بأحد الكافيهات تجلس ندى والدموع متلألأة بعيونها إلى أن جائت رحمة و لحظة سؤال رحمة بسبب الاتصال المقلق، شرعت بالبكاء:
_ رحمة محاولة تهدئتها: اهدي يا ندى وفهميني في ايه؟!
_ ندى ببكاء: حمزة ... حمزة يا رحمة... اهنّي و عاميلني وحش اوي ... انا ليا ابن عم أخويا في الرضاعة و علاقتنا حلوة اوي مع بعض و بنتعامل كا أخوات شققه و هو متجوز وعايش برة ولما بينزل مصر بيجي يقعد عندنا والمرة دي نزل من غير مراته، كان هو جايبلي هدية حلوة اوي فحضنته واحنا متعودين على كدا و نسيت خالص ان حمزة جاي ... جه حمزة لقاني بحضنه و هو باس راسي وبنضحك، لقيت وشه مقلوب و تعبيرات وشه تخوف... ابن عمي جاله تليفون مهم وملحقش يسلم على حمزة و قاله "هاتعرف عليك بعدين، اسف اوي"... بكلم حمزة افهم منه ماله، قالي كلام وحش اوي يا رحمة مس كرامتي و أخلاقي و نزاهتي و صدقي معاه معرفتش ارد أو اتكلم من الصدمة ... فكرت وقولت تلاقيه غار من علاقتي بابن عمى وأنه مايعرفش طبيعة علاقتي بيه. روحتله المستشفى ولسة بفتح الحوار، لقيته قالي كلام وحش ألعن من المرة اللي قابلها. رديت عليه شد معايا في الكلام اكتر وطردني واهني قدام اللي ف المستشفى ، قولتله انت اكيد اتجننت و مش طبيعي،قالي كلمة زيادة هامد ايدي عليكي وساعتها هاتعرفي فعلا اني مجنون ... مستحملتش الصدمة ... انا خوفت منه اوي يا رحمة. مش مصدقة اللي عمله واللي حصل ...كانت تستمع رحمة بصمت تام إلى أن انتهت، حتى قالت:
_ خلصتي اللي عندك يا ندى؟
_ ندى بتساؤل وببكاء: قصدك ايه؟!
_ رحمة بهدوء: قصدي لو طلعتي اللي عندك قومي اغسلي وشك وبعدين نكمل كلامنا ...
بعد دقائق عادت ندى من الحمام:
_ رحمة بابتسامة: ها أحسن شوية؟
اومأت ندى بنعم
_ رحمة بهدوء: اسمعي يا ستي... حمزة بعد اللي حكتيه دا سببه فعلا أنه غار من تعاملك مع ابن عمك... هو صحيح اللي عمله مش حلو ولا أخلاقي ، بس دا حاجة كويسة على الاقل إثبات لحبه . لكن الطريقة زفت... خدي مني ، طباع العيلة دي كدا يا ندى. العنف والقسوة و الغضب و حدة الطباع، بس صدقيني جواهم كويس هما بس محتاجين الثقة و الحب وهاتشوفي حمزة دا عامل ازاي و بعدين انتي وشطارتك معاه وذكائك. تعرفي تتعاملي معاه ازاي... وبعدين فترة الخطوبة و العلاقات عموما فيها خناقات وخصام وحاجات كدا الحياة مش ضحك على طول. ندى...عايزاكي تفهمي دا كويس،ثم أكملت بضحك للتخفيف عن ندى، أما أستاذ حمزة فدا محتاج دراسة ...
قاطعتها بتوتر :
_دا مالك جوزك هنا
_ طب وفيها ايه؟. انتي اتوترتي ليه كدا ؟ هو قالي أنه هايجي يخدني مش بيحسب الموضوع كبير كدا
_ أصل بصراحة على الرغم من كلهم ليهم هيبة و قوة والجدية في طلتهم لكن مالك ضيفي عليه الغموض و العنف وأنه قاسي كدا وحاد اكتر منهم...
_ رحمة بضحك: ماتقلقيش اوي كدا، بصي احنا نقوله وماتخفيش هايسعدنا
_بس
_مابسش يا ندى ... مالك بيعتبرك خلاص اخته و هايسعدك و ماتخفيش مع مالك بالذات سرك في اعمق بير..جلس مالك معهن و قصّت ندى ما حدث مرة أخرى. نصحها بألا تفعل اي شئ وألا تحاول محادثته وتنتظر . وأثناء مغادرته هو و رحمة :
_ مالك بهدوء: اظاهر ان العيلة دي كلها كدا
_رحمة بابتسامة هادئة: انت كان عندك شك؟
_ مالك بامتنان وحزن: دي طيبة اوي... اومال لو شافت اللي انتي شوفتيه معايا كان حصلها ايه
_رحمة مقاطعة: الحمد لله يا مالك والمهم احنا ايه دلوقتي... و بعدين حمزة هاتعمل معاه ايه؟...
_ لا ... دا سبيه شويه كدا لحد مايهدى ونشوف هايعمل ايه....
*********
بمكتب بشركة ياسين، أول يوم لشهد بالشركة فقد تم توظيفها لتعمل بقسم الحسابات. كانت تسمع باهتمام إلى تعليمات العمل وبدأت بالعمل إلى أن أتت ساعة الراحة:
_شهد متحدثة بالهاتف: أيوة يا ست مي. كل دي ميسد كول ؟!
_ مي : أيوة يا ستي عايزة اعرف اخبارك ف الشغل الجديد؟ والشركة عاملة ازاي ؟ انا بسمع عن شركات ظهران أنها من أفخم ما يكون.
_ شهد مبتسمة: ايوة يا ستي الشركة كبيرة اوي و فخمة اوي اوي ، و كنت متوترة اوي ف الأول لحد ماهديت الحمد لله بعدين واحدة واحدة ، والشغل هنا كأنك آلة
_ طبعا يا بنتي انتي بتشتغلي ف افخم وأهم وأشهر شركة سياحة فيكي يا شرق يا أوسط
_ ياه دانتي متابعة بقا
_ أيوة يا بنتي مانتي عارفة انى بحب أتابع أخبار أهم الشركات ... اه صحيح شوفتي الأسد ؟
_ أسد مين لا مؤاخذة؟!
_ يا بت ياسين ظهران، دا أسد من اسود ظهران ... بت انتي انتي هاتفضلي جاهلة وهبلة وفاقعة مررتي كدا ؟... انتي ماحولتيش تعرفى إلى ماسك الشركة اللي هاتشتغلي فيها؟
_يابت مانتي عارفة اني مش بركز في المهاترات دي انا أهم من كدا بكتير... واقفلي بقا عشان عايزة اخلص غدا و اشوف شغلي، انتي معطلاني عن وقتي الثمين...
*********
مضى بضعة أيام ولم يحدث جديد. حمزة لم يتحدث بأمر ندى ، ولكن كان يظهر عليه علمات الحزن والغضب غالب الوقت. ومالك ورحمة علاقتهم في تحسن ملحوظ بالإضافة إلى أن مالك قرر التقرب أكثر ما إخوته ، فهو أدرك أنه بعيد عنهم و قرر أن يصبحوا عائلة ، يتحدثون مع بعضهم و يبقون بجانب بعضهم البعض أكثر وأكثر لتكوين عائلة سوية . أما سيف و نسمة فلا تخلى العلاقة بينهم بين الشد والجذب اللطيف . و باقي الشباب كالعادة مشغولون بالعمل ...
********
بأحد الكافيهات تجلس شهد مع فتاة ذات شعر بني مائل للحمرة و عيون عسلية ممتزجة بالاخضر و بشرة خمرية اللون و ملامح جميلة ناعمة... أنها مي صديقة شهد الوحيدة والمقربة. فهن صديقات منذ الجامعة و تعيش مي مع اختها و زوجها متوسط الحال، وهي الأخرى تعمل بأحد شركات الاغذية :
_ شهد بضحك: اسكتي خلاص مش قادرة، يخربيتك دانتي المجانين بيجروا وراكي .
_ مي بضحك هي الأخرى : أيوة يا ستي، زي اللي فيا مغناطيس للمجانين و المختلين عقليا...قولي بقا اخبارك ف الشغل أيه؟واخبار أمك؟ بقالي كتير ماشوفتهاش
_ أيوة دي مستحلفالك، بتقول البت ما صدقت تشتغل وقالت عدولي
_ يااااه، كله إلا زعل زوزا. هاجيلكوا بكرة ان شاء الله اصالحها و يبقى توكلني
_ مصلحجية بس
_ طول عمري... ها الشغل أخباره ايه معاكى؟
_ ولا حاجة ، الموظفين هناك آلات متحركة للشغل بس و نفسنة بقا مقولكيش بينهم و بين بعض، واللي تقعد تحكي على ياسين وجماله والتانية على طبعه و البنات كلها بتحكي عنه
_ طبعا يا بنتي مانا قولتلك شباب ظهران دول كلهم قمرات، وكل البنات هاتموت وتتعرف عليهم واللي بيسمع عنهم بيكون عندهم فضول إلا انتي ... _ ياستي وأنا بعد ما اعرفه هايحصل ايه يعني ، انا كل اللي يهمني الشغل عشان المصاريف والمسئولية اللي ورايا... المهم هاقول لماما تحضر الأكل بكرة و انتي هاتيجي.
_ ماشي طبعا دي الزوزا يا بت العشق بتاعي ....
********
بالقصر كان الكل مجتمع ما بين الضحك و الحديث بروح العائلة، و رحمة و مالك يتابعون بصمت وقليل ما يشركون فهذا طبعهم لا يتحدثون كثيرا إلا مع بعضهم. كما أن مالك انتهز فرصة أنهم أصبحوا قريبين من بعضهم و يتحدثون فيما يخصهم و يساعدون بعضهم البعض و التخفيف عن بعضهم ، بالحديث عن أمر حمزة و ندى :
_مالك بهدوء الذي لاحظ شروده : حمزة!
_حمزة بتساؤل: أيوة يا مالك في ايه؟
_ مالك: انت مش متظبط بقالك كام يوم وباين عليك اوي... مالك وبصراحة ودوغري؟
_تنفس بعمق: بصراحة متضايق و زعلان اوي، و ودوغري... متخانق مع ندى
_ ندى طيبة و محترمة و رقيقة ... حصل إيه عشان دا كله؟
_ زين مؤكدا: أيوة يا حمزة ندى طيبة اوي دي حتى مش بتعرف تتصرف مع الناس ...
قصّ حمزة ما حدث :
_ بس يا سيدي، مرمت بكرامتها الأرض... غضبان اوي من اللي هي عملته و فنفس الوقت متضايق من نفسي
_ عمر بضحك : اظاهر اننا مش هانتغير من عصبيتنا و عنفنا دا
_ ياسين بهدوء: شكلها كدا
صمت مالك قليلا: ابن عمها دا طلع أخوها ف الرضاعة و بيتصرفوا مع بعض كا أخوات شققه وهو متجوز ، انا مقدر غيرتك بس ماتغلطش غلططي يا حمزة ... مش كل الناس ممكن تستحمل ، و بعدين ندى ،دي ماعندهاش خبرة في الحياة خالص واكيد انت عرفت دا....
_ عندك حق بصراحة ... بس انت عرفت منين موضوع ابن عمها دا؟!
_ شئ ما يخصكش ... المهم تحل الموضوع مع ندى و تتفقوا مع بعض و تتكلموا ف علاقتكوا سوا...
و فجأة لمح زين نسمة تأتي من البوابة من بعيد نسمة فجأة إلى القصر :
_ زين: مش دي نسمة خطيبتك يا سيف؟!
_ سيف بضيق و دهشة: ايه اللي جابها و من غير ما تقولي!
_عمر: انت متخانق معاها ؟!
_ سيف بضيق: ايوة متزفت
_حمزة بابتسامة: أهلا ... هو انت كمان؟!
_ زين بهدوء: واضح أنكو انتو الاتنين شايفين الويل بس سيف ما قولتش ليه ؟
_ مالك بهدوء: أيوة
رحمة : استنو بقا عشان دي قربت اهو _نسمة بعصبيه لسيف: انت مش بترد عليا ليه؟ و بتتجاهلني ليه؟... رد انا مش بكلمك؟
_ سيف ببرود مصتنع: أتكلّمي عدل، وازاي ماتسلميش الأول ع اللي قاعدين دول؟ شكلك عميتي...
_ نسمة : انا عامية؟!...
_ سيف مازال محتفظا ببروده: أيوة ... وكمان غبية و مابتفهميش وكمان عايزة تتعلمي ازاي تتكلمي بطريقة أحسن ، قال الاخيرة بصياح.
_ تجمعت الدموع بعيون نسمة : أنااا؟!
أمسك رسخها بقوة وقال: تعالي معايا بدل ماتهور عليكي
_ رحمة مسرعة : سيف أهدى شوية
_ سيف عاد إليها بهدوء: ماتقلقيش يا رحمة مش هاقتلها
_ ياسين : في ايه يا سيف اي الحوار؟
_ سيف و هو أخذها إلى السيارة : بعدين بعدين وذهب مسرعا
_ مالك بهدوء: طيب يلا يا رحمة نطلع ننام و بكرة نشوف حكايته دا هو كمان
_ عمر: مش تستنى تعرف ماله يا مالك؟ وبعدين هتنام دلوقتي ؟!
_مالك : مش دلوقتي يا عمر. هو هايرجع عايز يهدى شوية و بعدين هايكون مش عايز يتكلم على طول ،بكرة ان شاء الله يبقا نتكلم معاه. واه هنام دلوقت عشان الشغل النهاردة كان متعب اوي...
_ زين مؤيدا لمالك: مالك عنده حق سيبه النهاردة ... وأنا كمان أقوم اشتغل شوية وبعدين انام...
