رحمة

70 2 13
                                    


الفصل الحادي عشر
*********************
(رحمة)

رتبت وصديقاتى رحلة إلى المصيف وجدت أنه سيكون من الممتع لو قمنا بها أنا والأولاد وتكون فرصة للاستجمام وأرتاح نفسيا أنا وأولادى حين أخبرتهم فرحوا جدا بهذا  الأمر تم الترتيب لكل شيء حضرت سهام مع زوجها كما أن نورة كانت قد نزلت للإجازة وقررت الانضمام إلينا مع زوجها ثم فوجئنا بأخيها حسام ينضم إلينا فرح أولادى بتلك الرحلة كثيرا لازمنى معاذ معظم الوقت أما مازن ومروان فكانا منسجمين مع البقية كنا نتجمع أسرتى وأسرة نورة وسهام وزوجها أوقات الأكل ونسهر فى المساء قليلا مع بعضنا البعض كنا في اليوم الثالث للرحلة حين انتابنى ألما شديدا جعلنى لا أستطيع الوقوف على قدمى كنت أصرخ من الوجع ليلا ارتفعت حرارة جسدى بشكل مفاجئ شعر بى مازن واستيقظ من نومه
كنت أدور حول نفسى من الألم لم أستطع المقاومة فهاتفت سهام لأخبرها
‏كان زوجها قد رحل لارتباطه بمواعيد عيادته جاءت مسرعة لغرفتى وهاتفت زوجها تخبره بالأعراض فقال عليها الذهاب للمشفى فورا غالبا تلك أعراض الزائدة توترت سهام جدا لم أكن أريد أن يشعر معاذ بشيء فهو يتعب بسرعة هاتفت سهام نورة وأخبرتها أنها ستحضر لها الأولاد حتى تذهب هى معى إلى المشفى فاقترحت نورة أن تبقى سهام مع الأولاد لأنهم غير معتادين عليها وستذهب هى معى وتترك اولادها بالغرفة مع أبيهم باركتُ هذا الاقتراح لأن معاذ مرتبط بسهام أما نورة فلم يكن يعرفها من قبل وبعد وقت قصير كانت نورة مع أخيها حسام أمام غرفتى هبطت للأسفل معهم وأنا أتلوى من الوجع وأستند على نورة أمام باب الفندق كان حسام يبدو عليه القلق الشديد اتصل بالاسعاف لكنها تأخرت في الوصول
‏قلت لو تستطيعى القيادة يا نورة قودى سيارتى قالت لا أعرف القيادة قلت إما ننتظر الإسعاف أو تأتى سهام واصعدى أنت للأولاد فبادرنى حسام  مسرعا وقال لا وقت لانتظار الإسعاف أو نزول سهام أين مفاتيح سيارتك نظرت نورة بدهشة وقالت حسام
فبادرها وقال لا تخافى يا نورة أعلم ماذا أفعل لا وقت للانتظار كانت مفاتيح سيارتى بالحقيبة دخلت مع نورة وأنا أصرخ كان الوجع لا يحتمل وقاد بنا حسام السيارة كانت نورة خائفة للغاية وهى تقول على مهل يا حسام بدا وكأنه يسابق الزمن أوصلنى للمشفى بسرعة وبالفعل كانت زائدة وتم دخولى لحجرة العمليات وإزالتها وكان الفضل لحسام فى انقاذى
فى الصباح كنت قد خرجت من حجرة العمليات وأثر التخدير قد زال من جسدى كنت أود الاطمئنان على اولادى بأى شكل
كانت نورة تجلس بجانبى تمسك بيدى وتحمد الله على أنى بخير ثم حاولت التخفيف عنى ومالت علىَّ وقالت حدثت معجزة بالأمس قاد حسام السيارة يا رحمة حاولنا كثيرا جعله يفعلها ثانية إلا أننا لم نستطع لو أعلم أن رهبته من قيادتها ستختفى على يديك كنت اقترحت أن تتعبى منذ تعرف حسام عليكم
ضحكت بوجع وأنا لا أقوى على الحديث وقلت تتمنين تعبى لكى يشفى أخاك
ضحكت قالت والله كنت خائفة وهو يقودها وضعت يدى على قلبى حينها
دخلت سهام بالأولاد وكانت قد هاتفت والدتى واخوتى ولحقوا بى فى المشفى التفوا حولى وشكروا حسام على سرعة تدخله وانقاذى
أنا حقا ممتنة له قاد السيارة لينقذ حياتى برغم أنى أعرف أنه كان قد كره قيادتها
كنت أشعر بالحرج كل مشاريع رحلتهم فسدت بسبب مرضى وحين عدت مع أهلى رافقونى فى العودة
مرت الأيام التالية ببطء شديد على روحى كان موعد زفاف عمر يقترب جدا وقلبى يزداد توترا وألما .
ها أنت يا عمر  ستبدأ حياتك مع أخرى فى ظروف لا تشبه أبدا تلك التى أجبرتنى على العيش فيها ستتعلم من أخطائك الماضية في حقى وربما لن تتعلم أبدا لكن كل ما أعرفه أنك ستتأذى كثيرا فأنت تستعد لبناء حياتك الجديدة على أنقاضى أنا.
قبل أن تخطو لحياة جديدة كان عليك أن تغسل يديك من ذنبى أولاً

فى بدايات انفصالى عن عمر عانيت كثيرا لم أكن معتادة على الوحدة أنا التى كنت أخاف من كل شيء بين ليلة وضحاها وجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه الصعاب حولى من كل ناحية حاولت كثيرا أن أملأ وقت الفراغ حتى لا أمت حزنا من التفكير إلا أن الذكريات كانت تداهمنى بالليل حين ينام أولادى تبدأ الذكريات والأحزان فى التدفق كنت أبكى على وسادتى حتى أنام ترى من سيحاسب على كل هذا يا عمر تجنبت التجمعات بقدر المستطاع فقد كنت حديث النساء في التجمعات يتهامسن ويسخرن من ما فعله زوجى بى حتى إن واحدة منهن بعدما صافحتنى أنا ووالدتى خطت للأمام خطوات قليلة ثم عادت مسرعة تضع يديها على رأسى قائلة حزنت عليك جدا أنت جميلة لماذا يفعل زوجك بك هذا كنت أستمع يوميا لمثل هذه التعليقات السخيفة حتى كرهت الخروج من البيت لا أحد يعلم كيف يمر يومى وكيف أستقبل دخول الليل باحزانه وأوجاعه لم أفكر فى الزواج ثانية لأسباب عديدة أهمها الأولاد ما ذنبهم انى اخترت رجلا فاشلا وتزوجته هل أبحث أنا الأخرى عن نفسى وأتركهم للمجهول انهالت على عروض الزواج بعد الانفصال ولكن كنت أرفض ومع كل عرض كنت أتلقى اقتراحات حول الأولاد فهناك من يرى انني سأفني شبابي فى تربية الأولاد وفى النهاية سيرحلون لأبيهم فمن الأفضل أن أرميهم الآن كانت تقال لى الكلمة هكذا صار أولادى كالقمامة تحتاج أن أرميها هل هناك من يرمى أطفاله حتما لو هناك فسيكون حتما  الرجال
لا أتخيل أن هناك امرأة تستطيع رمى طفلها إلا لو كانت تتمتع بقلب رجل كما تلقيت اقتراحات باستضافة أولادى صار على أن أوزع صغارى حتى أستطيع الزواج كانوا يقسمون الصغار ويتجرؤن على قولها أمامى وكأنهم فقدوا أمهم لكى أتركهم لأى شخص يربيهم أو يقول أحدهم بمنتهى السخافة إن كنت لا تقبلين بكل تلك الحلول عودى لأبيهم !!!
أى أب هذا الذى أعود له الرجل الذى أهاننى أم من رمى أولاده وامتنع عن الإنفاق عليهم وحين علم بأنى قاضيته ترك عمله لكى يخسف نفقة الصغار واختبأ كى ينتابنى اليأس فى تحصيل الفتات منه وما زال يعتبر نفسه رجلا
ربما أحببتك يا عمر كثيرا لكنى تعلمت أن أحترم نفسى وأن لا أهينها أمام أحد إن كنت خضعت لك فلأنى كنت متيمة بهواك لكن كسري أمام الجميع لا أسامح فيه يا عمر !

يوم اغتالوا قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن