الفصل الرابع

4.3K 83 5
                                    

أصبح له هوية.. هذا ما تفعله العائلة.. تقدم الأسرة الكبيرة هوية أسرية لمن لا هوية مهنية أو علمية أو فردية له.. من ليس لديه سبب ومصدر للاعتزاز الذاتي، يعتز باسم أسرته، ومن عجز عن الحصول على مكانة مرموقة من خلال الانتماء إلى المؤسسات الاجتماعية، يفخر بمكانته لأنه فقط ينتمي لعائلة لها مكانة وأسم.. شيء افتقده طوال عمره.. شيء أكتمل داخله الآن.. هاهو لبنة من لبنات عائلة كبيرة.. رغم الشقاق بينها ولكنه عروة من عراويها.. جزء ثابت منها.. شيء جعله أقوى.. لن يموت وحيداً بهذا الكون سيكون هناك من يربت على ظهره في حالة المرض.. سيكون هناك له أم تأخذه في أحضانها ربما لا تكون أجمل أم لكنها في قلبه ملكة النساء فهي أمه.. دار بعينيه في البهو الفسيح سعيد راضي حتى لو كان مازال غير معترف به خارج جدران هذا الدوار العتيق ولكنه راض مدرك أنه لم يعد نسي منسياً.. كان فقط ضائع ووجدوه.. كان هناك من يبحث عنه وينتظره.. عائلته هنا تحتاجه.. ربما يستطيع إنقاذ حياة سنمار بالرغم من كل شيء يبقى ابن عمه.. بالنهاية العائلة هي الوطن الحقيقي..

نظر لخاله الرجل الذي يبدو عاد من الموت ليفك أحجيات كثيرة.. وجده يغادر خلف هذا الهارب بسيارته..

هرول منصور خلف خاله راشد حين هرول منادياً على هذا المجنون الذي غادر وصوت سيارته يزمجر بالطريق يعترض على كل ما حدث بهذا المنزل..

" خالي لن تلحقه ".

سمع راشد صوت منصور حين وقف خلفه.. أدار له رأسه وداخله شيء جديد سعيد لوجوده حوله ومعه.. كأن لقب الخال الجديد على أذنيه لحن للبقاء.. حنين تدفق داخل أوردته يحثه على استكمال الطريق لجمع شمل عائلته جميعها.. لن يقف على جانب الطريق ويختار المشاهدة كما الماضي.. يحمل نفسه ذنب ضياع شباب عائلته فلولا صمته ما كان حدث ما حدث.. فضل الصمت والسير بظل الجدران المهترئة ولكنها كانت تتجمع تتظره لتسقط على رأسه بالنهاية.. كان يعاقبهم بصمته لانهم جميعاً شاركوا بضياع حبه وابنه.. لكن الآن لم يعد هناك بالعمر بقية للإنتظار وكل هؤلاء مسئوليته.. استمر على تحديقه لبرهة يلتقط صورته داخل هذا الشاب هو ابنهم تفاصيله تفاصيلهم حتى وسامته السمراء جمعت بينهم ذات العين مثل جميع أولاد العائلة.. ثم ربت على كتف الرجل الشاب هاتفاً بقوة :

" خذني خلفه وحيد يا شبيه خالك ".

مالت رأس منصور على الكف الرجولية القابعة على كتفه لتلثمها شفتيه داخله شعور غامر بالإنتماء.. أخيراً يستطيع الصراخ أن لي عائلة لم أعد وحيداً بالصفة.. حتى بأسم وحيد تفرد جديد متى ينزع ثوب منصور شوقي من حياته.. سحب راشد كفه قبل أن تصل إليها شفتي منصور ورفعها ليربت على جانب وجهه واعداً:

" لم يعد للصمت مكان.. سوف نجد والدك.. أعدك بهذا ولو كان أخر عمل لي بالدنيا سأعيده إليك ".

همس منصور بحشرجة مميزة لعمره :

" أعرف.. كنت أعرفك من زمن.. أبي لم يكف عن الحديث عنك بعد خروجه من السجن لكنه منعني من الحضور إليك.. كان خائف ".

ويحسدونني[الجزء الثالث من سلسلة حد العشق]!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن