الفصل الاول
الفراق يغتال العمر...
ينخر القلب ...
ويجرح الروح ...
فكيف اذا كان فراق نهائي ...؟!
بلا رجعة ...
فراق كُتِب عليك أن تعايشه وتتألم منه وتموت مرارا بسببه ...
هي جربت من الفراق أقساه ...
فقدت الزوج والحبيب والصديق ...
فقدته بلا رجعة ...
وباتت كجسد بلا روح تعيش على ذكريات ماضية ... تبكي دائما وتصمت احيانا وبين بكاءها وصمتها هناك الكثير ...
تأملها حسام وهي تجلس أمامه ... وجهها متعب بشكل واضح فالهالات السوداء تحيط بعينيها والشحوب يسيطر على لون بشرتها اضافة الى عينيها الحمراوتين المنتفختين بفعل بكائها المستمر ...
لم تكت هي ريهام التي عرفها لسنين طويلة ... ريهام التي تضج بالحيوية والنشاط ... ابتسامتها التي لا تفارق وجهها اختفت وروحها العذبة ماتت ... كل شيء بها تحطم أثر الفراق فباتت تعيش في سحابة الحزن على خط واهي يفصل بين الموت والحياة ...
" ريهام انا مش عارف اقولك ايه .... أي كلام هقوله مش هيوازي الحزن اللي جواكي .... بس انا هحلفك بإبنك ...وحياة عبد الله ابنك يا ريهام تفوقي ... انتي لازم تكوني أقوى عشانه .... "
الصمت المطبق كان جوابها لولا تلك الارتعاشة الخفيفة التي حلت بجسدها ما ان ذكر إسم صغيرها ...
فله تعيش ومنه تستمد الحياة ...
" عيطي يا ريهام ...عيطي لو ده هيريحك ..."
ارتجاف كفي يديها المضموتين أنبأه بنوبة بكاء شديدة قادمة وبالفعل لحظات قليلة وأجهشت ريهام بالبكاء أمامه ...
بينما أخذ حسام يتابعها بملامح مشفقة ...
ظلت تبكي لمدة طويلة حتى توقفت أخيرا عن البكاء ليمد حسام لها علبة المناديل الورقية الموضوعة على المكتب فتتناولها منه وتمسح دموعها وانفها بهم ...
" انا اسفة ..."
همست بها بصوتها المبحوح أثرا لشدة بكائها ليسألها حسام بتعجب من أسفها :
" بتعتذري ليه يا ريهام ...؟!"
أجابته ريهام بنبرة متشجنة باكية :
" اسفة لأني بتعبكم معايا .... لأني مش قادرة اكون قوية ... لأني مش قادرة حتى أراعي ابني ..."
ابتسم حسام لها إبتسامة شاحبة قبل ان يرد عليها :
" متعتذريش يا ريهام ... احنا كلنا عارفين انوا اللي بيحصل مش بإيدك ... زي ماحنا عارفين انك بتمري بفترة من أصعب الفترات .... كلنا مقدرين وفاهمين ده كويس اووي وعمرنا مهنتعب منك ..."
" بس هنا تعبت اوي معايا ...هي متحملة مسؤولية كل حاجة ... مسؤوليتي ومسؤولية عبدالله ...."
" وانتي فاكرة أنوا هنا هتدايق من ده ... هنا دي اختك يعني مسؤولة منك ... زي مانتي مسؤولة منها ...واجب عليها تراعيكي وقت الشدة ... اختك دي سندك ... لو هي مخادتش بالها منك واهتمت فيكي مين اللي هيعمل كده ..."
مسحت ريهام على وجهها بباطن كفي يديها ثم قالت بنبرة شاحبة :
" ميرسي اووي يا حسام ... كلامك ريحني ..."
" بجد ...ولا بتجامليني ...؟!"
أجابته بإبتسامة خافتة:
" بجد ..."
" لو كلامك ريحني يبقى ياريت تريحيني انتي كمان وتاخدي العلاج اللي هكتبهولك ..."
توترت ملامحها لا اراديا ما ان سمعت ما قاله حسام لتقول بسرعة ردا على كلامه :
" لا يا حسام انا مش محتاجة ادوية .... انا هاخد بالي من نفسي وابقى كويسة ..."
أراد أن يقنعها بضرورة أن تأخذ الادوية المهدئة التي قد تساعدها في تهدئتها :
" بس ..."
الا انها قاطعته بسرعة وجدية رافضة أن تأخذ اي دواء :
" مبسش ...صدقني انا هبقى كويسه ... بس بلاش أخد اي ادوية ..."
في الاخير أذعن حسام لها فلا حل أخر أمامه :
" خلاص زي ما تحبي ...مش هضغط عليكي ..."
ابتسمت مجاملة له قبل أن تقول بإمتنان :
" ميرسي اوي يا حسام .... تعبينك معانا انا وهنا ..."
" متقوليش كده يا ريهام ...انتي وهنا زي أخواتي ... عمري مهتعب منكم ...."
لم يكن حسام يكذب فهو يعتبر هنا أخت له وكذلك ريهام ...
............................
خرجت ريهام من عند حسام لتجد هنا في انتظارها وهي تحمل طفلها الصغير بين احضانها ...
امتدت يدي ريهام نحوها لتتناول الصغير منها ... احتضنته بقوة وهي تشم عبق رائحته قبل ان تقبله على وجنتيه بحنان فائض ...
" يلا نروح .."
ابتسمت هنا لها بحنان وقالت :
" يلا بينا ..."
تقدمت هنا نحو سيارتها تنوي تشغيلها لكن وجدت ريهام تقول بإعتراض :
" انا عايزة امشي شوية فالشارع واشم هوا ... ايه رأيك تمشي معايا ...؟!"
" زي مانتي عايزة ..."
قالتها هنا وهي تغلق السيارة مرة اخرى وتقترب منها ... ثم لفت يدها حول يد ريهام وأخذت الفتاتان تسيران في الشارع وريهام ممسكة بصغيرها ....
" بقالنا كتير مخرجناش سوا وشمينا هوا زي دلوقتي..."
قالتها ريهام وهي تأخذ نفسا عميقا لترد هنا عليها :
" فعلا ...احنا كنا محتاجين خروجة زي دي ...بعيد عن الدوشة ..."
" ايه رأيك ندخل الكافيه ده ..؟! "
أشارت ريهام بيدها نحو أحد الكافيهات القريبة من الشارع الذي تسير به لتتطلع إليها هنا بعدم تصديق قبل ان تومأ برأسها وتقول بسرعة قبل ان تغير رأيها :
" طبعا معنديش مانع ....خلينا ندخله ..."
اتجهت الفتاتان الى داخل الكافيه .... جلسن على احدى الطاولات الموجودة فيه ثم طلبت كلتاهما القهوة الساخنة من النادل ...
تأملت هنا أختها التي أخذت تلاعب صغيرها وتتحدث معه بملامح مسترخية ... تعجبت في داخلها من تغير ريهام المفاجئ .... فمالذي يجعل ريهام تصبح هكذا فجأة وتعود الى طبيعتها نوعا ما ...؟!
" بتبصيلي كده ليه ...؟!"
سألتها ريهام التي لاحظت تمعن اختها في النظر إليها لتبتسم هنا بجذل قبل ان ترد :
" مبسوطة ...بقالي كتير مشفتكيش وانتي كده ...."
منحتها ريهام ابتسامة خافتة قبل ان تقول بجدية :
" من النهاردة هتشوفيني كتير كده ...."
" ياريت يا ريهام ...ياريت بجد ..."
ادمعت عينا ريهام ما ان رأت لهفة اختها الواضحة عليها لتجفف دموعها بأناملها بسرعة وتقول لهنا :
" انا اسفة يا هنا ...انا تعبتك معايا اوي ...نسيت انك بتعاني بردوا من أثار مرضك ... "
مسكت هنا كف يدها وقالت بنبرة مليئة بالحب والحنان:
" متقوليش كده عشان خاطري ....انتي اختي واقرب حد ليا ...يعني طبيعي اني اهتم بيكي بالشكل ده ..."
ربتت ريهام على كف يد هنا المحتضن ليدها ثم قالت بإمتنان :
" ميرسي اوي يا هنا ...ميرسي على كل حاجة ..."
منحتها هنا ابتسامة صادقة قبل ان تحاول تغيير الموضوع قائلة:
" تعرفي حازم كان هيموت من الغيرة لما عرف انوا هنروح لعند حسام ..."
ابتسمت ريهام على غيرة زوج اختها التي لا تنتهي ثم قالت بعدها :
" هو لسه مش قادر يقتنع انوا مجرد صديق ودكتور بيعالجك ..."
" للاسف لا ... "
قالتها هنا بغيظ منه ومن اصراره على رفض علاقتها بحسام الامر الذي يجعل هنا تتعصب كثيرا عليه فهو غيور للغاية خاصة حينما يتعلق الامر بحسام ...
" تعرفي انا بفكر اتحجب ..."
افاقت هنا من شرودها على ما قالته ريهام لتقول بعدم تصديق :
" تتحجبي ...؟!"
اومأت ريهام برأسها وقالت :
" بصراحة بقيت حاسة انوا الدنيا دي قصيرة اوي ... والحجاب فرض علينا وهنتحاسب عليه ... فليه متحجبش ...؟!"
قالت هنا بشرود :
" انا كمان فكرت اتحجب كتير ...خاصة بعدما جالي المرض ده ... حسيت بردوا انوا الدنيا قصيرة ..."
" طب حلو يا هنا ...خلينا نتحجب سوا ..."
قالتها ريهام بحماس لترد هنا عليها :
" لا استني شوية ...قرار زي ده مش سهل ...لازم نتأكد منه ... عشان لو لبسنا الحجاب مينفعش نقلعه ...."
هزت ريهام رأسها متفهمة وقالت موافقة على كلامها :
" معاكي حق .... خلينا نتأكد من قرارنا الاول ...."
ابتسمت هنا لها بحب لتبادلها ريهام ابتسامتها وهي تتنهد بصمت ...
....................
ماذا بعد الفراق ...؟!
هل نهرب بعيدا حتى ننسى كل شيء ...؟!
أم نبكي على الاطلال ...؟!
هي بكت كثيرا ...
بكت حتى جفت دموعها وفقدت فتاء روحها اليافعة ...
بكت شوقا إليه...
وحبا فيه ...
بكت عشقها وجرمها في حقه ...
ثم قررت النهوض من جديد...
علها تجد دواء لدائها الازلي ...
نعم أفاقت من غيبوبة عشقها قبل فوات الاوان ...
وقررت أن تخطو أولى خطواتها بدونه ...
فلا أمل منه ... ولا أمل فيه ...
وقفت أمام مرآتها تتأمل قامتها الطويلة بملامح راضية ...
تنورتها السوداء القصيرة تصل حتى منتصف فخذيها وفوقها قميصها الازرق من الستان اللامع ...
أضافت بذلتها الرسمية مع حذاء كعبها العالي للغاية الكثير من الرسمية التي تلائم وظيفتها كمديرة للشركة ...حملت حقيبتها واتجهت خارج غرفتها لتجد والدتها في استقبالها والتي أخذت تتأملها بعينين دامعتين جعلت سنا تقترب منها وهي تقول بنبرة ضاحكة :
" محسساني اني عروس والنهاردة زفتي ..."
" عقبال ماشوفك عروسة قريب يارب ..."
رفعت يديها الاثنتين داعية لها لتعض سنا على شفتها السفلى محاولة إخفاء ألمها وشعورها الحقيقي عن والدتها...فأي عروس ستكون هي ومن سيرضى بها ...؟!
حاولت أن تخفي وجعها فابتسمت لها بخفة قبل ان تطبع قبلة على جبينها وتقول :
" اروح انا بقى ... ورايا شغل كتير مستنيني ... "
وفي شركتها كانت تسير بخطواتها الواثقة امام انظار جميع الموظفين غير مبالية بنظراتهم او همساتهم حتى وصلت الى مكتبها اخيرا ... وجدت سكرتيرتها في انتظارها تستقبلها بإبتسامة واسعة قبل ان تخبرهت قائلة :
" راقية هانم مستنياكي من بدري ..."
اختفت ابتسامة سنا تدريجيا ما ان سمعت بمجيء خالتها ثم بدأ الخوف يتسرب إليها تدريجيا حيث فكرت بأن هناك مشكلة جديدة في انتظارها ...
اخيرا حاولت أن تبعد تلك الافكار عن رأسها فشمخت برأسها عاليا محاولة لإضافة القليل من الثقة لذاتها ثم سارت نحو مكتبها لتجد خالتها هناك في انتظارها...
ابتسمت راقية ما ان رأتها ونهضت من مكانها لإستقبالها لتقترب سنا منها بخطوات سريعة وتحتضنها قائلة بشوق سيطر عليها :
" وحشتيني يا خالتو... وحشتيني اووي .. "
ربتت راقية على ظهرها بحنو قبل ان تقبلها على وجنتيها وهي تهتف بها بحب :
" وانتي وحشتيني اكتر يا حبيبة خالتو ..."
ابتعدت سنا من بين أحضانها اخيرا لتخفض رأسها خجلا منها بعد كل ما حدث ...
" بلاش تخبي وشك عني يا سنا ... انا خالتك ولا نسيتي ..."
رفعت بصرها نحوها ترمقها بنظرات خجولة قبل ان تهمس بخفوت :
" انا خجلانه منك اوي .... خجلانة حقيقي..."
" اللي حصل حصل يا سنا ...انتي اتصرفتي بطيش بس عرفتي غلطك وندمتي عليه ..."
هزت سنا رأسها نفسا وقالت بينما الدموع بدأت تأخذ مجراها على وجنتيها :
" عمري مهسامح نفسي عاللي حصل.... زي ما عمر حازم مهيسامحني ....""
" متعيطيش يا سنا ...متعيطيش عشان خاطري ..."
قالتها راقية بنبرة متشجنة ورغبة في البكاء سيطرت عليها قبل ان تمنح سنا مناديل ورقية أخرجتها من حقيبتها لتجفف سنا دموعها بخفة قبل أن تقول بسرعة :
" اتفضلي اقعدي يا خالتو ... تحبي تشربي ايه ..؟!"
اجابتها راقية وهي تعاود الجلوس على كرسيها :
" قهوة سادة ..."
طلبت سنا لها قهوتها السادة ثم جلست أمامها على الكرسي المقابل لها وقالت :
" عاملة ايه يا خالتو ....؟!"
اجابتها راقية وهي تبتسم بحب :
" كويسة يا حبيبتي ... انتي عاملة ايه ...؟! اخبارك ايه ...؟!"
اجابتها سنا وهي تتنهد بصوت مسموع:
" زي مانتي شايفة .... بحاول أكون كويسه ... "
" انا عايزاكي دايما كويسة يا سنا ..."
اومأت سنا برأسها وهي تقاوم غلالة الدموع التي تكونت أمام عينيها ...
" بلاش دموع يا سنا ....عشان خاطري ..."
ابتسمت سنا وهي تمحي اثر الدموع من عينيها برقة قبل ان تتناول محرمة ورقية تمسح بها عينيها وأنفها ...
" انا جيت النهاردة عشان اطمن عليكي واتأكد أنك بخير ...."
" انا بخير يا طنط .... متقلقيش عليا ..."
" لا خلاص انا اطمنت عليكِ ...."
خرجت منها مرحة سعيدة وهي تربت على كفي يديها لتفتح السكرتيرة الباب وهي تحمل فنجان القهوة فتنهض سنا بسرعة وتأخذه منها وتقدمه لخالتها قبل ان تجلس أمامها وتكمل حديثها معها ...
....................
في الواقع هو رجل يقدر الجمال ...
ولولا هذا ما كان ليأتي الى هذا الحفل من الاساس ...
لكن جمال صاحبة الحفل جعله يأتي إليه بالرغم من وقته الضيق ...
وكما توقع وجدها تشع جمالا وأنوثة كما اعتادت ان تفعل ...
جمانة الديب ...
المرأة الحديدة كما تلقب في أوساط رجال الأعمال ...
لم تكن إمرأة اعتيادية ...
فهي تلك التي تحملت مسؤولية نفسها و شكلت لها اسما مهما وكبيرا بين رجال الاعمال بعدما بدأت من الصفر متجاهلة ثروة والدها الكبيرة فقد قررت ان تبدا لوحدها لتصبح مديرة شركة من أكبر مجموعة الشركات في الشرق الاوسط ...
كانت ترتدي فستانا أسود طويل يصل الى كاحلها عاري الاكتاف وشعرها الاحمر الطويل يغطي ظهرها ... مكياجها الصارخ يبرز ملامحها الانثوية الحادة ... كل شيء بها يشع فتنة واغراء ... بل هي مصدر الفتنة نفسها ...
ما ان رأته حتى تقدمت نحوه وهي تتهادى في مشيتها وابتسامة فاتنة تزين ثغرها ...
" سالم بيه ...نورت الحفلة ..."
وكالعادة يمنحها ابتسامته الخاصة فهو جاء خصيصا لأجلها اليوم ثم يمسك كف يدها ويطبع عليه قبلة قبل ان يهتف بها :
" الحفلة منوري بيكي ...."
" سعيدة جدا أنك لبيت دعوتي وجيت ...."
" انا مقدرش أفوت حفلة ليكي ..."
أردف :
" مبروك عليكي الصفقة الاخيرة ...انتي تستحقيها بجدارة ..."
" ميرسي اوي ... "
منحته ابتسامة خلابة قبل ان تمسكه من ذراعه وتسير به وسط المعازيم وهي تشعر بالفخر فهي تسير مع سالم الصباغ الذي لا يرى غيرها الان ...
اتجهت به نحو إحداهن لتعرفه عليها ...
" تعال اعرفك على صديقتي ...هي لسه جديدة فمجال الأعمال ..."
ثم اقتربت من صديقتها معرفة إياه :
" سنا المصري ... a small business woman "
ابتسمت سنا ابتسامة مجاملة قبل أن تعرفها جمانة :
" سالم بيه الصباغ ... a big business man "
تأمل سالم سنا بملامح متفحصة ... كانت ترتدي فستانا اخضر اللون طويل ذو حمالات فضية رفيعة ...
لم يستطع تمييز لون عينيها اذا ما كان اخضر او ازرق لكنها جذبته بشدة ... شعرها البني مائل نحو الاشقر يلتف حول وجهها بتسريحة أنيقة تزيدها جمالا وجاذبية ... كان جمالها جذاب بشكل مثير ... جذبه على الفور وجعله ينسى جمانة الواقفة بجانبه ... فإذا كان جمالها جمانة متوهج مثير فهذه جمالها ناعم جذاب ...
" سعيد بمعرفتك سنا هانم ..."
قالها سالم وهو يمسك يدها ويطبع قبلة صغيرة عليه ... ابتسمت سنا ابتسامة متوترة هذه المرة شعر بها هو بدوره فإبتسم في داخله بخبث قبل ان يقول:
" مدام جمانة بتقول إنك جديدة في مجال ادارة الاعمال ..."
أجابته سنا بخجل :
" ايوه ...لسه ماسكة شركات العيلة من يومين ..."
" على كده جمانة هانم هتساعدك فشغلك ...."
ابتسمت جمانة وقالت :
" اكيد ... سنا دي اقرب صديقة ليا من ايام الجامعة ..لو مساعدتهاش هساعد مين ..."
كانت سنا تشعر بأنها تائهة بين الاثنين فهي غير قادرة حتى على تبادل المجاملات معهم ...
" أسيبكم شوية وأروح ارحب بباقي الضيوف .... "
قالتها جمانة قبل ان تلتفت نحو سنا وتشير اليها :
" سنا ... مش هوصيكي على سالم بيه ..."
منحتها سنا ابتسامة مصطنعة قبل ان تجد نفسها مضطرة الى البقاء مع سالم الذي لم يرغب بدوره في تركها او الحديث مع غيرها ...
.....................
تمر الايام والعشق يزداد بينهما ...
كلاهما يدرك خطواته جيدا نحو الاخر ...
وكلاهما حذر في خطواته ...
وكأنه يستعيد حبه من اول وجديد ...
فيسير بنهج مخالف لما اعتاده ...
حتى يحصل على نتيجة تخالف ما سبق ...
تأملها وهي تقف أمام المرأة تمشط شعرها بشرود واضح ...
وكأنما تفكر في مشكلة عويصة ...
اقترب منها وأحاط كتفيها بذراعيه طابعا قبلة قوية على قمة رأسها هاتفا بها بقلق :
" سرحانة فإيه ...؟!"
ابتسمت له ابتسامتها المعهودة قبل ان تجيبه :
" فيك ..."
رفع حاجبه وقال بعدم تصديق :
" بتفكري فيا أنا ....؟!"
اومأت برأسها وقد توردت وجنتيها فجأة ليسحبها من مكانها ويتجه بها نحو السرير يجلسها عليه ويجلس بجانبها محتضنا كف يدها بكف يده الضخم ....
ثم يهمس له مقربا وجهه من وجهها:
" بتفكري فيا ازاي بقى ...؟!"
" حازم ..."
نهرته بخجل واضح فعلى الرغم من مرور فترة طويلة على زواجها منه الا انها ما زالت تخجل منه وبشدة ...
" روح وقلب حازم ..."
قالها وهو يلتقط شفتيها بقبلة استجابت لها في بادئ الامر ... تمادى حازم في قبلته لتتحول الى قبلات متفرقة على وجهها ورقبتها والجزء الظاهر من نحرها بينما أخذ جسدها يرتجف بقوة وهي تقاوم ارتجافه علها تمنح ما يتمناه منذ وقت طويل ...
لحظات قليلة تمادي بهل هو وصرخت هي بها مبتعدة عنه ... لم تستطع ان تمنحه ما يريده ...فشلت كالعادة ... قد لا يصدق البعض ان رغم كل الفترة التي مرت على زواجهما الا ان حازم لم يلمسها قط ولم يقترب منها... فهي ما زالت تعاني من آثار الماضي الذي لم تأخذ فرصتها الكاملة لتتعافى منه ... لعنت نفسها وماضيها الذي يضعها في موقف مخزي كهذا ...
اخذ جسدها يرتجف بقوة بينما احاط شعرها بوجهها من الجانبين مخفيا اياه عن حازم الذي استوعب اخيرا ما حدث فنهض من مكانه واقترب منها وتسائل دون ان يلمسها :
" حبيبتي انتي كويسه .... ؟! هنا ردي عليا ....!"
" كو ي سه ...."
اجابته بنبرة مرتجفة متقطعة قبل ان تنفجر ببكاء مرير...
شعر حازم بالذنب فهو سبب بكاءها وألمها ...ليته لم يتمادى معها ولم يجعلها تشعر بهذا الشعور المرير ....
" انا اسف اووي ...سامحيني يا هنا ...."
هزت رأسها نفسا بإعتراض وهي تمسح دموعها بعنف قبل ان تلتفت نحوه وتحدثه من بين دموعها :
" انت ملكش ذنب .... انا الخلل فيا ... "
" متقوليش كده من فضلك ... احنا الاتنين عارفين اللي مريتي بيه ...."
تنهد للحظات قبل ان يكمل بجدية :
" اللي مريتي بيه مش سهل ... عشان كده انتي محتاجة وقت لحد متتعافي منه ..."
" وقت اكتر من كده ..."
قالتها بوجع حقيقي ليبتسم لها داعما :
" وماله ... خلينا نستنى كمان....احنا ورانا ايه يعني ..."
ثم اردف وهو يغمز لها بخبث :
" ولا انتي مش قادرة تستحملي خلاص ..."
ضحكت وهي تمسح على وجهها بأطراف أناملها قبل ان تهتف بخجل شديد :
" بطل قلة ادب ..."
" انتي لسه مشفتيش قلة الادب يا حبيبتي ... بس اوعدك انك هتشوفيها قريب ..."
" حازم ..."
صرخت به على استيحاء ليحتضنها بقوة وهو يهمس لها بحب :
" اه لو تعرفي بحبك قد ايه ..."
وبين حب واخر يأتينا حب حقيقي يسيطر علينا ...
حب يقتحمنا فجأة ويزلزل كياننا فلا نحن قادرين على مجابهته ولا راغبين في الهروب منه ....
وحبها كان اقتحام ، سيطرة ، استحواذ ، زلزلة وارتواء ... حبها كان كل شيء وبدونه لا نرى اي شيء ...
فهي الحب الاول والاخير ومهجة القلب و ونداء الروح ...
هي الاولى والاخيرة ...
سيدة قلبه ومالكة روجه وتاج عمره المسلوب ...
............................
البدايات دوما تجذبنا بشدة ...
تجعلنا ننتظر ما يليها بلهفة ....
لهفة تشبه لهفة طفل صغير في اولى خطواته او لهفة عريس يستقبل عروسه التي عافر لأجلها لسنين طويلة ...
لم تكن بدايتها مختلفة ... بل بداية تقليدية ... فهو اخو صديقتها المقربة الذي تراقبه دوما من بعيد ... يعجبها بشدة ... وتتمنى قربه ولو لمرة ...لكن بشخصيتها الخجول لا تستطيع سوى أن تراقب وتتمنى ....
اليوم ستراه فقد أخبرتها صديقتها بأنه سيأتي معها في رحلتهما الى شرم الشيخ ... تجهزت لهذه الرحلة منذ عدة ايام ...اختارت افضل ملابس تمتلكها وارتدتها ...
خرجت وكلها حماس لتجد جمانة في انتظارها ....
" اتأخرتي اوي يا ميرنا ...."
" معلش يا جوجو ... اصلي كنت بسرح شعري ..."
شعرها المجعد والذي تكرهه بشدة يأخذ وقتا طويلا ليصبح ناعما سرحا كما تريد ....
واختها تمتعض بشدة من اسم جوجو هذا ...
" متقوليش يا جوجو من فضلك ...اسمي جمانة ... جمانة وبس ..."
" حاضر يا جمانة..."
قالتها وهي تقلد لهجة الضباط وتضع كف يدها أعلى رأسها لتبتسم جمانة في داخلها عليها قبل تقول لها :
" يلا بينا ....عشان هنتأخر على رحلتك ..."
ركبت سيارة جومانة التي بدأت تقود سيارتها بسرعة عالية متجهة به نحو موقف السيارات حيث يوجد الباص المخصص للرحلة ....
وصلت هناك اخيرا بعد وقت قياسي... ودعت اختها وسارت نحو الباص واختارت مكان في المقدمة لتجلس عليه ولم تنس ان تحجز مكانين اخرين لصديقتها واخيها ....
اما في الخارج فقد وصل كلا من مصطفى ورؤية الى المكان ....
هبطت رؤية من السيارة بينما أشار لها مصطفى قائلا :
" روحي انتي استنيني فالباص وانا هلحقك على طول ...."
اومأت رؤية برأسها متفهمة وسارت نحو الباص بينما دار مصطفى بسيارته ليركنها في الكراج دون ان ينتبه للسيارة التي جاءت من خلفه فاصطدم بها ...
شتم بصمت وهو يفكر بأن سيارته الجديدة قد تحطمت من الامام بكل تأكيد ثم هبط وفي نيته ان يمزق رأس السائق الغبي والذي لم يتنازل حتى ويهبط من سيارته ليراه ....
هبط من سيارته وهو في أوج غضبه واتجه نحو السيارة وتحديدا عند مقعد السائق وانحنى صوب النافذة لتفتحها جمانة له فيتسمر في مكانه وهو يطالع هذه الساحرة الحمراء التي سرقت لبه وسلبت كيانه بالكامل وجعلته عاجزا عن النطق بحرف واحد ....
" خير ....؟! فيه حاجة ...؟!"
فظاظتها هذه اغاظته لكنه تغاضى عنها وهو يقول بنبرة باردة :
" حضرتك عربيتي شبه ادمرت بسببك..."
ردت عليه ببرود مماثل :
" والله لو حضرتك خدت بالك كويس وانت بتسوق مكانش حصل ليها حاجة ...."
" يعني طلع الغلط مني وانا مش واخد بالي ..."
" بالضبط ...."
قالتها بابتسامة صفراء ليرد عليها :
" ماشي ...همشيها النهاردة كده لحد ما اشوف أخرتها .."
" عن اذنك ورايا شغل وانت معطلني ...."
قالتها وهي تغلق النافذة في وجهه وتقود سيارتها خارج الكراج بينما تابعها هو حتى اختفت من امام انظاره تاركة اياه مسحورا بها ....
سار متجها نحو الباص وهو يفكر بأمر هذه الساحرة الحمراء ...
ركب الباص ليجد اخته تجلس بجانب صديقتها التي حياها بابتسامة خفيفة وايماءة من رأسه قبل ان يجلس على الكرسي الخلفي لهما وهو يفكر بأمر ساحرته ...
وبين لحظة واخرى يضعنا القدر في مواقف غريبة مع اشخاص اغرب ...
اشخاص قد لا نتمنى قربهم ولكن القلب له سلطته ....
نهاية الفصل
أنت تقرأ
اغتصاب مع سبق الاصرار
Lãng mạnجلست على سريرها وهي تشعر بالالام المبرحة تغزو جسدها بالكاملة .... لقد ضربها ضربا مبرحا كما اعتاد ان يفعل ... ولم يكتفِ بهذا بل مارس نزواته الحيوانية معها بكل شهوة مقززة ... لينتهي بها الامر مرمية على السرير عارية وحيدة ... لم يكن هذا اليوم يختلف عن...