مُـصالحَـة

13.9K 1.4K 396
                                    

حينما شفيتي وتم إخراجكِ من المشفى، لم يقبل والديكِ أن تعودي إلى منزلنا أو حتى تطئمن عيني برؤياكِ.

رغم محاولتي الملحَّةِ لطلب السماح من والديكِ غير أنهما لم يقبلا.

والداي سمعا أيضاً بالأمر وأتيا إلى المشفى.

والدي لم يكن غضبه يقل عن والدكِ قيد أنملة، حتى أنهُ رفض أن يحاكيني وخاصمني.

بينما والدتي أخذت تواسيني وتضمني إلى صدرها الحنون، حاولتُ قدر المستطاع صمَّ أذني عن أحاديثها التي تثير غضبي ككون لي الحق بضربكِ كوني زوجك، وقد نجحت.

والديكِ أخذاكِ إلى منزلكم دون أن أقابلكِ ولو لمرة واحدة.

طوال الأسبوعين كنتُ هناك، وكنتُ طوالهما أتي كل يوم طالبًا الصفح.

لم أعد أذهبُ إلى العمل

لم أعد أستطيعُ النوم

لم أعد أستطيعُ الأكل

لم أعد أستطيع فعل أيِّ شيء دون التفكير بكِ.

بتُّ قاتل إبني الذي إنتظرتهُ منذُ سنين، فكيف للراحةِ أن تأتيني.

عذابُ الضمير قتلنِي وخوفي من خسارتكِ الأبدية قاتلي.

ليتَ لي القدرةُ على العودة إلى ذاك اليوم، لقمتُ بقطع تلك اليدِ التي مددتُها بسوء عليكِ بدم بارد.

هذا اليومُ الخامسُ عشر لرحيلكِ وإستقراركِ في منزل والديكِ، وهذا اليومُ الخامسَ عشر لذهابي إلى هناك واليأس ينمو بداخلِي كما هو الخوفُ لغفرانكِ لي.

قليلٌ من الأمل إجتاحني حينمَا وأخيرًا فتحَ البابُ لي سامحين لي بالدلوف، وبكل سعادة يتخلَلُها التوتر فعلت.

بلهفة أوَّلُ ما فعلتهُ حينما دلفتُ هو البحثُ بعيوني عليكِ.

وليتَ لي القدرةَ على وصفِ سعادتِي حينما حطَّت عيناي عليكِ وأنتِ جالست على الكنبةِ بهدوء.

كنت سأتوجه إليكِ مهرولاً غير أنَّ يدَ والدتكِ التي حطَّت على كتفي كانت قد منعتي.

إستدرتُ لها بحيرةٍ بينما هي إقتربت نحوي، وبأعين تملؤها الدموع نطقت

« إياكَ أن تخبرها بشأن جنينها ورحمها!، حالتها النفسيةُ لا تسمح لها بأن تعرف. »

بإرتباكٍ وندم قد شرخَ قلبي أومئت.

بخطواتٍ كانت مهرولة باتت مترددة، تقدمتُ نحوكِ.

كنتِ تجلسين على الأريكةِ بشعرٍ مفرود قد منعَ عنِي رؤية بعضٍ من وجهكِ، عيناكِ بدت تائهة..

مررتُ عينايَ على جسدكِ لأجدَ بعضًا من الندوب التي صنعتُها لازالت موجودة عليهِ.

أشحتُ عيني بسرعة فلا مقدرةَ لي على مواصلت الرؤيةِ، ولكن الشخرةُ الساخرة التي خرجت من ثغركِ فاجئتنِي

« هل باتَ منظري يثيرُ إشمئزازكَ حدَّ جعلِكَ تشيح بعينكَ عنِي. »

إضطربتُ لكلماتكَ وأخذتُ بسرعة أنفي.

« بل الذنب هو ما جعلني أفعل!، أنا أسف لما صنعتهُ يداي بكِ، غضبي وغيرتي كانو قد أعمو بصيرتي، لا أحاول التبرير فلا مبرر لما فعلته بل أحاولُ إيصال كمِّية الذنبِ والندم الذي أشعرُ بهِ عساكِ تغفرين لي خطيئتي. »

أشحتِ بنظرك عني وفضلتي الصمت لأكمل.

« أقسم لكِ أن لا توضع يدي عليكِ بموضع سوء ثانية، بل وأكسرها إن فكرت بالفعل!، أستطيع توقيع إلتزام إذ ما وددتِ وتستطعين زجِّي بالسجن إذ ما أردتي، ولكن أتوسلكِ أن لا تهجريني وعودي لي وسأضعكِ في عيوني. »

لمحتكِ تنظرين بطرفِ عينيكِ إلى والدتكِ كأنكِ تستشرينها، كما لمحتُ والدتكِ تشير لكِ أن الخيار خياركِ.

تنهيدةٌ خرجت من ثغركِ والتوترُ لازمني، ببرودٍ لم أعتدهُ منكِ أجبتني.

« سأفعل، سأعودُ للبيت.
ولكن أقسمُ إن رفعت يدكَ في هواءِ حتَّى نحوي فسيكون مطلقةً إسمِي و مسجونًا إسمكَ. »

لم أستطع منعَ القهقهاتِ من الخروج من ثغري، وعدم التوجهِ نحوكِ و ضمكِ إلى صدري الذي إشتاق حضنكِ.

« سأفعل أعدكِ سأفعل! »

ولكني لم أكن أعلم..

أني سأكونُ ناكثَ الوعود..

أني سأكونُ ناكثَ الوعود

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
Forgive me : أُغفريِ لي || JKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن