لغة الصمت تحمل بين طياتها الكثير من المعاني، معناه الشائع هو أنه علامة الرضا ولكن في حالتها تلك هو علامة عدم الرضا
آثرت (نور) استخدامه لعدم رضاها عن تصرفات والدتها، استخدمته كنوع من الاحتجاج أو ربما لتلاشي شجار على وشك انفجار، تصر والدتها على افتعاله
زيارة مفاجئة لم تضع مضمونها بالحسبان كما أن الموضوع الذى طُرق خلالها أثار حنقها، أوصلها لأعلى مراحل الغضب وهي غير نادمة على تصرفها معه بالمرة، بعد رحيله اتخذت من غرفتها متنفسًا عن ضيقها، ادعت رغبتها في النوم ولكنها في الحقيقة هربت من والدتها وحديثها الذي سينتهي بشجار بلا مبالغة
وفي الصباح التالي أصرت والدتها على استكمال الحديث بل والأدهى أنها تعاتبها: ينفع اللى عملتيه امبارح دا، انتى شبه طردتيه
حاولت (نور) تصنع البرود بلهجتها: يستاهل عشان هو معندوش دم أصلا
اعترضت والدتها على حديثها: ليه هو واحد جاي يتكلم بالأصول، وحقه، واحد عايز يحافظ على أرملة أخوه وبنتها
لم تعد تتحمل (نور)، حاولت بقدر الامكان ألا تثور ولكن حديث والدتها يدفعها إلى الجنون، فجَّرت بركان الغضب بداخلها: انتو عالم طبيعية، بتفكري إزاي انتي وهو، دا مفاتش شهر على موت أدم ودا جاي يقولي جواز، ومين قال إني بفكر في جواز منه أو من غيره
فقدت السيطرة على نفسها وكلما تحدثت كلما ازداد غضبها: واحد متجوز، ليه يفكر يكسر مراته و يتجوز عليها، حجة مرات أخويا وبنته واحافظ عليهم دي موضة وخلصت
لم يبدو على والدتها التأثر بغضبها، بل كانت تفتعل اللامبالاة في ردودها: حقه يتجوز، واحد اتحرم من الخلفة و جاتله فرصة يربي بنت اخوه
قاطعتها (نور) صارخة: ومراته ذنبها إيه، ذنبها إنها أصيلة واستحملت إن المشكلة فيه هو، ودلوقتي يدوس عليها
ازدادت نبرة البرود بحديث والدتها: وافقي انتي بس وملكيش دعوة بمراته هو هيتصرف معاها
صرخت (نور) بها قائلة: انتي بتعملي معايا كده ليه! انتي بتبيعي وتشتري فيا، جوزك يموت اتجوزي أخوه، هو أنا إنسان آلي ولا الموت مالوش حُرمة
لاحظت والدتها أن اللين والبرود في الحديث لم يأت بالثمار المطلوبة، فسلكت مسلك الصراخ والصوت العالي: ماهو إسمعي بقى لما أقولك، أنا معنديش إستعداد اسيبك تنزلي تشتغلي وكل الناس تجيب في سيرتك، ولا في يوم ألاقى واحد جاي عايز يتجوزك وانتي توافقي وتسيبي واحد غريب يربي بنتك، مهو مش معقول هتقعدي طول عمرك من غير جواز، فاسمعي أخر كلام عندي، مفيش شغل ومفيش جواز ولو فكرتي في جواز يبقى بنتك عمها اولى بها يربيها
صُدمت (نور) من حديث والدتها، فهي هكذا تحكم عليها أن تُدفن حية، موضوع الزواج لا يشغل بالها، فهي تُكِن (لأدم) كل الحب والاحترام حتى بعد وفاته، ولكن أن يقف أحد في طريق عملها ومستقبلها هذا هو ما لن تسمح به، حاولت أن يبدو صوتها ثابت قدر الإمكان: وأنا آخر كلام عندي يا ماما اني هنزل أشتغل وأظن أنا بقيت كبيرة كفاية إني أقدر أقرر حياتي تمشي إزاى، أنا مش محتاجة حد يكون رقيب عليا، فيؤسفني أقولك إن لو حضرتك هتعترضي على نظام حياتي يبقى ترجعي بيتك تقعدي مع بابا أفضل، عن اذنك.
أنت تقرأ
نون حائرة للكاتبه سمر شكري
Romanceأُغمض عيني... أغوص بالأعماق... أهرب من واقعي... هنا أشعر بالسلام.. بالطمأنينة.. بعيدًا عن البشر.. هنا أجد راحتي.. أبحث عن ذاتي.. أحتاج ليد العون، فأجدها تمتد تجاهي.. تنتشلني من أوجاعي.. تحيطني بأمانها.. تُخبرني ألا أسمح لشعور الخوف بالسيطرة أشعر بال...