كان قد حلّ بعد منتصف الليل وقررت رحمة بأداء صلاة القيام قبل النوم وما أن انتهت حتى دق باب الغرفة. استغرقت ثواني لاستيعاب الوضع، واصابتها الحيرة والخوف معاً، إلى أن قررت المواجهة :
_مين؟!!
اجابها صوت جاف رجولي:
_ انا ياسين، افتحي. عايزك ، مش انتي خادمة هنا ولا إيه؟ ، والمفروض بتنفذي الأوامر...
اصابتها الدهشة والخوف من هذا الياسين، فحسمت أمرها بأن تفتح. وما أن شرعت حتى اندهش ياسين، فإن باب الغرفة غلقته بالمفتاح،مما يعني أنها خائفة... على الرغم من كره ياسين للنساء، إلا أنه لا يتعامل بلؤم معهن فيكتفي فقط بالبرود والسخط وتجنبهن ولا يتجاوز حدوده وهذا ما يحير كل انثى تحاول أن تقترب منه ظناً منهن أنه سيقوم بفعل منحرف. لكن هو لا يثق فيهن فقط ولا يتطاول... وعندما فتحت رحمة أصابته دهشة أخرى. فقد كانت تردتدي ازدال الصلاة وكانت بريئة وجميلة فيه مما اعجبه ولأول مرة يلفت نظره امرأه وتصيب دهشته. ابتعد قليلا عن الباب و قال :
_عايز قهوة دلوقتي، ويبقى طلعيها على فوق... وذهب
اتجهت رحمة إلى المطبخ والذي كان في حالة مزرية و فناجين قهوة مكسورة فابتسمت ابتسامة رقية، حيث أنه من الواضح أنه كان يكابر و يحارب في المطبخ حتى لا يحتاج إليها ولكن محاولاته فشلت واستسلم ولجأ اليها. فقد بدا إليها كأنه طفل غاضب من والدته ولا يريد التحدث معها. انتهت من عمل القهوة واتجهت إليه والغريب أنها لم تخف ان تذهب إليه وفي هذا الوقت من الليل. طرقت على الباب فأذن لها، وعندما دلفت رأته منهمك في بعض ملفات العمل وأن آلة القهوة الخاصة به بالغرفة ملقاة على الأرض فاستشفت أنها بها عطل ولهذا توجه إلى المطبخ بعد أن افرغ غضبه على الآلة المسكينة . عند خروجها رفع رأسه قائلا :
_ استني عندك
_رحمة: أيوة
_ياسين: تعرفى تبقى تشترى ماكنة قهوة تانية؟
_رحمة: حاضر يا فندم بكرة ان شاء الله هاروح المول اجيب لحضرتك واحدة أوامر تانية؟
_ياسين: تمام .. استني خدي فلوس
_رحمة : لا، حضرتك شاكر بيه مديني فيزا فلوس عشان اجيب بيها كل مستلزمات القصر من أكل وشرب وكل حاجة تخص البيت.
_ياسين: ماشي تقدري تمشي .اتجهت رحمة إلى المطبخ لكي تصلح ما أفسده ياسين. وفي هذه الأثناء دلف سيف وسمع صوت آتي من المطبخ وكان شبه مغيب نتيجة للمسكرات التي تناولها بالملهى. ووجد رحمة واتجه إليها. أحسّت رحمة بوجود أحد والتفتت، كان متوجه إليها مرسومة على وجهه إبتسامة خبيثة وتعبيرات غير مطمئنة. شعرت رحمة بالخوف متنكرة بتعبير البرود، لكن مهما كان فهي انثى وتخاف خصوصا أنها في موقف لا تحسد عليه. وأثناء اقترابه منها وهي متجمدة مكانها تفكر في شيئاً ما، سمعت صوت جهوري وكان الجد الذي شاهد الموقف من الكاميرات الموضوعة بالقصر ولا أحد يعلم عنها شئ:
_ سيف!!!!!
التفت سيف سريعاً دون كلام. اقترب منه شاكر وفي هذه الأثناء ظهر ياسين، حيث أرسل له جده رسالة بضرورة النزول بالأسفل سريعاً. وشاهد هذا المشهد والذي كان كالآتي: شاكر ممسك بسيف ويحاول افقاته و على ملامح وجهه الغضب، سيف يتمتم بكلمات اغنية ما، أما رحمة فهي متسمّرة مكانها وكانت مثال حي لمقولة ' وكأن على رؤوسهم الطير'. أخذ ياسين سيف واوصله إلى غرفته سريعا والذي ما أن رأي الأخير السرير حتى ارتمى عليه وذهب في ثبات عميق. هبط ياسين مرة أخرى وجد شاكر واقف مع رحمة ويبث الطمأنينة اليها قائلا:
_خلاص ي بنتي. خلصتي إلى كنتي بتعمليه؟!
_ياسين: بتعملي ايه هنا ولوحدك في الوقت دا؟!
_رحمة : حضرتك انا كنت بظبط المطبخ عشان كان مبهدل اوي وكنت هاخلص وأدخل على الاوضة على طول ....
تذكر سريعا ياسين ما فعله ولم يبدي اي ردة فعل. كل هذا و شاكر يراقب كلاهما ثم قال:
_خلاص يا رحمة ماتفكريش في إللي حصل دا تاني. خلاص انتهى ولو خلصتي روحي على أوضتك. أومأت بنعم لهم وذهب كلاً منهم إلى غرفته. وظل تساؤل ياسين حول هذه الفتاة وحول معاملة الأسد الأكبر لهم لها. ولما وهو أيضا الأسد الأكبر الذي لا يتعامل سوا بجمود وعنفوان. لكن مع من تدعى رحمة شخصا آخر لما ؟!!!...
