الفصل السادس عشر

2.7K 127 1
                                    

اشتياقك لشخص فقدته ولن تراه ثانيةً هو أصعب شعور قد يمر به الانسان، ما يُلهمك الصبر هو أن يكون معك قطعة منه، بل نسخة مصغرة، (همس) التي أتمت عامها الثاني منذ شهر، و بتاريخه قد أتمت (نور) شهور عدتها، هي من تُذكر (نور) دائمًا بزوجها الراحل، فهي تشبهه بالملامح، و ببعض الطباع، فتأخذ طريقته بالنوم... أصناف الطعام التي يحبها... طريقته بتناول الطعام.... حبه لأنواع العصائر

داهمتها ذكرياتهما معًا، ذكرى أولى حين عرض عليها مساعدتها بالمطبخ بأول أسبوع من زواجهما، و كانت النتيجة أن تحول المطبخ لساحة معركة، يتناثر الطعام هنا و هناك، فالاتفاق كان إعداد قالب من الكيك، و النتيجة الفوضى تعم المكان، الدقيق يتناثر على ملابسها و وجهها، و من ناحيتها كان العقاب، فعليه تنظيف ما تسبب به من فوضى

الذكرى الثانية يوم عيد مولدها، حين عادت من منزل والديها لتجد الزينة و البالونات تملأ منزلها، إسمها يزين جدران المنزل، مكتوب بورق (الفوم)، و البالونات عليها عبارات الحب و الغزل، و قالب الكعك يتوسط المنضدة، يحمل صورتها، و شمعة تعبر عن عدد سنوات عمرها

ترقرقت عينيها بالدموع حين داهمتها الذكرى الثالثة، يوم أن علمت بحملها، قررت أن تُعلمه بالخبر بطريقة رومانسية ولكن لغبائها نسيت إخفاء الاختبار و تركته على حوض الحمام، ضربت جبهتها حين استمعت لصيحاته، خروجه من الحمام ركضًا، يحملها و يدور بها، ثم ينزلها أرضًا، يعتذر عن تصرفه الذي قد يضر بجنينه في أحشاءها

و الذكرى الأخيرة يوم ولادة طفلتهما، حين أصرت على تواجده معها بغرفة العمليات، بالرغم من خوفه و رهبته من الموقف إلا أنه وافقها، و النتيجة كما يقولون " أغمى عليه" فلم يتحمل الموقف، طلبت مساندته و أصبح هو من يحتاج المساندة

مسحت دموعها و أكملت ارتداء ملابسها، فاليوم لديها مقابلة عمل، بعد أن أتمت ما أرادت تعلمه عبر الإنترنت، بدأت تبحث عن شركات ممن لا يشترطون خبرة موظفيهم لتجد مبتغاها في شركة قد تأسست منذ شهر، لا يشترطون الخبرة، ولكن هم يريدون إثبات الكفاءة

حملت طفلتها و خرجت من غرفتها لتجد والدتها جالسة بغرفة المعيشة تشاهد التلفاز، وما إن رأتها مستعدة للخروج حتى أطفأت التلفاز و أولتها اهتمامها، اتسعت عينيها و سألتها: على فين عالصبح كده؟

أجابت (نور) بثبات: عندي انترفيو

صاحت بها والدتها: بردو هتنفذي اللي في دماغك، وأنا قلت انتي عقلتي و شيلتي الموضوع من دماغك

أجابتها (نور) محاولة الحفاظ على ثباتها: لا يا ماما الفكرة في دماغي و كنت بدور على مكان مناسب والحمد لله لقيته، لو سمحتي تاخدي بالك من همس لحد ما ارجع و مش هتأخر إن شاء الله

عقدت والدتها ساعديها أمام صدرها، اعتقدت أنها الآن لديها ما يثني ابنتها عن قرارها: لا، أنا مش هقدر لها، هي متعلقة بيكي، شوفي بقى هتتصرفي ازاي

نون حائرة للكاتبه سمر شكريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن