الفصل الرابع

3.5K 135 2
                                    

وقف (حازم) أسفل منزل (نسمة) لليوم الخامس على التوالي، تقوده قدماه يوميًا إليها لزيارتها لكنه يتراجع فى اللحظة الاخيرة، تصادف وجوده خارج المشفى فى اليوم التالي للحادث ليراها تخرج مستندة إلى صديقتها ووالدتها، ووالدها ينتظرهم بالسيارة، يحمد الله على تواجده بذلك الوقت، فور انطلاقهم تتبعهم بسيارته ليعرف عنوان منزلها، شيء ما يجذبه إليها، يعلم أنه ليس شعور الشفقة، ويأبى الاعتراف بما يصرح به قلبه، أتخذ قراره اليوم، ترجل من سيارته حاملًا باقة من الزهور وتوجه إلى حارس البناية يسأله عن الدور الذى تقطن به

*****

مر ما يقارب الأسبوع ولم يتغير شئ بحالة (نسمة)، صامتة لا تتحدث مع أحد، تستيقظ فزعة من نومها تراودها الكوابيس وتؤرق مضجعها، كانت تخشى النوم لكي لا تراهم، مجموعة ذئاب يحيطون بها يريدون التهامها ليأتي هو من الظلام ليبعدهم عنها أو ربما ليقودهم.. لا تعلم، لا تتبين ملامحه.. أهو ليث شجاع أم ذئب مخادع؟ كل ما تدركه هو أن عليها الهروب، و أولى خطوات هروبها هى إصرارها على الخروج من المشفى فى اليوم التالى، كانت تخشى نظرات زملاءها والممرضات إليها، تلمح شعور الشفقة والعطف فى أعين البعض ونظرات شامتة في أعين البعض الآخر، رفضت التحدث إلى الطبيب النفسي، كما رفضت عمل محضر رسمي بالحادث لمعرفتها التامة بطريقة تفكير المجتمع العقيمة، رفضت التعامل مع جنس الرجال، حتى والدها تتعمد تجنبه، فقدت الثقة بكل من حولها، حتى أنها فقدت الثقة بنفسها، لو لم يكن الله حرَّم الانتحار، لكانت الفكرة التى تراودها قيد التنفيذ، فما كان بيدها سوى الدعاء إلى الله ليأخذ روحها ويريحها من عذابها

********

جلس (منصور) شاردًا بحال ابنته وما وصلت إليه، يلوم نفسه على عدم حمايتها ولكنه يعلم أن الأمر ليس بيده، يرى بعينيها نظرة مبهمة إليه لا يعلم أهي تلومه على عدم حفاظه عليها أم تتهمه بأنه من جنس الرجال أم تتوسله أن يضمها بأحضانه لتخرج شحناتها السلبية، أتت إليه زوجته، جلست بجواره واطلقت تنهيدة حزينة: بردو مرضيتش تاكل ولا عايزة تتكلم، هنعمل إيه يا منصور؟ هنسيب البنت تضيع مننا؟

نظر إليها بأعين دامعة وصوت خرج متحشرجا: ما هي ضاعت، وأنا أبوها سندها فى الحياة مقدرتش احميها يا شمس

ربتت على كتفه محاولة مواساته: دا قدر ومكتوب، واللى حصل حصل بس لازم نساعدها تنساه وترجع تقف تاني على رجلها، إوعى تحسسها إن اللى حصل دا ذنبها، لازم نبقى اقويا قدامها عشان نعرف نقويها

نظر إليها متعجبًا من صلابتها: انتى كده إزاى؟ انتى معانا قوية وعايزانا ننسى، ولما تكونى لوحدك بسمعك بتعيطى وتدعى ربنا يكملها معاها بالستر

اجهشت بالبكاء: عشان بنتك لازم تقوى مش لازم تتكسر، وعشان دا يحصل لازم تشوف دا فى عينينا، لازم تتأكد إنها هتفضل دكتورة نسمة اللى كلنا هنفضل فخورين بها، لازم تتأكد اننا جنبها ومش هنتخلى عنها زى ايمن ما عمل، إحنا لازم نكون مصدر قوتها

نون حائرة للكاتبه سمر شكريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن