القدر احيانا كعاصفة رملية صغيرة لا تنفك تغير اتجاهها..وانت تغير اتجاهاتك لكنها تراوغك
(كافكا)
وكان قدرها أن يكون اليوم مأتمها، تجلس والدتها تبكي وتنوح بين النساء، تنعي فتاتها التي توفت في ريعان شبابها، رحلت عن العالم تاركة طفلين في عمر الزهور، طفلين لا يفقهان شيئًا ولا يتردد على ألسنتهم سوى جملة واحدة " بابا عور ماما دم"
ولا أحد يعلم القصة كاملة، فكل ما سمعه جيرانهم هو صوت شجارهم ثم السقوط وصوت الزجاج المُحطم
بدأت القصة حين وجدت (سلمى) الورقة مطوية بمحفظته، مؤرخة بتاريخ الأمس، ثارت وهاجت، فبعد أن تحملت الحياة معه، تحملت عصبيته ومسئولية المنزل فوق أكتافها، تحاول أن تتلاشى المشاكل وترضى بحياتها، فكان جزاؤها أن أصبح لها ضرة، زوجة ثانية بعقد عرفي
واجهته.. صرخت بما يعتمل به صدرها: بقى دا جزاتى، تتجوز عليا يا شريف، أنا قيدالك صوابعى العشرة شمع ودي أخرتها، مستحملة معاملتك وبقول فوتي عشان الولاد يكون دا ردك للمعاملة، إنت أصلا واطي وأنا لازم أخد حقي منك
قالت كلماتها بصراخ و توجهت إلى غرفتها تريد إعداد حقائبها لترحل إلى منزل والديها، ولكنها لم تكد تتحرك خطوة واحدة حتى جذبها من شعرها عنوة، كز على أسنانه مهددًا إياها: انتي بتعلي صوتك عليا، ايوه اتجوزت عليكي، كل شويه نكد و خناق، زهقت منك
قال جملته دافعًا إياها تجاه الحائط، تحركت بتيه فى أنحاء غرفة الجلوس، خرجت كلماتها شاردة: زهقت مني، أنا اللى استاهل اني دوست على كرامتي، هنتني كتير و دوست على كرامتي واستحملت، أنا هوريك يا شريف، والله لاخد الولاد وامشي واخليك تحفي ورانا
كانت تواجهه، تقف أمامه وجهًا لوجه، دفعها في كتفيها، صارخا بها: اتكلمي على أدك........
لم يكمل الجملة ولم يحسب حساب دفعته، لم ينتبه للطاولة الزجاجية خلفها والتي سقطت عليها لتخترق شظايا الزجاج المُحطم جسدها، و أُختتم المشهد بصرخاتها
انتبه حينها لصرخات طفليه، فلقد كان ماحدث على مرأى ومسمع منهما، تناسى وجودهما بالمنزل، والآن فقط انتبه لهما
طفلين لم يتعدى عمر أكبرهما ست سنوات، كانا شاهدين على قتل والدهم لوالدتهم، تحركت عينيه بتيه، ينظر تارة إلى طفليه وتارة أخرى لجسد زوجته المسجي أرضًا غارقة بدمائها ومن الصدمة لم يحاول انقاذها
أفاق من شروده على صوت طرقات الباب ثم تحطيم أحد الجيران له، حاول الهرب لكنهم أوقفوه، واستنتاجهم للمشهد هو أنه قتل زوجته وبشهادة طفليه
"زوج يقتل زوجته على مرأى ومسمع من طفليه" هذا هو ما علماه والديها ولكن التفاصيل لديه وحده ويرفض البوح بها، لا ينطق سوى بأنه لم يقصد
أنت تقرأ
نون حائرة للكاتبه سمر شكري
Romanceأُغمض عيني... أغوص بالأعماق... أهرب من واقعي... هنا أشعر بالسلام.. بالطمأنينة.. بعيدًا عن البشر.. هنا أجد راحتي.. أبحث عن ذاتي.. أحتاج ليد العون، فأجدها تمتد تجاهي.. تنتشلني من أوجاعي.. تحيطني بأمانها.. تُخبرني ألا أسمح لشعور الخوف بالسيطرة أشعر بال...