مرّ أسبوعين على زواج مالك من حنين التي تحاول باستماتة ترويض هذا الأسد الثائر دائما وتجعله يشعر بها لكن في كل مرة تفشل وتقابل منه الرسمية والبرود الشديد. أما عن رحمة فهي كالعادة هادئة و صامتة و تهتم بشئون الشباب والقصر وتحاول تجنب هذه الحنين التي من وقت انضمامها للعائلة و قد علمت أنها زوجة مالك فهي تكرهها وبشدة. أما باقي الشباب فكالعادة منغمسين في اعمالهم وبالأخص عمر الذي يلعن سيف لأنه يترك له أغلب أمور الفنادق بالإضافة إلى عمله بوكالة الإعلانات...
كان الشباب والجد و رحمة يجلسون بالحديقة في جو يملأه الضحك والحديث في أمور شتّى وفجأة هبّ عمر بغضبه لسيف:
_ عمر: ولااا ... بقولك ايه... انت طظبط أمورك في الشغل انا مش عارف الاحق على الفنادق ولا الشركة و حضرتك مقضيها سرمحة ...
_ رحمة بهدوء: لا بصراحة يا عمر هو بقالوا أسبوعين مبطل سرمحة
_ سيف سريعا: ربنا يخليكي ... شوفت ي بيه؟
_ أكملت رحمة بنفس الهدوء: بس مقضيها بلاي ستيشن وأكل لحد ما قرب يكرش. ضحك الكل على آخر جمله قالتها في ظل غضب سيف . اضاف الجد بجدية:
_ سيف ماينفعش كدا ... انت لازم تركز اكتر من كدا ... إخواتك كل واحد شايل هم كبير وتقيل ... انت مريح ومزود الحمل على عمر ما ينفعش كدا
_ سيف بحنق: وأنا اعمل ايه بس بملّ وبعدين انا مابحبش الغباء والاستعطاف، لما واحد يستغبى ولا يقعد يقولي معلش اتأخرت عشان كذا ولا كذا وكل يوم على الحال دا لحد مازهقت وهو بريحكوا عشان معملش جريمة
_ أجاب زين بهدوء فيه القليل من الحدة: انت لازم تبطل اللي انت فيه دا وعمر وجدي عندهم حق . لازم تركز اكتر من كدا في الشغل وكفاية على عمر إللي هو فيه، ثم تعالى هنا ايه ارتكب جريمة و مابحبش و بمل؟! ... انت عايز كل حاجة بمزاجك حتى الناس؟!... انت مش هاتمشي الكون بمزاجك ماحنا كل واحد فينا عنده بلاوي ،هو الشغل كدا وأكبر شوية مش كدا .
غضب سيف من كلامهم بشدة، والكل كان ملاحظ غضبه لكن لم يكترثوا كثيرا بهذا الغضب . فعلى الرغم من أن سيف رجل ذو قوة و صلابة لكن يتصرف بطيش وأحيانا كطفل لذلك أصرّوا ان يغيروا هذا الأسد المدلل . لكن رحمة بهدؤها و ذكائها أحبت ان تقلل من غضبه و تهدئ الجو الذي امتلئ بالمشاحنات ضد سيف:
_ رحمة : سيف!... ممكن تساعدني ؟
_ سيف بتساؤل: عايزة ايه؟
_عايزة اعمل بسبوسة لينا بالمكسرات وأنا مش قد كدا في عمايل الحلو ، فأنت تشوفلي من على النت أسهل طريقة وتقولي الخطوات والمقادير بالراحة وأنا اعملها
_سيف بحنق : إشمعنى انا يعني هو انا عيل صغير قدامك ؟
_ رحمة بهدوء: خلاص انا اسفة ... متضايقش انا هاقوم لوحدي وأحاول أركز وأنا بقرا وبعمل
_ سيف : يا بنتي انتي هاتجننيني، انتي عارفة اني مش قصدي... قومي خلاص يلا نعملها سوا ماتاخديش على خطرك يا ستي أمري لله ...
فهم الكل نية رحمة فابتسموا على ذكائها كالعادة إلا هذا الأسد الصغير الذي اخذ الجميع على عاتقه إعادة ربط زمام أمور هذا الطفل الكبير.
*******
في هذه الأثناء دلف مالك و معه حنين قادمين من حفلة ولزم الأمر بحضور حنين، فبعد خبر إعلان زواجه أصبح رجال الأعمال يصرون على حضورها معه حفلات العمل من أجل التقرب منه وهذا شئ طبيعي في عالم رجال الأعمال ولذلك يضطر إلى اصطحابها معه حتى لا يلاحظ أحد ثغرة في علاقتهم و يؤثر ذلك على سمعتهم و العمل. عند دخولهم وجدوا الكل مجتمع بالحديقة معادا رحمة وسيف :
_ حنين بابتسامة: مساء الخير عليكوا، كويس انكوا قاعدين هنا الجو حلو اوى النهاردة.
_شاكر: حمدالله على السلامة
_ حنين : الله يسلمك يا جدو
كان الكل صامت فهم لا يحبون هذه الحنين و غاضبين من مالك من أجل رحمة. كان ببروده المعتاد وصمته المقلق يدور بعينيه حول المكان عله يراها، ثم تحدث فجأة:
_ ايه الريحة دي؟!
_ حمزة : كالعادة هي صاحبة الروايح إللي بتملي البيت ديت
علم مايقصده، فهي رحمة كالعادة صاحبة اشهى الاطباق...
و بعد دقائق هبّ كل منهم واقفا بعد سماع صوت صياح سيف بالمطبخ دلفوا سريعا إلى المطبخ ليتفاجأوا من المشهد... سيف يمسك يده ويلف بالمطبخ و يصيح بشدة و يشتم و رحمة واقفة تضحك بشدة عليه:
_ مالك بضيق: ايه التهريج دا ؟ في ايه ؟
وقف سيف منتبها و رحمة على حالها تضحك.
_ زين ببسمة لرحمة: طب ضحكينا معاكي داحنا الدم نشف في عروقنا من الخضة.
_ رحمة و مازالت لا تستطيع التماسك من كثرة الضحك: هههههههههه مش قادرة
_شاكر لسيف: ماتنطق يا ولد في ايه ؟
_سيف بتردد: أصل ... عاجبك كدا يعني يا ست رحمة الموقف دا؟
_رحمة وهذه المرة تماسكت من الضحك: وأنا مالي مش انت إللي زعقت... اديك حطيت نفسك في الموقف دا عشان تسمع الكلام بعد كدا هههههههههه
كان مالك يستشيط غضبا من رؤية ضحكتها بهذه الطريقة، أما الباقي فمتفاجأين من ضحكت رحمة التي لم يروها من قبل. تقدم شاكر بهدوء :
_ طب قوليلنا بدل ماحنا واقفين مش فاهمين حاجة.
_رحمة : احنا كنا بنعمل البسبوسة زي ما حضرتك عارف، وكنا بنتناقش مع بعض في حاجات كتير لحد ما اخدته الجلالة وقالي ان الرجالة تعرف تعمل كل حاجة و تستحمل الألم اكتر و ان الستات دي خرعة وقالي حتى انا إللي هاجيب الصنية من الفرن فاتلسع وزى مانتوا شوفتوا المشهد هاج وقعد يلف في المطبخ يشتم في المطبخ ع الطبيخ ع الستات ...
_ الجد : أخص عليك عرتنا
_ حمزة : دي كسفة كبيرة اوي ي أبو الاسواف
_ ياسين : الأسود ماتوا في الغابة
نظر سيف لرحمة بغضب وترك المكان وذهب لغرفته...
*******
في مكان بعيد بالمحروسة يجلس بشموخ وحقد :
_ آن الأوان اني اخد حقي من عيلة ظهران بهدوء واشفي غليلي...
*******
صعدت رحمة لسيف، دقت على الباب برقة وعند فتح الباب ظهر غاضب جدا:
_ سيف بغضب : جاية ليه ؟... عشان تكملي ضحك؟!...
_ رحمة بصوت هادئ: لأ... دا تلج ومرهم للحروق حطهم على ايدك عشان تهدى من لسعة الفرن.
_ سيف بعصبية طفل: مش عايز منك حاجة، انا كويس
_ رحمة : آسفة اني اتكلمت وحنين موجودة بس مقدرتش اقولها تخرج، انت عارف مالك ممكن يعمل اي حاجة، وجدي والباقي أصروا يعرفوا اللي حصل.
_سيف: هاها... بعد ايه؟... بعد ماخليتي شكلي وحش قدام الكل وطلعتيني عيل صغير قدامهم وخاصة حنين ديت؟!... مش قابل اسفك على فكرة .
_رحمة: حقيقي انا اسفة بس هما إللي اضطروني اقول اللي حصل و بعدين انت إللي عليت صوتك جامد خالاهم يدخلوا وأنا مامسكتش نفسي بصراحة وضحكت. ثم أكملت باسف : انا اسفة بجد اني مراعتش هيبتك المرة دي بس غصب عني ومش هاضيقك، بس خد دول عشان الحرق إللي في ايدك دا ... بعد إذنك. وقبل أن تذهب :
_ سيف بغضب ولوم كالأطفال لا يظهر غير لرحمة: يعني أصدق ان ماكنش قصدك وعدي موقفي إللي زي الزفت إللي حضرتك حطتيني فيه؟!
_ رحمة ببسمة رقيقة: دي حاجة ترجعلك على فكرة انا اعتزرلتك وانت مش قابل أسفي يا سيف وأنا بجد اسفة...
_سيف بابتسامة كالأطفال: ماشي هاسمحك المرة دي بس ماتتكرش
_رحمة برقة: حاضر ... يلا بقى اسيبك ترتاح عشان الشغل بكرة إن شاء الله
_سيف بحنق: بقولك انا مش عيل عشان تقرري مكانى
_رحمة: مين قال كدا بس... انا خايفة على أخويا وعايزاه يبان قدام الكل أنه قد المسئولية ومركز في الشغل وأنك متتضيقش من كلامهم زي النهاردة تاني وتثبتلهم انك قدها وقدود
_سيف باقتناع: ماشي... يبقى صحيني بكرة عشان ماكسلش و من بكرة هاركز في الشغل وأحاول اهتم
_ رحمة: قول ان شاء الله
_سيف بابتسامة: ان شاء الله