في سبيل العشق_الفصل الثاني

56.9K 1.2K 86
                                    

الفصل الثاني
دائما ما كانت تظن ان حبه لها افلاطوني لا مثيل له ...
بأنها قلبه وروحه ... وأنها اساس كل شيء بالنسبة له ... وبين ظنونها والحقيقة كان هناك الكثير ... فلا هو كان الحبيب المنشود ولا هي كانت روحه وقلبه كما تظن ...
ربما هي اخطأت الخيار ... او ربما هو من اخطأ ... لا فرق ... ففي النهاية كانت هي ضحيته وإن أنكر ...
وخطيئته وإن استغفر ... وهاهي تفتح صوره بين الحين والاخر ... تبدد من خلالها شوقا عصف بها ....
وتطيب روحا تعللت به ... وكالعادة في حضرة وجوده وان كان صورا تختفي كل صلابتها التي قاومت كثيرا لتحافظ عليها ... فمجرد ذكره او صورة له تحطم هذه المقاومة بالكامل ... اغلقت تلك الصور بعنف وهي تحاول جادة الا تفتحها مرة اخرى ... كانت صور له احتفظت بها منذ وقت طويل ... لم تستطع ان تمزقها ... قلبها اللعين منعها من هذا ... لكن بينها وبين نفسها كانت تتمنى ان تفعلها... نهضت من فوق سريرها واتجهت نحو الشرفة الخارجية لغرفتها ... تأملت الحديقة قليلا بشرود أيقظها منه رنين هاتفها العالي فاتجهت بخطوات واهنة نحوه لتجد رقم غريب عليها يضيء سطح الشاشة ... ترددت في الاجابة لكنها شجعت نفسها وهي تفكر بأنه لا يوجد شيء يجعلها تخاف ان تجيب... وبالفعل أجابت على الرقم ليأتيها صوت رجولي رخيم شعرت بأنه ليس بغريب عليها :
" سنا هانم ازيك ...."
" مين معايا..."
" معقولة معرفتيش صوتي ...."
" لو مش هتقول مين هقفل السكة فوشك ..."
كانت تتحدث بعصبية تملكت منها لتسمعه يقول بصوته الهادئ :
" انا سالم الصباغ يا سنا ...."
" سالم بيه ... انا اسفة مكنتش اعرف انوا حضرتك اللي بتتكلم ..."
لا تعرف لماذا اعتذرت لكنها لعنت نفسها لأنها فعلت هذا ... فلماذا تعتذر منه وهي لم تخطأ بأي شيء معه ...؟!
أيقظها من أفكارها التي لا تنتهي صوته وهو يقول لهاب برقة لا تليق به :
" ولا يهمك ... انا كنت عايز اتكلم معاكي ... يعني عايز اشوفك الاول ونتكلم ..."
استغربت طلبه رؤيتها لكنها لم تعلق بل قالت بنبرة حذرة:
" تمام ...تقدر تتفضل بالشركة عندي ونتكلم ..."
" لا ...افضل اننا نتكلم فمكان تاني ...."
فاجأها اعتراضه على ان يلتقي بها في شركتها فسألته بحيرة:
" امال تحب تشوفني فين ...؟!"
اجابها بعد صمت قصير :
" انا عازمك على العشا ... فمطعم راقي بروحله دايما ...."
" بس ..."
قاطعها بسرعة :
" مبسش ... انا اول مرة اطلب منك طلب ... اتمنى انك مترفضيش ..."
" ايوه انا فاهمه ....بس احنا هنتقابل هناك بصفتنا ايه ..؟!"
كان سؤالها بديهيا ومتوقعا بالنسبة له فرد ببساطة عليها:
" بصفتنا زملاء عمل ....اظن دي افضل صفة ممكن نلتقي بيها ..."
حل الصمت المطبق بينهما من جديد ...هي تائهة لا تعرف ماذا تقول وهو يقتنص الفرصة لنيلها ... يستغل حياتها...ويلعب على اوتارها .... يعرف كيف يرمي هدفه ... وكيف يصوبه في المكان الصحيح....
" ها قلتي ايه يا سنا ....؟! هبعتلك عنوان المطعم فمسج ... وهستناك هناك بكرة الساعة تسعة بالليل...."
" تمام...!"
قالتها اخيرا بإختصار ليبتسم بظفر قبل ان يهمس لها عبر الهاتف :
" هستناكي بكره على نار ...."
ثم اغلق الهاتف بعدها لتظل سنا متجمدة في مكانها وهي تتطلع الى الهاتف في يدها بنظرات تائهة ....
جلست على الكنبة الموضوعة في احد اركان غرفتها وهي ما زالت تحمل هاتفها بيدها ... حاولت أن تتذكر لقاءها معه البارحة ... اعجابه الواضح بها ... سلاسة حديثه معها... ثم اخذت تفكر في سبب دعوته لها على العشاء .... وما غايته من هذه الدعوة ...؟! لكنها بالطبع فشلت في تحديد السبب فقررت ان تترك كل شيء لوقته ... وستعرف حينها جميع الاسباب ...
.....................
وبين ادراك العشق وثبوته يوجد الكثير ...
وعشقها أدركه منذ البداية لكنه احتاج وقت طويل لإثباته وما زال يحتاج ...
اليوم هو الجمعة استيقظ صباحا من نومه على صوتها العذب ...
عندما يستيقظ على صوتها يشعر بأنه ملك الدنيا بما فيها ...
منحها ابتسامة صافية وهو يفتح عينيه لتلقتي بعينيها البراقتين ....
" صباح الخيرر..."
" صباح الورد ..."
وكالعادة تبتسم بسعادة وتقول بحب لا تعرف متى تملك منها :
" انا جهزتلك الحمام عشان تاخد شاور سريع وتنزل تفطر ..."
نهض من مكانه بحماس وقال :
" تسلم ايدك ... مش هتأخر عليكي ..."
ثم دلف الى الحمام بينما اخذت هي تعدل الفراش وترتب الغرفة بينما يأخذ هو حمامه السريع ....
خرج بعد فترة قصيرة وهو يرتدي ملابسه البيتية ويجفف شعره بالمنشفة ليجدها قد سبقته وخرجت من الغرفة ...
وبالفعل لحظات وتبعها هو هابطا الى الطابق السفلي ليجدها تجلس مع والدته وريهام التي بدأت تتحسن تدريجيا وتشاركهم جلساتهم واحاديثهم بعدما كانت معتكفة في غرفتها ...
جلس على الكنبة بجانب هنا واحتضنها من كتفيها بعدما القى تحية الصباح عليهم ثم قال :
" مكان مصطفى ورؤية خالي فالقعدة دي ...."
ردت راقية عليه :
" وحشوني اوي ... لسه متصلة فيهم بيقولولي انهم مبسوطين ... "
" اهم حاجة انهم مبسوطين ...."
" معاك حق ..."
تدخلت ريهام في الحديث قائلة :
" انا كنت عايزة اقول اني قررت ارجع للشغل ...."
ابتسمت هنا وقالت بفرحة غير مصدقة :
" بجد يا ريهام ...؟!"
وأكدت ريهام ما قالته بإيماءة من رأسها قبل أن تكمل بجدية :
" هبتدي شغل من الاسبوع الجاي وكمان هرجع بيتي..."
تلاشت ابتسامة هنا تدريجيا حتى حلت محلها الصدمة لتهتف بها :
" انتي بتقولي ايه يا ريهام ...بيت ايه اللي ترجعيله ...؟!"
اجابتها ريهام وهي تتطلع الى ملامح حازم المتعجبة بحرج:
" بيتي انا وخالد الله يرحمه ... اظن بقى من اللازم اني ارجعله ..."
تدخل حازم في الحوار قائلا بجدية
" اظن انك تأجلي الفكرة دي دلوقتي يا ريهام ... وجودك بينا افضل من وجودك لوحدك ...."
الا ان ريهام أصرت على قرارها :
" بس انا حابة ارجع لحياتي القديمة .... انظم حياتي من جديد واستقل بنفسي..."
تدخلت راقية الاخرى في الحديث :
" بس يا بنتي وجودك بينا مطمنا عليكي .... غير اننا تعودنا عليكي انتي وعبد الله ..."
" انا موجوده يا طنط يعني هروح فين ... ده حتى شقتي قريبة عليكم ..."
" انا مش موافقة يا ريهام ..."
قالتها هنا بنبرة قاطعة لترد ريهام عليها :
" يا هنا انا من حقي اعيش بالطريقة اللي انا حباها وفبيتي مع ابني ..."
" اولا انتي لسه مخرجتيش من صدمة موت خالد ثانيا انتي هتشتغلي وهتسيبي ابنك لوحده ثالثا مينفعش تعيشي فشقة كبيرة لوحدك..."
" منا كنت عايشة قبل كده لوحدي ...عادي يعني..."
" قبل كده الوضع كان مختلف .... كنتي مضطرة لده ...مكانش فيه حد معاكي ...الكل كان بعيد حتى انا ....لكن دلوقتي احنا موجودين معاكي ....كلنا فظهرك ..."
كانت ريهام تحاول اقناعها فقالت :
" يا حبيبتي انا عارفة كل ده بس ..."
" ارجوكي يا ريهام اسمعي كلامي ...."
تدخلت راقية محاولة تلطيف الاجواء:
" اختك معاها حق يا ريهام ...حتى لو عايزة تستقلي بحياتك استني ابنك يكبر شوية ...."
تطلعت اليهم ريهام بحيرة ...شعرت بأن معهم كل الحق فيما يقولونه ... لكنها بحاجة الى الانفراد بنفسها قليلا .... والتريث بإختيار ما هو قادم ....
غمز حازم لهنا بمعنى ان تغير الموضوع الان حتى لا يضغطوا اكثر عليها فتحدثت هنا مستجيبة له :
" صحيح بالنسبة للشغل ... هترجعي تشتغلي فالصيدلية ولا هتكتفي بشغل المستشفى ...."
اجابتها ريهام بعدما افاقت من افكارها :
" هكتفي مبدئيا بشغل المستشفى ...."
" كويس ..."
...................
امام امواج البحر العالية ... وقفت ميرنا تتابع مصطفى وهو يسبح في البحر ... تراقبه بإفتنان واضح وهو يسبح بمهارة ... تأملت المايوه الزهري الذي ترتديه من قطعة واحدة بضيق فهي تخشى البحر ولا تعرف اصلا السباحة ... التفتت نحو رؤية لتجدها تجلس على البلاج وهي تقرأ في احد الكتب ... اقتربت منها وسألتها قائلة :
" انتي لسه مصرة انك متلبسيش مايوه ....؟!"
اغلقت رؤية الكتاب وقالت بجدية:
" قلتلك مية مرة اخواتي مش بيقبلوا البس مايوه عالبحر ... غير اني مبحبش اكشف جسمي بالطريقة دي ...."
" ليه يعني منا لابساه عادي وجسمي مكشوف ..."
" عادي يا ميرنا ... كل حد وليه تفكيره المختلف ..."
" تقصدي ايه ...؟!"
سألتها ميرنا بحيرة لترد رؤية موضحة مقصدها :
" اقصد انوا انتي طريقة تفكيرك بتختلف عن طريقة تفكيري ...انتي موافقة تلبسي مايوه ... انا مش بحب البس مايوه او اعرض جسمي للي رايح وللي جاي ...بالنهاية دي حرية شخصية وكل واحد حر فطريقة لبسه ..."
اومأت ميرنا برأسها متفهمة ثم انتبهت لمصطفى الذي اقترب منهما وعلى شفتيه ابتسامة مرحبة قبل ان يهتف بجدية :
" مش هتنزلي البحر يا ميرنا ..."
انتفض قلب ميرنا لا إراديا لتقول بنبرة متوترة بشكل جلي :
" نفسي انزل ... بس انا مبعرفش اسبح ..."
" تعالي انزلي معايا وانا هعلمك ..."
تطلعت إليهما رؤية بملامح غير راضيه لما يجري لكنها لم تشأ ان تعلق بينما قالت ميرنا غير مصدقه :
" بجد يا مصطفى ..."
" طبعا بجد ..."
كادت ميرنا ان تتجه معه لكن رنين هاتفها أوقفها فحملته وضغطت على زر الإجابة ليأتيها صوت جمانة :
" ميرنا عاملة ايه ....؟!"
اجابتها ميرنا وهي تتطلع نحو مصطفى :
" كويسه الحمد لله ..."
" بتعملي ايه ....؟!"
" مفيش ...قاعدة عالبلاج مع رؤية ... "
" تمام ....خلي بالك من نفسك ..."
" حاضر ..."
اغلقت ميرنا الخط مع اختها ثم اتجهت مع مصطفى للسباحة ...
....................
تخطي بعض المراحل في حياتنا امر لا بد منه ...فلا يوجد شيء يبقى كما هو ... كل شيء بإمكاننا تخطيه طالما نمتلك الرغبة والاصرار على ذلك .. .
وهي ستصر على التخطي ...ستبدأ من جديد ....وإن كان الماضي ما زال عالقا بها ... ستتخلص منه وتحرر نفسها من سجنه ...
وقفت امام المرأة تتأمل ثوبها الفضي بملامح راضية ... لقد اشترت هذا الثوب خصيصا لأجل سهرة الليلة ....
صففت شعرها الطويل بعناية فائقة ووضعت القليل من المكياج الذي اضاف جمالا خلابا اليها ...
ارتدت أحد أطقمها الماسية الغالية .... تأنقت كما يجب وخرجت وهي تشعر بإنتعاش غريب يسيطر عليها ...
قررت ان تقود سيارتها بنفسها ذاهبة الى ذلك المطعم ...
ما ان وصلت هناك حتى وجدته في استقبالها .... نهض من مكانه واتجه نحوها ...امسك يدها وقبلها قبل ان يتجه بها نحو احدى الطاولات ... أجلسها إمامه وطلب منها ان تختار المشروب الذي تفضل تناوله ... ولم ينسِ أن يلقي كلمات الاطراء عليها وعلى مظهرها الراقي ...
ارتشفت سنا قليلا من العصير الموضوع امامها قبل ان تضعه على الطاولة وتسأل سالم بنبرة مخملية :
" مش هتقولي طلبت تقابلني ليه ...؟!"
وضع سالم هو الاخر كأسه على الطاولة ثم قال بجدية ورصانة :
" انا هكون صريحي معاكي وادخل في الموضوع على طول ..."
أثارت كلماته انتباه سنا بشدة وقد ظهر الاهتمام جليا على ملامحها ....
" انا معجب بيكي يا سنا ....وعايز اتجوزك ..."

اغتصاب مع سبق الاصرار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن