عمر

73 2 12
                                    

الفصل الثامن
****************************************
(عمر)
*******

مر يومان منذ تقابلت مع رحمة ولم أذق فيهما طعم النوم ثم قررت أن أجرب  معها طريقة آخرى لعلها تحن إلىَّ وتستجيب.
اتخذت قرار الخطبة وأنا غير مقتنع به لكن قد مر أربعة سنوات منذ طلاقى لها كنت مترددا جدا طوال تلك السنوات فى اتخاذ قرار كهذا فالخوف سيطر علىَّ كلمات رحمة بعد خروجنا من مكتب المأذون  لازال  صداها يتردد في أذنى حين التفتت لى وقالت
(سيقتص الله لى منك يا عمر ستتجرع نفس الكأس الذى سقيتنى إياه)
لا أكذب إن قلت إن هذا أكبر سبب فى عدم اقدامى على تلك الخطوة أخاف أن يردها الله لى بالرغم من أننى كنت أريد الزواج بسرعة لكى أنتقم لكبريائى فقد تركتنى رحمة ورحلت فى طريقها دون أن تهتم أعلم أنها محقة لكن كان ينبغى عليها منحى فرصة أخيرة إلا أنها رفضت
بعد بحث مضن من عماتى تم اختيار علا عروس لى كانت مواصفاتها أكثر من ممتازة بالنسبة لي سألت عن عائلتها جيدا وقررت أخيرا الزواج إلا إننى شعرت بالندم بعد الخطبة ذنب رحمة فى عنقى يلازمنى ضميرى يؤنبنى على دناءتى معها لو كانت سامحتنى فقط ربما كنت سأستريح .
أنا حقا أحببتها لكن للأسف لم أخلص لها أبدا

ذهبت إلى شقة رحمة حاولت وللمرة الأخيرة أن أثنيها عن قرارها بالاستمرار فى الإنفصال فأنا نادم وبشدة على ما اقترفته من ذنب فى حقها ولكنها لا تعطينى أى فرصة هى بالفعل محقة أعلم جيدا أنى شطرت قلبها إلى نصفين وكما قالت لى سابقا ربما لو أتيحت لى الفرصة سأفعلها ثانية لا أعلم كيف أحبها وكيف أفعل فيها ذلك الأمر .أنا بالفعل ذلك الحيوان الذى تراه رحمة أنا عبد لشهواتى أقسم فى كل مرة أنها ستكون الأخيرة بحق نفسى وبحق زوجتى إلا إننى سرعان ما أحنث بقسمى وأتعرف إلى إحداهن  كان  للحرام لذة  أحبها بالرغم من الألم والوجع الذى  يبقى فى قلبى بعد انتهائها .

طرقت باب شقة رحمة ففتح لى مروان الباب ووقف مندهشا وقال أبى
قلت :نعم يا بنى
ثم قال فى خوف :ما الذى أتى بك إلى هنا؟ ستغضب والدتى لأننى قمت بفتح الباب
أوجعنى ما سمعته من ابنى ظننته سيفرح برؤيتى إلا إنه صدمنى بتلك الجملة دخلت بضع خطوات للأمام وظل الباب مفتوحا وسمعت صوت رحمة يأتى من الداخل وهى تسأل مروان من بالباب مشيت ناحيتها وقلت أنا عمر .
كانت تقف على باب المطبخ ترتدى ملابس البيت وتربط شعرها بتلك الطريقة التى كنت أحبها دوما رؤيتى لها بتلك الحالة جعلتنى أشعر بافتقادى لكل تلك التفاصيل التى عشتها معها جعلتنى أحزن لكل السنوات التى مرت بدونها وبدون أولادى  لا توجد امرأة في الدنيا تضاهى جمال رحمة فى عينى بالرغم أنها دوما كانت ترى نفسها ليست جميلة وأنها عادية جدا فإن كانت هى عادية فمن هو المميز؟!

انتفضت رحمة وصرخت فى وجهى وهرولت نحو غرفة نومها فتبعها مروان وهو يبكى متأسفا لها ومتوسلا ألا تغضب منه لم أتمالك نفسى وقمت بالذهاب خلفها حاولت غلق باب حجرتها فى وجهى لكنها لم تستطع كنت أقوى منها قمت بإخراج ابنى وقلت لها أريد محادثتك و لن أطيل
قامت بفتح باب خزانة الملابس وارتداء شيئا ساترا وهى تختبئ بجسدها النحيل خلف باب الخزانة وأخبرتنى أنى غريب وأنه ينبغى لى أن أرحل لأن هذا لا يصح فقلت لها أصبحت أنا الآن غريبا يا رحمة ثم تقدمت للأمام ناحيتها فتراجعت هى للخلف وقامت بطردى لم اكترث لصراخها وأمسكتها من ذراعها وهى تهم بوضع حجابها على رأسهاوقلت لماذا تقاومين احساسك أعلم أنى مازلت بقلبك ومددت يدى نحو جيدها وقلت لها وهذا هو الدليل أليست تلك هى القلادة التى أهديتك إياها من قبل لو كنت كرهتينى لم ستحتفظين بهديتى فقامت بشدها من جيدها وألقت بها على الأرض ولفت غطاء رأسها وتقدمت ناحية الباب وقالت سأحاسبك على دخول بيتى بهذا الشكل قلت لها فمك يتفوه بكلمات لا يقصدها قلبك ليتنى أعرف كيف تبدين بتلك الصلابة أمامى وأنا أعرفك أكثر مما أعرف نفسى.
سالت الدموع من عينيها وهى تقول جيد أنك تعرف كم هو صعب أن يقاوم الإنسان إحساسه وأن يدفن حلمه بيديه ويمضى باقى عمره بين الوحدة والعذاب قلت لها ننبش ونخرج الحلم.
‏ قالت:
‏ كل شيء معك صار مشوها لن أسامحك ما حييت يا عمر لا تقترب منى ثانية كفاك ما فعلته بقلبى وكفى كل تلك الندبات التى خلفتها فى روحى أنت اخترت طريقك واخبرتك من قبل أن طريقى وطريقك لا يلتقيان أبدا
‏ قلت لها والدمع يملأ عينى رحمة حبيبتى
‏قالت حتى اسمى صار محرما عليك التفوه به أمامى لم أعد ملكك ارحل يا عمر قلت لها دفعت ثمن ما فعلت بك حرمت من أن يتربى اولادى فى كنفى وأشاهدهم يكبرون أمامى سامحينى

‏ فقالت ولكن الثمن الذى دفعته أنا  كان غاليا جدا إنه عمرى يا عمر وليتك تفهم معنى أن تدفع امرأة عمرها ثمنا لحماقات رجل!!
‏بكيت أمام رحمة وقلت أفتقد أيامى معك يا رحمة ارحمى قلبى وعودى إلئ
‏قالت ولما لم ترحم أنت قلبى وكرامتى حين أتيتك باكية ؟
قلت: ‏تأسفت منك كثيرا يارحمة شجعونى لأفعل بك هذا كنت أظن أنك ستخافى كثيرا ولن تتركينى لكنى أحبكِ ولن تحبنى امرأة مثلك أبدا غلبنى شيطانى كثيرا وبعدكِ ضِعتُ أكثر ساعدينى يا رحمة الحل عندكِ
‏نظرت إلىَّ فى حزن وقالت الحل ليس في يدى يا عمر غيِّر نفسك وعد إلى الله وحده من سيقبلك بكل ذنوبك وعيوبك إن تُبْتَ إليه حقا!!
‏أما أنا فسأظل أدعوه أن يعيد حقى ويقتص لى منكم ربما سيسامحك الله لكن تذكر دائما أن لنا يوم القيامة عنده لقاء
‏قلت والألم يعتصر قلبى :
‏ألهذا الحد تكرهينى يا رحمة؟؟
‏قالت بل قل إلى هذا الحد كنت تحبينى فأنت كنت عالمى يا عمر ولم أكن لأقوى على التحرر منك إلا عندما حررتنى أنت بفعلتك حينها فقط تعلمت أن اخطو على قلبى وأرحل .
‏قلت صدقينى سأعوضك عن كل هذا دعينا نفتح صفحة جديدة
‏ردت بأسى وقالت كتابنا انتهت صفحاته يا عمر يوم خنت ثقتى وأهنت كرامتى كنت أصونك على الدوام ولم أخن الله فيك أبدا يا عمر ما كنت لأفعلها حتى لو كنت شوكا بين يدى
  واردفت قائلة لا سامحك الله أبدا على الكسر الذى خلفته فى روحى ولن يهدأ قلبى إلا حين يقتص الله لى منك
  ‏فلتحمد الله أنى لم أجعل أولادك يكرهونك بعد كل ما فعلته بى أنت سيء جدا يا عمر وتعرف ذلك جيدا أنت لم تتعود أن يقاومك أحد إلى هذا الحد لهذا تريد أن أسامحك لكنك حقا لا تستحق لو كنت إنسانا ما كنت ستستخدم الأولاد في محاربتى وكنت ستباشر واجبك نحوهم كما أمرك ربك ارحل يا عمر ولا تعد ثانية ...
  ‏
‏ ‏خرجت من عندها وأنا أجر أذيال الفشل والخيبة كنت أعتقد أن السنوات الأربع التى مرت قد أنستها دناءتى وما قمت به من أجل إنقاذ نفسى وسمعتى لكن للأسف كانت تزيدها إصرارا على تخطى ذكرياتي كلها والمضى قدما في حياتها لم يعد أمامى سوى علا فقد قمت بعمل ما أستطيع لكى أثنيها عن الاستمرار في الانفصال،ولكنها رفضت وبشدة.

ذهبت يوم الجمعة فى ميعاد الرؤية ولم تأت يبدو أنها قررت معاقبتى على ذهابى لبيتها كنت غاضبا وبشدة وهذا الأمر أغضب علا بطريقة هيستيرية أعتقد أنها كانت تفهم جيدا أن رحمة تحتل قلبى وتفكيرى فالرجل لاينسى أبدا امرأة قاومته ووقفت بكل شموخ وطردته من حياتها مثلما فعلت رحمة بى كنت أتوقع دوما أنها ستعرف أننى لست وفيا لها لكن لم يطرأ على بالى يوما أنها ستتمكن من الرحيل عنى كنت أعلم أننى أجرى فى عروقها ففى الوقت الذى كنت أدمن فيه النساء كانت رحمة تدمننى ولا تستطيع الابتعاد عنى.

يوم اغتالوا قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن