حسام

63 4 3
                                    


الفصل العاشر
*********************************
(حسام)

رأيتها في منامى تضحك وتشير لى بيديها لأنظر ناحية اليمين فلما التفت وجدت ابنتى  تمسك بيد رحمة وتقترب منى ثم تركت يدها وركضت ناحيتى قبلتنى وذهبت مع أمها
استيقظت من النوم أشعر بسعادة غامرة لم تكن أول مرة تأتينى ريهام مع طفلتى لكن شعرت أن هذه المرة وكأنها تبارك شعورا فى قلبى نما تجاه  رحمة التى تبدو قوية كالجبال رقيقة كالزهورتلك التى تكبرنى بخمس سنوات لكن تمتلك قلبا كبيرا  بعمر طفلة صغيرة إنها رحمة  التى أطاحت بجسدى وقلبى معا في آن واحد جعلتنى أفكر بها منذ أول يوم رأيتها فيه بعد غياب سنوات طويلة كانت فيهم مجرد زميلة لأختى الكبرى بدأ الأمر ولم ينتهى منذ نبض قلبي للمرة الثانية بحب رحمة.

مددت يدى وأخذت صورة ريهام ولارا وقلت ماذا قصدتِ يا حبيبتى؟
خفت كثيرا أن أبوح بما يستقر بقلبى خفت أن تحزنى فقد عاهدتك أن لا ينبض قلبى لسواكِ لكن لم يكن بيدى !!!

كنت قداستلمت العمل في مدرسة أخرى بعيدة عن مكان اقامتى كنوع من تأديبى فأنا منذ عام ونصف وحالتى سيئة جدا منذ وفاة زوجتى وابنتى لا أعرف للراحة سبيلا أصحو وأنام على وجع وأتساءل لماذا نجوت أنا من الحادث وكأن الله أراد أن يعذبنى على خطئى اعكف على ارتداء ملابس سوداء منذ رحيلهما حتى صار الكل من حولى يلحظ هذا الأمر اخبرنى صديقى منذ فترة أن الذى أفعله لا يليق إلا بالنساء نظرت إليه بدهشة وقلت ألا يحزن الرجال؟لا أشتهى ارتداء ملابس ملونة صرت أكره الألوان فلتكن ملابسى انعكاسا لحياتى القاتمة بعد رحيل زوجتى وابنتى كنت في طريقى لاستلام عملى الجديد وصلت إلى المدرسة وقمت بالصعود لمكتب المديرة فطلبت منى تسليم الأوراق للإداريين ثم العودة إليها أثناء هبوطى لاسفل وجدت من تركض صاعدة لأعلى وقامت باطاحتى بشدة كنت حينها مشغول البال فلم انتبه إلا وأنا اقع بكل قوتى على الأرض كانت قد صعدت درجة واحدة والتفتت ترفع يديها  تتأسف ثم أكملت طريقها شعرت اننى أعرفها بدت مألوفة لى بعدها عرفت إن لها طفلا مصابا بالصرع وانتابته نوبةالصرع وكانت تركض لتنجده، ساعدنى الزملاء على النهوض وأخبرونى بذلك التقيتها فى نفس اليوم فى مكتب المديرة وتأسفت منى حين تعرفت علىَّ ثم تشاجرت مع المديرة وقامت بمغادرة المكتب كان صوتها يرن فى أذنى أشعر كأننى استمعت لهذا الصوت من قبل فى اليوم التالى لم تأتِ هى إلى المدرسة ولكنى حين دخلت إلى حجرة المعلمين نادتنى معلمة باسمى فالتفت إليها وقلت :هل تعرفينى؟
ردت وقالت نعم أعرفك جيدا ألست حسام شقيق نورة ؟!
قلت لها هو أنا لكن من أنت؟
أجابتنى أنا سهام كنا أصدقاء أنا ونورة منذ سنوات طويلة لا أعلم إن كنت تذكرنى أم لا
ابتسمت لها وقلت تذكرتك بالفعل تجاذبنا أنا وهى أطراف الحديث ثم عادت إلى مقعدها وذهبت أنا إلى مقعدى بعد لحظات قليلة قامت بالاتصال على تلك المعلمة التى قابلتها بالأمس عرفت أنها هى حين سألتها على طفلها وأخبرتها بأنها تحدثت مع أستاذة ليلى مديرة المدرسة وهى تتفهم وضعها جيدا وليست غاضبة منها شعرت بالاحراج من نفسى وأنا استمع لتلك المكالمة فقمت وخرجت من الحجرة ثم عدت بعد قليل كانت قد أنهت محادثتها كان يتملكنى الفضول عن تلك المعلمة فسألتها عنها فضحكت وأخبرتنى أننى بالفعل أعرفها كانت صديقة لنورة ايضا إنها رحمة حين اخبرتنى أستاذة سهام عنها تذكرتها بالفعل حقا أنا أعرفها وتعاملت معها فيما مضى كانت فى السنة الأخيرة بالجامعة حين كنت أنا فى الثانوية العامة وأحيانا كنت اطلب منها أن تشرح لى بعض المسائل نظرا لأنها كانت ستصبح معلمة لكن تخصصها غير تخصص شقيقتى .
تقابلنا فى بداية الأسبوع الجديد حين دخلت حجرة المعلمين ألقت الأستاذة سهام التحية علىَّ ثم وجدتها تنفجر ضاحكة بعدها بثوان قليلة
علمت أن رحمة اعتقدت أنها تعرفنى وسألت سهام عنى وهكذا تعرفنا إلى بعضنا البعض
‏كنت لم أتحدث لشقيقتى منذ وقت طويل ربما شهرا للحقيقة هى من تحادثنى وتسأل عنى لكن بعد رؤيتى لرحمة وسهام طرأت نورة فى بالى وقمت بمراسلتها وأخبرتها أننى قابلت صديقاتها فى المدرسة الجديدة وبعدها طلبت منى رحمة طريقة تتواصل بها مع شقيقتى عادت صداقتهما مرة ثانية ثم جاء اليوم الذى جعلنى أفكر في رحمة كثيرا كانت تقف معى تتحدث حين أتاها اتصال استأذنت بعدها ورحلت شعرت بالقلق عليها فقد بدت متوترة كثيرا هاتفتها فى نفس اليوم وكان صوتها يوحى بأنها تبكى قلقت كثيرا عليها ثم تركت رسالة لنورة كى تطمئن عليها لكن لم يصلنى رد فاتصلت بسهام وأخبرتها
‏بعد أسبوع عادت رحمة إلى المدرسة كنا في العطلة الصيفية ولا نذهب على الدوام صرت اختار الأيام التى تحضر هى بها لا أعلم لماذا كان يجذبنى رقتها لو أخبرها أحدا قصة حزينة تسيل الدموع من عينيها بغزارة رحمة عفوية جدا أذكر أن سهام فى مرة أعطتها الهاتف تشاهد مقطعا عن برنامج خيرى ما إن استمعت رحمة للمرأة تقص حكايتها حتى انهارت وبكت أى قلب رقيق هذا؟؟
‏كنت أظن أن هذا النوع من النساء غير موجود زوجتى رحمة الله عليها كانت مثالية ورقيقة  ولكن لم تكن حساسة جدا مثل رحمة

‏وحالة رحمة ميزة كبيرة في نظرى لكنى كنت أشفق عليها مثل هذه سهل جرحها بسرعة وأعتقد أنه حدث ذلك فعلا كل شيء يبدو جليا مثل هذه المرأة لا تغادر رجلا أحبته إلا لو أذاها بشكل كبير

توطدت علاقتى برحمة بحكم أننا زملاء فى العمل وندرِّس نفس المادة كما أن علاقتها السابقة بشقيقتى نورة ساعد في توطيد تلك العلاقة
كان موعد الزيارة السنوية لنورة قد اقترب كثيرا واتفقت رحمة معى إنها ستقوم بزيارتنا حين تأتى نورة .
فى ذلك الوقت ذهبنا إلى التدريب الصيفى فى الإدارة التعليمية كانت علاقة رحمة رسمية جدا مع كل المعلمين بالمدرسة ربما كانت تحمل قدرا بسيطا من الود معى لأنى شقيق صديقتها وأصغرها بعدة سنوات كان هذا واضحا جدا
بعد أن أنهينا ذلك التدريب كانت نورة وصلت من السفر وصارت بالبيت  زارتنا رحمة مع أولادها وسهام حَرِصْتُ يومهاعلى التواجد في منزل والدتى للحق لم أنس ريهام لكن شغلت رحمة معظم تفكيرى كنت أحاول طرد تلك الأفكار من بالى أعلم أنها كانت تحب زوجها السابق وربما مازالت تحبه حتى الآن لأنها لم تتزوج شعرت أن هناك شيئا من االاعجاب بدأ ناحية رحمة لكن كنت اخاف كثيرا من إظهاره ثم علمت أن نورة اتفقت مع رحمة وسهام للذهاب إلى مصيف لمدة أسبوع فطلبت من نورة أن أذهب معها وتكون فرصة أغير بها نفسيتى قليلا رحبت نورة بالفكرة جدا وخاصة انى كنت فى حالة اكتئاب لفترة طويلة وبالفعل سافرنا كلنا كانت سهام مع زوجها ورحمة مع اولادها وأنا مع شقيقتى نزلنا فى نفس الفندق كانت النساء يقضين الوقت معا وأنا وزوج اختى تعرفنا على هشام زوج سهام وكنا معا معظم الوقت لا نجتمع إلا وقت الأكل وربما فى المساء .
فى اليوم الثالث أيقظتنى نورة منتصف الليل وقالت ارتدى ملابسك يا حسام وتعال بسرعة قلت لها ما الأمر قالت رحمة متعبة جدا اشتباه فى زائدة وهاتفتنى سهام لكى تخرج معها للمشفى فاقترحت أن تبقى هى مع الأولاد واذهب أنا مع رحمة فقلت خيرا فعلتِ دقائق وأكون عندك

قلقت كثيرا عليها اتصلت بالاسعاف لكنها تأخرت  فخفت كثيرا عليها كانت تبكى من الألم طلبت أن تصعد نورة لتنزل سهام وتقود سيارة رحمة فطلبت أن اقودها أنا لا أعرف كيف طلبت هذا بسرعة خفت ألا ابقى معها لو غادرت نورة لن أستطيع الذهاب معهما وبالفعل كانت زائدة ودخلت رحمة حجرة العمليات هاتفت نورة سهام وأخبرتها وقامت سهام بابلاغ أسرة رحمة التى جاءت مسرعة فور سماع الخبر.
ثم  عادت معهم برغم أنى خفت كثيرا إلا أننى وبفضل ذلك اليوم تأكدت أننى بدأت أحب رحمة ولم أعرف كيف ومتى ولماذا ؟
كل ما أعرفه أننى وجدت ضالتى المنشودة فيها استطعت حب الحياة والتعلق بها ثانية

شعرت بفرحة غامرة حين علمت أن طليق رحمة تزوج كنت بالمدرسة حين جاءت إحداهن تسأل عن رحمة فخرجت لها رحمة ثم عادت بعد وقت قصير وهاتفت سهام واخبرتها أن خطيبة عمر قد دعتها لحفل الزفاف يبدو أن رحمة كانت مترددة في مسألة الحضور لكن بعد دقائق من الحديث مع سهام كانت موافقة واتفقت معها على الترتيب لكل شيء كنت استمع لحديثها وأخشى أن تلاحظ أننى منصت لها.

الحب لا يولد في لحظة الحب يولد حين نشعر بالاطمئنان حين يكون هناك شخصا واحدا قادرا على أن يكون وطنا لنا نسكن إليه ويلملم شتات أرواحنا نعرى ضعفنا أمامه ثم لا يستغل هذا الضعف ويبتز مشاعرنا به الحب احتواء وليس امتلاك .

‏ربما لم أختبر كل هذا معهابعد  لكننى شعرت بالاطمئنان وهذا كل ما كنت احتاجه كنت أشعر أن قلبها يسع كل أحزانى ويستطيع تبديدها الكل يلجأ إليها الكل يطلب مشورتها كانت قادرة وبرغم أحزانها أن تهدى كل من حولها الحب بلا مقابل تعلمت من رحمة أن فاقد الحب يستطيع منحه بمنتهى السهولة.
‏بكلمات بسيطة منها لى بعد حديث من نورة معها  استطاعت تضميد جروح قلبي حين حدثتنى عن أن الحياة لا تقف ولا ينبغى لها أن تقف وأن ما حدث لى اختبار من الله ليرى مدى صبرى وتحملى ربما سمعت تلك الكلمات من قبل كثيرا لكن كان لها وقع مختلف على قلب من رحمة يبدو أننى حقا غارق فى حبها لكنى أخشى مصارحتها أخاف أن لا تقبلنى واليوم أشعر أن ريهام تشجعنى على أخذ تلك الخطوة .
‏فى اليوم التالى بالمدرسة كانت تجلس مع بعض الزميلات وكانوا قد أرسلوا إحدى العاملات لجلب بعض الأشياء من خارج المدرسة كانت رحمة تنادي كل العاملات الأكبر منها في السن بأمى
‏فلما دخلت تلك العاملة قامت رحمة وقالت أنت التى أحضرتِ الأشياء لما لم تخبرينى يا أمى أن لا يوجد غيرك يحضره
‏فابتسمت المرأة وقالت وهل عندى اعز منك لأحضر له ما يريد عوضك الله بمن يستحقك يا حبيبتى وأراح الله قلبك وجبر خاطرك
‏فاحتضنتها رحمة وقالت الجزء الثاني من الدعاء فقط  سأقوله عليه آمين
‏أما الدعاء الأول فأبدليه بأن يفرح قلبى وأولادى فقالت المرأة ويفرح أيضا بالزوج الصالح فبادرتها رحمة ضاحكة لا يا أمى جربت حظى مرة ولا أعيدها ثانية خرجت العاملة وشبت نار في قلبى
‏وصرت أخبر نفسى لماذا لا تعيديها يا رحمة كيف أطلبها منها بعد ما قالته ظللت حتى حلول الليل أفكر كيف أصارحها بحبى فكرت في بادئ الأمر أن أتحدث مع نورة ثم أجعلها هى التى تخبرها لكنى خفت أن أسبب حرجا لشقيقتى أو لرحمة لو رفضت ثم فعلتها ولا أدرى كيف جاءتنى  الجرأة على فعل ذلك……………
‏(يتبع)
‏#رواية
‏#يوم_اغتالوا_قلبى
‏#منى_وهبه

يوم اغتالوا قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن