الفصـل التاسـع و الثلاثـون""
قـد بقينـا هُنا . . . . و قـد زال الألــم 💜
......... ......... ...........أنهـى أنـس اختباراته اليـوم ، عَرضـت عليـه والدتـه أن يأخـذ إخوتـه و يخرجـون احتفالًا بإنتهـاء تلـك المرحلـة و ليرّوحوا عن أنفسـهم بالتنـزه ثم يذهبـون لزيـارة جدهـم بـدر و جدتـهم وفـاء و يبيتـون عِندهـم تلـك الليـلة لأنـهم لـم يذهبـوا إليهم منذ فتـرة ، رفضـوا الخروج بدونهـا و تركـها وحدهـا و لكـنها أقنعتهـم أنهـا تشعـر بالإعيـاء و لا ترغـب فـي التنزه و لـن تقـدر على الذهـاب معهـم عنـد جدهم ، و أنهـا لا تخـاف من المبيـت وحدهـا ، استجاب أنس لهـا حتـى لا يُحزنهـا رغم أنه يعـلم أن رفضهـا ليـس بسبب شعورهـا بـ الإعياء ، فجهـاد أصبحـت لا تُحـب الخروج من المنـزل ولا الجلسـات التـي تجمـع العائلات ، لـم تعد تُحب الأحاديث المطولـة ، هـي تخـاف مـن المكوث وحدهـا ليلًا ولا تمتلـك قـدر كبيـر من الشجاعـة و لكن لـم تعد الروح حيه حتى تخاف و لن يضر الشاة سلخُهـا بعـد ذبحـها .
حـاولت أن تشغـل نفسـها طوال اليـوم بالقراءة و أعمـال المنـزل ، وضعـت الطـعام و رفعتـه ثانيةً كمـا هـو دون أن تأكـل ، كـانت دمعاتهـا تتسـاقط مـن وقـت لآخـر كلما تذكـرت شيئًا كانـت تفعـلُه مـع زوجهـا ، رُفـع آذان العشـاء ، توضأت ثـم دخلـت إلى غرفـة الصلاة ، رفعـت يديهـا بتكبيـرة الإحرام و بدأت في الصلاة و بدأت معهـا دمعاتهـا ، أطالـت السجود و أطالـت البكـاء ، ناجت ربهـا كثيرًا ، تضرعـت إليـه بكـل ألوان الدعـاء ، كـان صوت نحيبهـا مرتفعًا ، لـم تبك بصمـت كعادتهـا عنـد وجود أبنائهـا فـي المنزل ، رُبمـا قضت ساعة في الصلاة ، شعـرت بـ الإرهاق فأنهـت صلاتهـا و جلسـت تذكـر الله ، سمعـت جـرس الباب ، فمسحـت دمعاتهـا سريعًا لتوقعهـا أن أبنائهـا قـد عادوا و تعجبـت من عودتهـم لأنهـا أوصتهـم بـ المَبيـت عنـد جَدِهـم ، خـرجت مـن الغرفة ، توجهـت إلى الباب و فتـحته و هي تقـول بـعتاب :
جيتوا ليـه يا حبايبي مـ . . . . . . ، و فجأة توقفـت عن الكلام عنـدمـا رأت أن الطـارق ليس أبنائهـا ، تجمدت على وضعهـا المُعاتِب قبل أن تقطع الحديث ، ظلـت واقفة تنظـر إلى الطـارق ، أهـذا نضـال ، لا ليـس هو ، لا يا أيهـا العقـل الغبي إنه هو ، أنا أعلم ، أشعـر به و إن تغيرت هيئته ، عـاد الحبيب الغائب ، كـانـت لحيته أطـول كثيرًا من حالتهـا سابقًا ، فقـد الكثيـر من وزنه ، تظهـر علامات الإعيـاء على وجهه ، يرتدي ملابس متواضعة جدًا ، ليس أنيق كـ عادته ، لكـن عيناه كما هي ، نعم نظـرات العـشق و الشوق التي تحفظهـا جهاد عن ظهـر قلـب ، ظلا يقفان بلا حركة ، كـلًا منهما ينظـر مباشرة إلى أعين الآخـر ، بدأت ملامـح جهاد تتبدل شيئًا فـ شيئًا ، تحـولت من العتاب إلى الدهشة إلى الحنين ثم إلـى الشـوق ، بدأت الدمـوع تتجمـع في عينيها ، ظلا على هذا الوضـع عشـر دقائق ، بدأت جهـاد ترفـع يدهـا ببطء تريد أن تلمسه حتى تتأكد أنهـا لا تتخيل ، لكـنهـا أوقفت يدهـا في الفراغ قبل أن تصـل إليه ، خوفًا أن يكـون حلُمًا و تستفيق منـه ، بدأت الدموع التي ملئت عيناهـا تتساقـط ، ثـم أكملت حركة يدهـا فجأة حتى وضعتهـا على صـدره أمام قلبه مباشرة و بمجرد أن فعلـت ذلـك كأن الكهرباء قد لسعتـه و إذا بـ سكونه يتبدد فجأة ثـم يجذبـها إليـه بقوة و يرفعها حتى تصل إلى عنقه دون أن تقف على قدميه كما كانـت تفعـل دومًا ، عانقهـا و شدد عليهـا القبضة حتى كاد يسحقهـا مـن الشوق ، تمسكت هي به بقوة و دفنت وجهها في عنقه و أخذت تبكي بقوة ، أمال رأسـه على كتفها و انخرط في البكاء أيضًا ، كانا لا يُصدقان أنهما التقيا أخيرًا و أنهما يتعانقان الآن ، هل انتهى الألم أخيرًا ! هـل جاء الفرج بعد الصبر ! هـل نجح المؤمنون في الاختبار و حان وقت مكافئتهم ! هل استجاب الله الدعوات التي ظنهـا الجميـع مستحيلة ! نعـم لقـد حدث كــل ذلـك ، ظلـت أرواحهـم تحتضن بعضهـا هكذا لوقتٍ طويل ، بثوا كـل مشاعرهم دون حـرفٍ واحد ، و كما أقـول دومًا رُبَّ عناق أبلغُ مـن كلمـات اللغة كلها ، أنزلها نضال أرضًا ببطء و ظل اتصال أعينهما ممتدًا ، و إذا فجأة دون أن يتفوها بكلمة يخران سُجدًا معًا دون ترتيب ، كأن أرواحهـم قد اتفقت على كل شيء و كأن الكلمات هي آخر ما يلجئون إليـه من أجل التواصل ، فالكلمات خاصة بـ هؤلاء الذيـن لا يعلمـون معنى العـشق و لـ هؤلاء الذين لـم تتحـد أرواحُهم ، أمـا هما فأبعد ما يكونا عن الجهـل بالعشق فهما من علما العالم معنى الحب و الهُيام ، سجدا شكرًا علـى نعمة ظنهـا الجمـيع مستحيلة و لكنها قلوب المؤمنين و يقينُها و كرم الرحمن و حنانه و لطفه بأحبابـه .
أنت تقرأ
أحببتة مناضلا
General Fictionالحـب و الحـرب ، الفرق بينهما حرف و الحـرف قليل ، قد يُخلق من الحـرب أروع قصصٍ للحـب ، و قد تشتعل داخلك حربٌ من أجل الحب ، أما عن ذاك الحـب الذي يسري فـي دماء المناضل أثناء الحـرب فهـو قسمًا أعظم حـب قد نراه ، حبٌ يدفع إلى كل جميل ، حبٌ يجعل منـك شي...