اووي يا حازم ... "
قالتها بدموع لاذعة ليربت على شعرها ويطبع قبلة على رأسها قبل ان يقول بنبرة خافتة :
" اهدي يا حبيبتي ...اهدي عشان خاطري ..."
ظلت متمسكة بأحضانه وكأنها تخشى فراقه فشدد من احتضانها ثم حملها بين يديه وسار بها كطفلة صغيرة خارج الغرفة متجها بها الى غرفته التي تقع بجانب غرفة ريهام ...ولج بها الى داخل غرفتهما واغلق الباب بقدمه ثم وضعها على السرير وجلس بجانبها يتأمل وجهها الاحمر الباكي ... احتضن وجهها بين كفيه وقال :
" كفاية دموع عشان خاطري ..."
" خايفة عليها اوي يا حازم .... "
هي تخاف على اختها الوحيدة التي لم تستوعب صدمة رحيل زوجها عنها بعد ... تخاف بشدة ان يصيبها اي مكروه فهي لم يتبق لها أحد سواها ...
" احنا كلنا جمبها يا هنا ... متخافيش عليها ....هي بس لسه مستوعبتش اللي حصل ..."
كان يحاول تهدئتها واقناعها بأن ما تمر به ريهام أمر طبيعي ...
" بقالها سبع شهور عالحال ده ... سبع شهور وهي لسه مستوعبتش اللي حصل ... ابنها محتاجها يا حازم ... وهي محتاجة انها تفوق ... تفوق وتراعي نفسها وابنها..."
كان حازم يدرك أنها معها كل الحق فيما تقوله ... ريهام تلتزم الصمت والسكون منذ تلك الحادثة ...ترفض الحديث مع أيا كان ... ترفض الخروج من غرفتها او رعاية ابنها ... ترفض كل شيء ...
" طب ايه رأيك نعرضها على دكتور نفسي ...؟!"
مسحت دموعها بظاهر كفها وقالت :
" فكرت فده ... هكلم حسام يمكن يقدر يساعدنا ..."
" هو مفيش غيره دكتور نفسي ....!!"
قالها حازم بضيق فهو يغار بشدة من هذا المدعو حسام والذي اكتشف منذ وقت طويل بأنه الطبيب النفسي الخاص بزوجته ...
ابتسمت هنا من بين دموعها عليه وعلى غيرته التي لا تنتهي ... فهو يغار من حسام بشدة حتى بعدما علم بأنه يعالجها نفسيا من آثار الماضي ....
تحدثت اخيرا وهي تحاول اخفاء ابتسامتها :
" طالما هو موجود ....نروح على غيره ليه ..."
اومأ حازم برأسه بإقتضاب ثم نهض من مكانه وخلع سترته ورماها على السرير واتجه نحو الحمام ليأخذ دوش سريع بينما حملت هنا هاتفها وقررت الإتصال بحسام فهي لا تريد ان تؤجل موضوع علاج اختها اكثر ...
                              .................
الخروج من معركة الحب مهزوما أمرا متوقعا ...
حينما يكون هذا الحب منقوصا ...
حب لا يملك القوة اللازمة كي يجابه ويستمر ....
وهي خرجت من معركة الحب بخسارة فادحة ...لم تخسر قلبها فقط بل خسرت روحها وجسدها ... فباتت تعيش على فتات العشق الذي لم تنل منه سوى الوهم والأوجاع ...
اكثر من عام مر وهي ما زالت تبكي حبه ...تعيش على اوجاعه ...تفكر فيه ... تتمنى قربه ... لكن بلا فائدة ...
فهي خسرت عشقه والى الابد ...وباتت في صفوف العاشقين المنكوبين الذين أعلنوا هزيمتهم منذ وقت طويل ...
مسحت دمعة خائنة تسللت على وجنتها وهي تفكر به ... تشتاق له وبشدة ... ذلك الرجل الذي احتل قلبها يوما وسرق مشاعرها ...
" حازم ..."
همستها بخفوت ... كم تشتاق لنبرتها وهي تنطق بإسمه ... كم تحتاجه ... وتريده ... اللعنة عليه وعلى عشقه الذي يرفض أن ينتهي في قلبها  ...
كانت تجلس على سريرها تحتضن جسدها بذراعيها ...  شاردة به ... وكأن العالم ينتهي عنده ...
لم تنتبه لأي شيء يدور حولها حتى صوت باب غرفتها الذي فُتِح ووالدتها التي دلفت الى الداخل ...
اقتربت والدتها منها وانحنت بجانبها ولمست كتفها هامسة بإسمها :
" سنا ..."
أفاقت سنا من أفكارها تلك على لمسة والدتها وصوتها الخافت لتعتدل في جلستها على الفور وتقول :
" نعم ماما ..."
" بقالي ساعة بنادي عليكي وانتي ولا هنا ..."
مسحت سنا وجهها بباطن كفيها ثم قالت معتذرة :
" اسفة مخدتش بالي ..."
تنهدت الام ثم قالت بصوتها  الهادئ :
" هتفضلي كده لحد امتى يا سنا ...؟! يا بنتي العمر بيفوت وانتي لسه بتفكري فيه وعايشة على ذكراه .."
أدمعت عيناها لا اراديا ما إن جاءت والدتها على ذكره ... منذ متى وهي ضعيفة الى هذا الحد لا تعلم ...؟! لكنها بالتأكيد منذ أن أحبته ... وباتت ترى عشقه أساس كل شيء ...
" مش بإيدي ... اعمل ايه يعني ...؟!"
نهرتها أمها بعصبية فهي لا تريد أن تنهار إبنتها اكثر من الأن :
" لازم تفوقي بقى وتشوفي نفسك .... مفيش حاجة إسمها مش بإيدي .... كل حاجة بإيدك ... بس انتي فوقي لنفسك وركزي بقى ... مكانش حب اللي يضيعك كده ..."
مسكينة والدتها ...فهي لا تعلم بحقيقة ما يجمعها بإبن اختها ...
" صدقيني بحاول ... بس بضعف ... انا تعبانه اووي يا ماما ...."
قالتها سنا بنبرة منهارة لتحتضنها والدتها وهي تربت على ظهرها:
" عشان خاطر ماما ...يا سنا انا مبقاش ليا حد غيرك ... مش عايزة أخسرك يا حبيبتي ..."
ولأول مرة تشعر بألم كهذا لأجل والدتها ...والدتها التي خسرت كل شيء ولم يتبقَ لها أحد سواها ...
تحررت سنا من بين أحضانها ... احتضنت وجهها بين كفيها وقالت بحب خالص لوالدتها :
" مش هتخسريني يا ماما ...مش هتخسريني ابدا ...."
ربتت والدتها على ظهرها بحنو ثم قالت :
" الشركة محتجاكي يا سنا ... الشركة بتضيع  وانا مش عارفة أعمل ايه ..."
" حصل ايه تاني ...؟!"
سألتها سنا بحيرة لترد الأم :
" محصلش حاجة غير انوا شغلنا كله واقف ... الشركة محتاجة حد مننا يمسكها ويديرها صح ... وانتي أحق واحدة فده ... "
شعرت سنا بأن والدتها معها كل الحق فهي قد أهملت شركاتهم بسبب ما حدث  ...  ويبدو أن الأمر انعكس سلبيا على الشركات التي بدأت تخسر أسهمها تدريجيا ...
" حاضر يا ماما ... أوعدك اني هروح للشركة واشوف ايه اللي بيحصل هناك ..."
" انا مش عايزاكي تروحي وتشوفي بس ...انتي لازم تشتغلي وتديريها بنفسك ...محدش هيكون أحرص على مالك منك ..."
ابتسمت سنا بضعف ثم قالت محاولة بث الطمأنينة داخل قلب والدتها :
" حاضر ..."
عادت الأم واحتضنتها وهي تدعو ربها ان يزيل حب ذاك الشخص من قلبها والى الابد ...
                          .....................

اغتصاب مع سبق الاصرار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن